وكنت قد أجريت حواراً مطولاً مع رئيس وأعضاء محكمة العدالة الناجزة وكان الزعيم محمد عثمان الميرغني قد قال لي أيام المعارضة للنميري إن الشريعة في غير يد أهلها وكان الصادق المهدي قد قال لي بعد انقلاب سوار الذهب, والغريب إن النميري عندما قابلنا بالقصر الجمهوري أثناء الاحتفال بالشريعة الاسلامية عرضت عليه تصريحه الذي نشرته في صحيفة البلاد السعودية ولم يبد أي استغراب لتصريحه العجيب هذا, وكان الترابي وقتها مساعداً للرئيس وهو من كان وراء فرض قانون الطواريء ولكني عندما سألته قال لي إن الطواريء أصبحت قضاء معتاداً وسيتم رفعها وفعلاً قام النميري بالغاء الطواريء دلالة على نفوذ الجبهة الاسلامية وزعيمها الترابي تلك الأيام لدرجة إن الترابي كان يتحدى قادة الاتحاد الاشتراكي الذي كان يقول عنه النميري إنه التنظيم الأوحد الذي لا يعلى عليه ولكن الترابي قال لي في تحدي سافر للنميري وقادة الاتحاد الاشتراكي إن الاتحاد الاشتراكي هو التنظيم الوحيد, ولكنه ليس هو التنظيم الأوحد في إشارة واضحة لنفوذ الاخوان المسلمين في السلطة..
وهكذا كان تطبيق الشريعة فاشلاً في عهد النميري والغريب إن البشير قال لي بعد انقلابه في السعودية إن النميري بدأ وطنياً ولكنه انحرف ولكن الأيام اثبتت إن النميري لم يكن فاسداً كالبشير الذي أفسده المؤتمر الوطني وبعض الاخوان الذين لم يتمكنوا من افساد النميري, والآن اقول للشيخ عبدالحي يوسف صاحب المسيرة المليونية لدعم الشريعة «الشريعة جاءتكم على طبق من ذهب أيام النميري وفشلتم في تطبيقها وجاءتكم مملحة أيام البشير والآن تفتشوها قروض»..!
هنالك خلط في الخلاف حول فصل الدين عن الدولة, فالدين المعاملة هو الذي نريده أن يقترن بالدولة فكل سوداني ولد مسلماً بالفطرة لم يهودانه أبواه أو ينصرانه أن لا يمكن ان يرغمه الاخوان المسلمون باسلام آخر يريدانه له وللدولة..!!