الاثنين، 29 أبريل 2019

مقالات:• المحطة الوسطى:الخلق عيال الله يا شيخنا عبدالحي..!!


ذكرت قبل ذلك إن النميري احتد معي في قصر المؤتمرات بجدة عندما كنت أحرر ملفاً اسبوعياً من صفحتين في صحيفة البلاد الاسبوعية أوائل ثمانينات القرن الماضي, وقال لي بالحرف الواحد أمام السيد عيسى مصطفى رحمه الله وأفراد الجالية السودانية إنه يكره الصحفيين خاصة الموجودين في دول الخليج ووصفهم بالكذب» وكان من ضمن مرافقي الرئيس النميري مستشاره الصحفي محمد محجوب سليمان ومولانا بابكر عبدالله مدير ديوان الزكاة والضرائب وأحد شيوخ الطرق الصوفية رحمه الله رأيت مريدين كثيرين يسلمون عليه في يده وكان النميري قد لجأ الى شيوخ الطرق الصوفية بعد تجربته مع الاسلاميين في الحكم وكان الترابي الذي أجريت معه عدداً من اللقاءات هو مساعد الرئيس النميري, وكنت قد حضرت المسيرة المليونية احتفاء بالشريعة واستقبلنا النميري في القصر الجمهوري وكنا قد لاحظنا إنه وصل مرحلة اعتقد فيها إنه فعلاً إمام المسلمين, بعد ذلك تواصل معي شيخ بابكر عبدالله بالتلفون من قصر المؤتمرات في جدة وأملاني تصريح من الرئيس النميري للصحيفة التي أعمل بها وهو تصريح غريب جداً واشترط علي نشر عنوانين رئيسيين للتصريح على النحو التالي: المانشيت الأول يقول: الرئيس السوداني لصحيفة البلاد: السعودية هي الدولة الاسلامية الأولى, والمانشيت الثاني يقول: لو كنت مكان دول الخليج لأرسلت الطيران لضرب ايران في 24 ساعة وطبعاً كان يقصد من المانشيت الأول ان السودان هو الدولة الاسلامية الثانية  بعد السعودية وإنه أي النميري إمام المسلمين في السودان والملك فهو إمام المسلمين في السعودية وكان التوتر على أشده بين دول الخليج وايران عندما دعا النميري دول الخليج لضرب ايران بالطيران ودكها خلال 24 ساعة وكل تلك التصريحات كانت تكشف في الواقع عن مدى الهوس الديني الذي تملك النميري وسيطر على مشاعره وهو ينفض يده من الاخوان المسلمين ويلجأ الى ما سواهم وكانت هناك حملة شعواء على قوانين سبتمبر والكباشي رئيس وأعضاء محاكم العدالة الناجزة التي بترت كثير من أيدى الجوعى بتطبيق حد السرقة..
وكنت قد أجريت حواراً مطولاً مع رئيس وأعضاء محكمة العدالة الناجزة وكان الزعيم محمد عثمان الميرغني قد قال لي أيام المعارضة للنميري إن الشريعة في غير يد أهلها وكان الصادق المهدي قد قال لي بعد انقلاب سوار الذهب, والغريب إن النميري عندما قابلنا بالقصر الجمهوري أثناء الاحتفال بالشريعة الاسلامية عرضت عليه تصريحه الذي نشرته في صحيفة البلاد السعودية ولم يبد أي استغراب لتصريحه العجيب هذا, وكان الترابي وقتها مساعداً للرئيس وهو من كان وراء فرض قانون الطواريء ولكني عندما سألته قال لي إن الطواريء أصبحت قضاء معتاداً وسيتم رفعها وفعلاً  قام النميري بالغاء الطواريء دلالة على نفوذ الجبهة الاسلامية وزعيمها الترابي تلك الأيام لدرجة إن الترابي كان يتحدى قادة الاتحاد الاشتراكي الذي كان يقول عنه النميري إنه التنظيم الأوحد الذي لا يعلى عليه ولكن الترابي قال لي في تحدي سافر للنميري وقادة الاتحاد الاشتراكي إن الاتحاد الاشتراكي هو التنظيم الوحيد, ولكنه ليس هو التنظيم الأوحد في إشارة واضحة لنفوذ الاخوان المسلمين في السلطة..
وهكذا كان تطبيق الشريعة فاشلاً في عهد النميري والغريب إن البشير قال لي بعد انقلابه في السعودية إن النميري بدأ وطنياً ولكنه انحرف ولكن الأيام اثبتت إن النميري لم يكن فاسداً كالبشير الذي أفسده المؤتمر الوطني وبعض الاخوان الذين لم يتمكنوا من افساد النميري, والآن اقول للشيخ عبدالحي يوسف صاحب المسيرة المليونية لدعم الشريعة «الشريعة جاءتكم على طبق من ذهب أيام النميري وفشلتم في تطبيقها وجاءتكم مملحة أيام البشير والآن تفتشوها قروض»..!
هنالك خلط في الخلاف حول فصل الدين عن الدولة, فالدين المعاملة هو الذي نريده أن يقترن بالدولة فكل سوداني ولد مسلماً بالفطرة لم يهودانه أبواه أو ينصرانه أن لا يمكن ان يرغمه الاخوان المسلمون باسلام آخر يريدانه له وللدولة..!!