السبت، 2 مارس 2019

مقالات:لماذا فوض الرئيس صلاحياته كرئيس لحزب المؤتمر الوطني لنائبه مولانا أحمد محمد هارون؟


*  سبق لي قبل يومين في سلسلة (من أجل الوطن 21) 26/2 و في فقرة بعنوان (قومية الرئيس) أن تناولت هذا الأمر و قلت بأن الرئيس سيفوض صلاحياته كاملة لنائبه للشئون التنظيمية. و قلت أيضاً أن هناك تعقيدات سياسية و قانونية تحول بينه وبين التخلي عن المؤتمر الوطني و عددتها في عددٍ من النقاط.
*  و قبل الخوض في أسباب التفويض يبرز سؤال مهم : لماذا اختار الرئيس مولانا أحمد هارون؟
*  في تقديري يرجع ذلك للآتي :
1/ ديناميكية أحمد هارون و قدرته على الفعل و مهاراته التكتيكية العالية.
2/ قدرته على العمل في الظروف الحرجة و تحمله للمسئولية و يمكن وصفه بأنه رجل المهام الصعبة. 
3/ مهاراته التفاوضية العالية و قد كانت له أدوار كبيرة في حلحلة العديد من الخلافات بين الحكومة و الحركة الشعبية في فترة تنفيذ إتفاقية السلام الشامل 2005-2010 و خلال تلك الفترة ربطته علاقات جيدة مع قيادات الحركة الشعبية و في مقدمتهم  باقان أموم و ياسر عرمان و الحلو، هذه العلاقات تؤهله لتولي ملف التفاوض مع الحركة الشعبية شمال بجناحيها (الملف يتولاه دائماً نائب رئيس الحزب للشئون التنظيمية منذ عهد دكتور نافع الذي وقع إتفاقية نافع عقار). خاصةً و أن الرئيس و في خطاب الجمعة دعا لحوار شامل من أجل تحقيق السلام.
4/ تدرج أحمد هارون في مواقع تنفيذية عديدة (وزير ولائي - وزير دولة - والي لولايتي جنوب و شمال كردفان)،، و بذلك فهو قد خبر العمل التنفيذي و يعتبر رجل دولة مقتدر. 
5/ يمثل أحمد هارون الجيل الرابع من الإسلاميين و هو جيل توفرت له فرص تدريب جيدة و شارك في الإنقاذ منذ يومها الأول خاصة في الأجهزة و المؤسسات الأمنية على مستوى الحزب و الدولة.
6/ ينتمي أحمد هارون لنفس مدرسة رئيس الوزراء أيلا و مدير الأمن صلاح قوش و هي مدرسة  براغماتية و لها قدرات تنفيذية عالية و تجيد تجاوز العقبات. و ربما أراد الرئيس أن تكون التوليفة التي تقود البلاد في هذه المرحلة الحرجة  أكثر إنسجاماً و قدرةً على الإنجاز.
7/ ينتمي أحمد هارون لأهل كردفان الذين يمثلون سنداً قوياً  للحكومة و حزبها، و تعتبر  كردفان صرة السودان و مركز ثقله الإقتصادي لما تتمتع به من موارد.
*  أعتقد أن هذه الأسباب مجتمعةً هي التي جعلت الرئيس يختار أحمد هارون نائباً له للشئون التنظيمية.
**  لماذا فوضه الرئيس؟ :
1/ يريد الرئيس أن يعطي إنطباعاً بأنه نفذ وعده بأن يكون على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية كما جاء في خطاب الجمعة.
2/ يريد الرئيس أن يتفرغ لرعاية مبادرة الحوار التي أعلنها في خطابه المشار إليه و كذلك الإشراف على حكومة المهام برئاسة أيلا.
3/ الخطوة تمهد للفصل بين الحكومة و الحزب و قد بدأ ذلك فعلياً بتكليف نواب رئيس الحزب في الولايات و المحليات برئاسة الحزب الذي كان يترأسه الوالي و المعتمد.
**  ما هو المطلوب من أحمد هارون؟ :
*  حسب قراءاتي فإن أحمد هارون مطلوبٌ منه الآتي :
1/ إعادة بناء المؤتمر الوطني - ربما بإسم جديد - بفكر جديد و قيادة جديدة (مع تجاوز كل القيادات السابقة) - و مرجعيات جديدة.
2/ فك الإرتباط مع الحركة الإسلامية التي يجب أن تتجه للعمل الدعوي و الإجتماعي بعيداً عن مؤسسات الدولة و إمكانياتها و تصبح مثلها مثل جماعة أنصار السنة. 
3/ فصل الحزب عن الحكومة و مؤسسات الدولة.
4/ إعادة بناء تحالفات المؤتمر الوطني (أو المسمى الجديد) مع مكونات الساحة السياسية السودانية.
5/ إستقطاب و إستيعاب القوى  الشبابية و إبتدار مشروع الحوار معها تنفيذاً لما جاء في خطاب الجمعة.
6/ قيادة ملف التفاوض مع الحركة الشعبية (شمال).
< <  هذا مجرد تحليل ، و ننتظر لنرى ما تحمله الأيام المقبلة.
 الجمعة 1/3/2019