السبت، 2 مارس 2019

مقالات: الولاة العسكريون في مواجهة نفوذ الدولة العميقة..!!


 (1) تداعيات الأزمة الراهنة في السودان،حملت السيد/ رئيس الجمهورية إلى مواجهة تفاعلات احتقان الواقع السياسي والإقتصادي والأمني بمنطق الصرامة والجدية من خلال خطاب ليلة 22 فبراير الجاري.
وقد احتوى الخطاب الرئاسي عدة موجهات وقرارات قُصِد (بضم القاف وكسر الصاد) بها احتواء الموقف بقبضة قانون الطواريء، وتنفيس حالة الإحتقان بعمل مكمدات باردة من شأنها أن تخفض درجة حرارة  الشارع العام في المركز وبعض الولايات التي شاركت العاصمة الخرطوم ظاهرة التظاهر والتجمعات الاحتجاجية...
           (2) تفاصيل كثيرة وتلميحات معلومة، حواها خطاب الرئيس المميز بعبارة (الصفرية) التي كانت لافتة من خلال تموضعها بتركيز في المسافة ما بين العبارات والكلمات.. كما إن غموض معناها كان محفزًا لشروحات أدبية وتعليلات على خلفية أن العبارة عالية التركيز من بين ثنايا الخطاب الذي استغرق (24) دقيقة،  كانت كفيلة بجعل قلوب المتابعين وخاصة السياسيين منهم في موضع الحناجر، على خلفية مشاعر كانت هجين ما بين الخوف والترقب والإنتظار.. وخاصة إن كثيرين منهم كانوا على ضفاف العشم بالوزارة والإمارة أو ما شابهها من مواقع الميزات النسبية..
        (3) وفي مقابل مخرجات الخطاب الرئاسي، رغم محدودية سقفها أبدى الشارع السوداني العريض ارتياحاً كبيراً  لتلك القرارات التي نقلت قطاعاً جماهيرياً عريضاً من خانة الأشواق والرجاءات إلى مربع التفاءل بإنفراج الأزمة على خلفية تغييرات هيكلية كبيرة ينتظر أن تطال الجهاز التنفيذي على كافة مستوياته الثلاث. التي تم حلها في اطار حزمة المراسيم الدستورية التي قصدت حداث عملية تغيير واسعة النطاق علي ملامح وسياسات مؤسسات الدولة، باعتبارها مراكز لصناعة القرارات ذات الصلة بتداعيات الأزمة الإقتصادية التي              استقرت في خانة المأزق السياسي الذي بات يهدد وبشكل كبير استقرار البلاد واستمرارية الحكومة ...
      (4) المراسيم الجمهورية التي افضت إلى تجديد موقع الرجل الثاني في مؤسسة الرئاسة، وادت الى حل الحكومة المركزية وحكومات الولايات وجدت حالة من الرضا، على أمل أن القادم يمكن أن يكون أفضل مما مضى.
ولكن خلافاً لتوقعات الرجاء دارت ماكينة مقاومة الدولة العميقة عكس عقارب ساعة الانتظار، فوجدت قناعة لدي المركز باتت اقرب الي الردة السياسية علي خلفية الموافقة علي اعادة الوجوه السابقة الي ذات المواقع الدستورية بالوزارات والمحليات.
هذه العملية اذا ما تمت بذات فهم بناء الراكوبة بالقصب القديم، سوف تخلف صدمة نفسية عميقة الاثر علي الممشي العريض للشارع العام الذي ينظر بعين الريبة والشك الي بعض الوجوه وخاصة تلك التي تم اعادة تدويرها لكثر من مرة..وتفاديا لي تداعيات يمكن ن تنش بسبب الصدمة الحرجة المركز مطالب بمراجعة هذه الخطوة بمنتهي الدقة والحرص..
    (5) ومالم تتم عملية عادة نظر بعيدة الرؤية بشأن مسألة عادة الحكومات المحلولة إلى المشهد، تصبح الأمور مرشحة للتصعيد من جديد، لأسباب مرتبطة بحالة غبن تراكمي للرأي العام بالمركز والولايات مقابل أداءٍٍٍٍٍ متدنٍ لكثير من شاغلي المواقع الدستورية، ظلوا خصماً على الوظيفة التي يشغلونها بدون قدرات وبلا رغبة في تغيير طريقة ادائهم المتراجعة، والامثلة كثيرة لشخصيات صاحبة أداء سالب بكل المقاييس والمعايير المعروفة في مجالات العمل العام..
وعطفاً على ماسبق سوف يجد الولاة العسكريون مزيدًا من المشقة التي قد تصل إلى مرحلة المقاومة في غالبية الولايات التي مازالت تتحكم فيها المنافع الشخصية بواجهات جهوية و قبلية في تحديد واختيار الاشخاص للمواقع العامة التي تحتاج الى القدرات والكفاءة أكثر من حاجتها إلى أي شيء آخر.. وفي مواجهة الدولة العميقة سوف يقف الولاة الجدد موقفاً أقرب إلى المنازلة منه إلى المفاضلة بين الحلول المرجوة لمواجهة تحديات المرحلة....والله يكضب الشينة.!!
                      (مع تحيات جماجم النمل)