الأحد، 3 مارس 2019

تقارير:قرارات الطوارئ الاقتصادية .. تراجع الدولار وثبات الأسعار


أعقبت القرارات الاقتصادية إعلان حالة الطوارئ ابتدأها الرئيس بضوابط  جديدة لـ(المواد البترولية والنقد الأجنبي والذهب) ، وأوضحت العقوبات للمخالفين  ثم أعقبه رئيس الوزراء واصداره قرار تخفيض الدولار الجمركي (20)%  خطوة ووجدت الترحيب من أصحاب العمل وبشر رئيس الوزراء  بعدها باصدار قرارات اقتصادية مرتقبة لإزالة الثغرات التي أضرت بالمسار الاقتصادي  والاتفاق على مراجعة الرسوم  واعقبتهم المالية واصدرت قراراً  لضوابط شراء القمح المحلي من المنتج مباشرة.
واعتبر خبير اقتصادي بأن  حالة الطوارئ ستحمي الاقتصاد السوداني من الخسائر المتمثلة في نقص الإيرادات العامة ، ودعا خبير اقتصادي آخر اصدار  ضوابط لاحكام السوق وفق العرض والطلب؛  بينما تباينت آراء خبراء اقتصاديين ما بين النجاح والفشل   في تصريحات صحفية  حول تطبيق حالة الطوارئ يمكن أن تحدث استقراراً اقتصادياً  بالبلاد. 
 ومن الملاحظ انخفاض الدولار في السوق الموازي عقب إعلان حالة الطوارئ واقترابه من سعر آلية السوق . 
أولى القرارات : 
أصدر الرئيس عمر البشير الإثنين الماضي  أربعة أوامر طوارئ تتعلق بحظر التجمهر والتجمع والإضراب وتعطيل المرافق، بجانب تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي عبر الحدود السودانية وحظر توزيع وتخزين وبيع ونقل المحروقات والسلع المدعومة خارج القنوات القنوات الرسمية.
ونصت الأوامر على حظر حمل أكثر من (3000) دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى لأي شخص مسافر عبر أي ميناء جوي أو بحري أو أي معبر بري .
وحظر حمل وحيازة ما يزيد عن 150 جرام ذهب مشغول لأي مسافر خارج السودان عبر أي ميناء جوي أو بحري أو بري. وحظر حمل أو حيازة أو تخزين أي كمية من الذهب الخام أيّا كان شكله من غير المرخص لهم بالتصنيع أو التصدير ، وطالبت الأوامر  كل من يحمل أو يحوز أي ذهب خام أيّا كان شكله أن يلتزم بالضوابط الصادرة من السلطات المختصة والتي تحدد ضوابط نقل الذهب من منطقة إلى أخرى أو التعامل فيه .
عقوبات : 
نص الأمر على أن كل من يرتكب أو يشارك أو يعاون أو يسهّل أو يسمح بارتكاب أيٍّ من الأفعال المحظورة بموجب هذا الأمر يعاقب بالإضافة لأي 
السجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات والغرامة و مصادرة العملة سواء أكانت سودانية أم أجنبية والذهب الخام والمشغول الذي تم ضبطه بالمخالفة لهذا الأمر ومصادرة أي وسيلة تم استخدامها في ارتكاب الفعل المحظور.
وبخصوص الأمر الرابع فيحظر توزيع وتخزين وبيع ونقل المحروقات والسلع المدعومة خارج القنوات الرسمية.
خفض الدولار : 
أول بادرة اقتصادية قام بها رئيس مجلس الوزراء محمد طاهر ايلا عند لقائه اصحاب العمل هي تخفيض من قيمة الدولار الجمركي 20% ؛ وأعلن رئيس الاتحاد العام لأصحاب العمل  سعود البرير، عن بشريات إيجابية للقطاع الخاص الوطني وللاقتصاد، والاتفاق على تخفيض قيمة الدولار الجمركي بنسبة 20% ( 18 إلى 15 ) جنيهاً
خطوة المهمة
اعتبر مجلس إدارة اتحاد أصحاب العمل السوداني قرار تخفيض الدولار الجمركي من 18 جنيهاً الى 15 جنيهاً بالخطوة المهمة التي تصب في اطار التصويب والتصحيح للإقتصاد الوطني ، ودعا الي مزيد من التخفيض للدولار الجمركي ليصل 10 جنيهات لتحريك وانعاش الاقتصاد، مشيراً الى أنه في السياسات الماضية تم رفع الدولار الجمركي إلى 18 جنيهاً من 6 جنيهات مما أحدث ضرراً وأثر على الحركة الاقتصادية ، وأوضح المقبول أن هناك حزمة مقترحات بين أصحاب العمل والحكومة ، في إطار التعاون والتنسيق لمواجهة التحديات وحل المشاكل الاقتصادية وتحقيق أهداف ترشيد الواردات وزيادة الصادرات .وأشاد المقبول بقرار تخفيض رسوم الموانئ إلى  50% وقال إنه يأتي في اطار تفعيل وتنشيط حركة الموانئ والصناعات الوطنية، وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة آثاراً  ايجابية لهذا القرار. إلى إنه تم اتفاق بين الحكومة والقطاع الخاص خلال اليومين الماضيين ،في لقاء رئيس الوزراء القومي محمد طاهر إيلا ورئيس اتحاد اصحاب العمل سعود البرير على تخفيض قيمة الدولار الجمركي من 18 جنيهًا إلى 15 جنيهًا، وخفض تسعيرة قيمة الأرضيات بالميناء بنسبة 50% لدعم الاقتصاد وتحريك قطاع الأعمال .
قرارات مرتقبة  : 
واوضح رئيس الوزراء في تصريح صحفي عقب لقائه رئيس الجمهورية ببيت الضيافة الاربعاء الماضي  إنه تم الاتفاق على عدد من الإجراءات والقرارات ذات الصلة بالقضايا الاقتصادية  التي سيتم انفاذها خلال الأيام القادمة ، للاطمئنان على إزالة الثغرات التي أضرت بالمسار الاقتصادي بجانب الاتفاق على مراجعة الرسوم التي فرضت على بعض السلع وما يتم من رسوم وضرائب في إطار السلطات والصلاحيات المشتركة.
وأضاف ايلا إنه اطلع رئيس الجمهورية على نتائج لقاءاته مع عدد من الولاة لتفعيل الإجراءات الخاصة بضمان وصول وتوفير السلع الضرورية بجانب الإجراءات التي ستتم فيما يتعلق بتحسين ورفع الكفاءة في تحسين الخدمات المباشرة للمواطنين.
وأبان أن اللقاء تناول توفير مدخلات الزراعة والنظر في الرسوم والجمارك التي تفرض على المدخلات الأساسية والمعدات الرأسمالية ومتابعة شراء القمح المحلي للاطمئنان على توفير 40% من احتياجات البلاد من القمح للعام الجديد ، وأضاف ايلا  إنه تم التشاور حول العمل المطلوب في مجال الحوار والتواصل مع الأحزاب المختلفة للاطمئنان على الوصول إلى صيغة تمكن من تشكيل كفاءات قادرة على معالجة قضايا الوطن وتلبية آمال المواطنين.
شراء القمح : 
أول قرار أصدرته المالية بعد تطبيق حالة الطوارئ كان بخصوص  شراء القمح المحلي حيث أصدر مصطفى يوسف حولي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي المكلف قرار ضوابط شراء القمح المحلي بسعر التركيز المعلن، على أن يتم شراء القمح المحلي من المنتج مباشرة بسعر التركيز المعلن مسبقاً بإضافة( 50 ) جنيهاً للجوال ليصبح السعر الجديد 1850جنيهاً للجوال على أن يكون الشراء قاصراً على البنك الزراعي فقط لصالح المخزون الإستراتيجي ونص القرار بمنع شراء محصول القمح المحلي عبر المطاحن أو أي جهة أخرى غير المخزون الإستراتيجي.
وقطع الوزير بالتزام وزارة المالية والبنك الزراعي بتوفير المواراد المالية اللازمة لعمليات شراء القمح نقداً من المنتج مباشرةً بالسعر المعلن.
كما أكد الوزير استمرار الدولة في دعم المزارع المنتج وتوفير التقانة الزراعية المطلوبة لتطوير الإنتاج وضمان تحقيق الأمن الغذائي للمواطن في سياق التزام الدولة بتوفير السلع الإستراتيجية.
تحقيق العدالة : 
وفي أول اصريح للنائب الاول  للرئيس الاربعاء الماضي قال الفريق أول ركن عوض ابن عوف، إن حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس عمر البشير تهدف إلى "تحقيق العدالة وتسهيل الإجراءات في مواجهة كل ما يخل بنظام الدولة وليست معنية بالاحتجاجات"واضاف الطوارئ تم إعلانها بعد الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد وكشف عن تلقيه  توجيهات من البشير تتعلق بمهامه خلال المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن المستقبل القريب سيشهد توحيد الجهود بين مؤسسات الدولة كافة لتجاوز التحديات.
وقال الطوارئ  فرضت بعد حل الأزمة لأنها تعني السوق والتهريب، وكل ما يخل بتماسك الدولة والأمن والأمان والأحكام، ولكن هي ليست معنيا بها المظاهرات، والمقصود منها استقرار البلد، ولا تعني الظلم وإنما تعني العدل وسرعة الإجراء". 
انخفاض الدولار :
واصل سعر الدولار في السواق المُوازي بالخرطوم انخفاضه عقب اعلان حالة الطوارئ  واقترب من سعر آلية صناع السوق (47,50 ) جنيه ،اذ وصل  سعر بيعه (55- 53) جنيه ، وكشف بعض المتعاملين عن حدوث ربكة في سوق العملات واختلاف تقديرات افراده ففيما يرى البعض الاحتفاظ بما لديه من عملات الى حين اتضاح الرؤية سارع البعض الاخر للتخلص من ما عنده من عملات خوفاً  من تكبده خسائر حال واصل الدولار انخفاضه وانحسر  نشاط تجارة العملات بصورة لافتة ، واختفى السماسرة اللذين يلوحون بالاوراق النقدية وينادون (دولار دولار) بالسوق العربي وشارع الحرية من المُتعاملين وسوق الكلاكلة اللفة أمام قسم الشرطة وساحة البنوك ، وعزا البعض غياب المتعاملين لخشيتهم من المُلاحقات الجنائية والقانونية وفقاً لقانون الطوارئ الذي يحظر الإتجار في النقد الأجنبي.
ويذكر أن  انخفاض سعر الدولار الأميركي في السوق الموازية مقابل الجنيه السوداني في يومين عقب الاعلان لحالة الطوارئ  من ( 70 - 65 ) جنيها للدولار، و انخفض سعر اليورو إلى 75 جنيها بدلا من 80 جنيهاً ، والجنيه الإسترليني من 87.45 جنيهاً بدلا من 95 جنيهاً .
انعكاس ايجابي: 
ووجدت قرارات الرئيس التأييد من الاجسام التشريعية  حيث أعلن رئيس المجلس التشريعي بولاية النيل الأبيض اسماعيل نواي السيد  تأييد المجلس لقرارات رئيس الجمهورية التي وصفها بالمخرج الآمن لحل قضايا البلاد الاقتصادية والسياسية وقال نواي لوفد المنسقية العامة للشرطة الشعبية الاتحادية أن قرارات رئيس الجمهورية ستنعكس إيجاباً على الوطن  ومعاش الناس .  
يمكنها الانقاذ : 
وقال الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز الفكي اعلان حالة الطوارئ سيحمي الاقتصاد السوداني من الخسائر المتمثلة في نقص الإيرادات العامة بسبب ضعف التحصيل الضريبي الذي يعادل نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بإجبار المتهربين ومتابعتهم لسداد الضرائب.
ثم إن إجراءات وترتيبات ستتبع الطوارئ لإعادة حصائل الصادر وتحجيم الاستيراد والاستهلاك من أجل إحداث توازن في الحساب الخارجي والميزان التجاري العام.
كما يعتقد أن إعلان الطوارئ يمنع المضاربات في عملات السوق الموازية للعملات الحرة مقابل الجنيه السوداني والسيطرة على سعر الصرف عبر الإجراءات القوية التي ستتوفر حينها. 
واشار الى أصدار الرئيس لأكثر من مرة قرارات بمنع الجبايات والرسوم على الطرق القومية، فيما عدا رسوم الطرق، ظلت الولايات والمحليات تتجاهل هذا الأمر الرئاسي، مما أقعد الإنتاج.
وقال  أعتقد أن ولاة عسكريين سوف يكونون أكثر انضباطاً فيزيلون عوائق الجبايات بصورة نهائية، فيخرج المنتج من أقاصي ولاية الجزيرة للخرطوم لا يعترضه معترض، ويجد بسوق الخضر جمعيات تعاونية تستلم منه إنتاجه وتعطيه المقابل المجزي، وتعرض الخضروات للمستهلكين بسعر مناسب للغاية.
بإمكان الإرادة السياسية، المستندة لسلطة الطوارئ القوية، أن تحول الاقتصاد للتعامل باليوان الصيني بدلاً عن الدولار الأمريكي، فيشرب تجار الدولار من البحر، وينخفض التضخم والأسعار، ويستقر الاقتصاد.   
الطوارئ يمكنها أن تنقذ الاقتصاد، شريطة أن تكون مع الشباب، وليس ضدهم.
ضبط السوق : 
 ودعا الخبير الاقتصادي د. مهدي الركابي الى اصدار  ضوابط لاحكام السوق وقال في حديثه للصحيفة نحتاج الى ضوابط تضبط السوق عبر آلية العرض والطلب ، واصفاً  اسعار السلع الضرورية بـ(اسعار احتكارية ) وأردف ليس أسعار نتجت للعرض والطلب يتم عبر اتفاق بين التجار .
واضاف المطلوب في هذه  المرحلة البحث عن آليه يتم من خلالها تفكيك النموذج الاحتكاري للسوق ويجب أن هناك مغالاة في سعر سلعة معينة يجب ان تتدخل لاعادة سعر السلعة وفق قوة العرض والطلب وتفعيل دور وزارة التجارة .
تباين اراء : 
وتباينت آراء  خبراء اقتصاديين  في تصريحات صحفية  حول  تطبيق حالة الطوارئ يمكن أن تحدث استقراراً اقتصادياً بالبلاد وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة النيلين حسن بشير إن "إعلان حالة الطوارئ سيصيب الاقتصاد السوداني في مقتل وسيمهد الطريق إلى ممارسات غير سليمة بتهريب الأموال من الداخل" ، وتساءل عن قدرة الحكومة على توفير النقد الأجنبي بعد قرارها خفض سعر الدولار الجمركي من 18 إلى 15 جنيها لأجل تمويل الواردات ، وسيكون مفعول حالة الطوارئ وإجراءاتها مؤقتاً  ريثما ينتهي إلى ما هو أسوأ، "لأنها ستعمل على مزيد من تحجيم النشاط الاقتصادي الذي يعاني ركوداً في الأصل".
ابعاد ايجابية : 
ويخالف المحلل الاقتصادي محمد الناير نظيره حسن بشير حينما يعتقد بوجود إيجابيات لحالة الطوارئ "على الرغم من أنها سترسل رسالة سلبية للمستثمر الأجنبي بعدم استقرار الاقتصاد في السودان ، ويرى الناير  أن حالة الطوارئ في بلاده ستكون لها أبعاد إيجابية ،معتبراً  بأنها ستكون إيجابية إذا ما استخدمت وفق البرنامج الذي وضعت من أجله حيث لن يجد القطاع الاقتصادي صعوبة في التعامل وفق القانون.
وقال إن الأوامر الصادرة بموجب الطوارئ إيجابية ومطلوبة لأنها سترفع من قيمة الجنيه أمام الدولار لكنه اشترط لتحقيق النتائج الإيجابية حصول الحكومة على وديعة استثمارية وزيادة الصادرات وتحفيز المغتربين وإنشاء بورصة للذهب.