الاثنين، 11 فبراير 2019

مقالات:جدلية الصحافة والسياسة

لا بد أن نتقدم بشكر جزيل للأخ الكريم علي حمدان ناشر صحيفة المستقلة على الإختراق الكبير الذي حققه بالنجاح الباهر الذي حققه المنبر الإعلامي الذي يرعاه ويستضيفه أسبوعياً  في دار صحيفته الأنيقة، ولم يبخل أبو آلاء على المنبر بشيء مما حباه به الله تعالى، فاستغل كل مواهبه وعلاقاته، ومقدراته في التواصل مع الآخرين فحشد للمنبر جمعاً غفيراً من زملاء المهنة، بتنوع رهيب، ثم استثمر ذات المواهب في استقطاب ضيوف ومتحدثين من الصف الأول، ثم أغدق على الحاضرين من فيض كرمه، ويحسب للأخ علي أنه تعامل مع هذا المنبر بأريحية فائضة، فاستضافه وظل هو في مقام الضيف، لا يتدخل في شيء إلا إكرام الضيوف الذي يكون على أرقى المستويات، ويتولى الخدمة بنفسه مع كبار موظفيه، كرم، وود الماحي، ومحمد، وغيرهم، فأهل المستقلة مقامهم في المنبر مقام الخدام لا أكثر، ولما طلب الأخوة في صحيفة الانتباهة استضافة المنبر، رحب أبو آلاء بطيب خاطر، وكان أول الحاضرين، ولما اقترحنا في منبر الانتباهة تنقل المنبر بين المؤسسات الصحفية، لم يبد علي حمدان أي تحفظ، فكان المنبر التالي في مباني صحيفة السوداني، ولم أحظ بشرف حضور هذا المنبر الذي شرفه رئيس مجلس الوزراء القومي السيد معتز موسى، حيث كنت مع الأهل في ولاية شمال كردفان نستقبل السيد رئيس الجمهورية ونشكره على وفائه بعهده، ورعايته لمشروع نفير نهضة الولاية الذي أنجز مشروعات المرحلة الأولى بامتياز، وهي (موية. . طريق .. مستشفى) ونقول له (كتر خيرك.. واصل سيرك) ونشكر معه أخانا أحمد محمد هارون، الذي رفع رأسنا عالياً، وصرنا مثالاً  يتمناه أهل كل ولاية. ولما قرر أعضاء المنبر عودته الى المستقلة، وبقاءه دائماً بها، لم يتردد أبو آلاء، ففتح داره أكثر مما كانت عليه من قبل، وكان المنتدى الأخير الذي خصص لمناقشة الأوضاع الإقتصادية بالبلاد، وتحدث فيه السيد مصطفى حولي وزير الدولة بوزارة المالية، والدكتور علي محمود عبد الرسول وزير المالية الأسبق، ورئيس اللجنة الإقتصادية بالمجلس الوطني، كان هذا المنبر من أكثر المنابر حشدًا، وهنا لا بد من شكر خاص للأخ الكريم بشارة جمعة أرور وزير الإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات، الذي ظل يشكل حضورًا جميلاً  في كل المنابر تقريباً، راعياً، وقائداً لمسيرة الإعلام في البلاد، ويتعامل معنا بصفته واحداً منا، وليس ضيفاً علينا، ولا رئيساً لنا، وهذا ما يزيده منا قرباً واقتراباً، وهذا ما جعلني أكتب هذا المقال على ملاحظته التي ختم بها المنبر، وكانت في مكانها وزمانها. 
ولقد لاحظ كثيرون ذات ما لاحظه السيد الوزير، وكان لهم ذات تحفظاته، وأنا منهم، وقد تكون تحفظاتنا أكثر مما أبداه الأخ بشارة، فبعض الزملاء خلطوا بين الصحافة والسياسة، وليس عيباً أن يكون للصحفي انتماء أو موقف سياسي، ولكن الصحفي مثل حكم الكرة، أو المعلق الرياضي، فلا يجوز له الانحياز لفريق على فريق، ولا أن يتحول إلى مشجع، فالمهنية تفرض عليه موضوعية يجب أن يلتزم بها، ثم أن الصحفي والإعلامي له منبر وسلاح أقوى من أسلحة الآخرين جميعاً ، فيفقد فعاليته إذا وضع سلاح القلم وحمل سلاحاً آخر، ويبدو أن الأخ أشرف عبدالعزيز رئيس تحرير صحيفة الجريدة اعترض يوم لقاء السيد رئيس الجمهورية على لقب (دوشكا) الذي كانوا ينادونه به على أيام الجهاد، والاستشهاد، فنضم صوتنا الى صوت الأخ الوزير وندعو الزملاء للتحرر من الهتافية التي لا تشبه الصحفيين المحترفين، وأعتقد أن مقالاً واحدًا في الصميم أكثر فعالية من كل الهتافات والعنتريات، وهذه لها أهلها، ولكن الصحفي له قلمه ومنطقه، الذي يمكن أن يهزم به كل المواقف المرفوضة سواء كانت من الحكومة أو المعارضة.
وما يدعونا لمناشدة الأخوة الزملاء التزام الهدوء والموضوعية، والنفس البارد، والمنهجية في منبر المستقلة الإعلامي، حرصنا على المحافظة على هذا المنبر، وتطويره، فهو لم يعد منبر المستقلة وحدها، ولا منبر علي حمدان الذي يصرف عليه من عزيز ماله الخاص، ثم أن الموضوعية والهدوء، تشجع المسؤولين للحضور والمشاركة، ولكن أن يظل البعض يتعاملون مع ضيوف المنبر المقدرين كما لو كانوا في (ركن نقاش) فذلك يجعل المسؤولين يبتعدون عن المنبر، فتكون خسارتنا أكبر من خسارتهم، ويخسر الوطن أكثر، وهو في حاجة لكل منبر حوار عف وشفيف، مثل منبر المستقلة الإعلامي.