الاثنين، 11 فبراير 2019

تحقيق:الصيدلية المنزلية ... أين الطبيب؟

صيدلاني : هناك أدوية تقل فترة صلاحيتها بمجرد فتح العبوة

طبيب : كثير من الأدوية لها تفاعلات ومضاعفات مميتة
مواطنة : ارتفاع اسعار الأدوية اجبر الكثيرين على استخدام الادوية المخزنة بالمنزل
تحقيق: شهلاء عثمان بخاري

فترة الصلاحية
مخاطر كثيرة قد يتعرّض لها كل من يتناول أدوية غير فعالة ، إما لانتهاء فترة صلاحيتها، أو بسبب سوء التخزين، رغم استمرار الصلاحية. إهمال الدواء وسوء تخزينه، سواء في البيوت أو المخازن أو الصيدليات، قد يؤدي إلى تغيّر في خواص المادة الكيميائية المكونة للدواء، والتي ينتج عنها عدم فعالية المادة الدوائية وتصبح بالتالي عديمة الجدوى وصلاحية الدواء تعرف بأنها الفترة التي تحددها الشركة المصنعة بعد عمل الاختبارات اللازمة لمكونات الدواء لمعرفة مدى فاعلية المادة العلاجية فيه، وتلك الفترة يكون فيها الدواء في قمة فاعليته، وقد تتراوح فترة الصلاحية من (12_60) شهراً من تاريخ صنع الدواء . ولكن الأخطر من ذلك لا يكمن في تاريخ انتهاء صلاحية الأدوية، ولكن في سوء تخزينها، حيث وردت بعض الاشتراطات في تخزين الأدوية مثل شرط حفظ الأدوية في الثلاجة التي تحفظ مجمدة في درجة تتراوح ما بين (2 _8) درجة مئوية، والأدوية التي تحفظ مبردة يجب حفظها في درجة حرارة تتراوح ما بين (8 _15) درجة مئوية، أما إذا كانت تحفظ في صيدلية بداخل المنزل فيتوجب حفظها في (25) درجة مئوية فأكثر . الآثار الناجمة عن سوء تخزين الأدوية تتضمن فقدان المادة الفعالة في الدواء أو السائل المذيب للدواء مثل تبخر الماء أو تبخر المواد المتطايرة وفقدان الدواء لمظهره الأصلي مثل تغير اللون وحدوث تغيير كيميائي يؤدي إلى حدوث التسمم. فبعد تصنيع الدواء، فإن أي تغيير في الشكل الخارجي للمستحضر قد يكون دليلاً على حصول تغيير في تركيبة المستحضر نتيجة لتفاعلات معينة بسبب سوء ظروف التخزين. فقلة فاعلية الدواء ترجع إلى سوء تخزينه، وليس من الضروري أن يكون الدواء المنتهي الصلاحية ضاراً بالصحة، ولكنه عديم الجدوى في الشفاء. فسوء تخزين الأدوية يغيِّر في الخصائص الدوائية من ناحية التركيب الكيميائي . كما إن الثلاجة في بعض المنازل تكون مكتظة بالأدوية اللازمة وغير اللازمة ومجرد أن يصاب أحدهم بأي نوع من الألم يتوجه مباشرة إلى تلك الصيدلية المنزلية ويتناول الدواء دون استشارة الطبيب أو تشخيص المرض ومن الأدوية شائعة الاستخدام والتي يتم حفظها في المنزل  مسكنات الألم والمضادات الحيوية والمنومات ومضادات الاكتئاب  والمهدئات النفسيه والعصبيه وأدوية الضغط  والتي تستهلك  بشراهة ومن دون وصفة طبية مما  يؤدي إلى اضطرابات خطيرة بل مميتة أحيانآ . فاستعمال الدواء من دون وصفة طبية ظاهرة اجتماعية غير صحية وخطيرة؛ إذ أصبحت هذه الظاهرة منتشرة في مجتمعنا وأصبح كثير من الاشخاص يشعرون بأنهم قادرون على معالجة أنفسهم اما بتناول بعض الأدوية المخزنة في المنزل أو باستعمال وصفات طبية بعيداً عن وصفة الطبيب المختص أو الصيدلي والتي قام  أحد المقربين أو الاصدقاء بوصفها لهم ولابد أن نتوقف لحظة لنعرف مدى خطورة هذه الأدوية  والتي تسبب الاصابة ببعض الأمراض الاخرى ومضاعفات نحن في غني عنها وآلاف المرضى يراجعون العيادات الطبية والمستشفيات بسبب الأعراض الجانبية أو حادث مرتبط بتناول الدواء للتخفيف من حدة هذه المضاعفات .
صيدلية المنزل
سوء تخزين الادوية في البيوت هو واحدة من المشاكل التي لا يعرف المواطن ابعادها ،ونسبة كبيرة من هذه الأدوية غالباً ما تكون منتهية الصلاحية،  وذلك نتيجة لتعرض هذه الأدوية لعاملي الحرارة والرطوبة، مما يؤثر في صلاحيتها. عدد من المواطنين تحدثوا عن تجاربهم في استخدام الأدوية المخزنة بالمنزل ... سعاد الطيب كادت تفقد بصرها نتيجة استخدام أدوية مخزنة في المنزل وقالت إنها دائماً ما تحتفظ بكل الأدوية في المنزل وعندما أحست ببعض الألم في عينها تناولت قطرة كانت قد  استخدمت جزء منها قبل فترة وتركتها بعد شعورها بأنها أفضل حالاً ووضعت ما تبقى منها داخل الثلاجة وبعد أن استخدمتها بدقائق تفاجأت بالتهاب شديد بعينها كاد أن يفقدها البصر  ومنذ تلك اللحظة علمت أن القطرة. لها فترة صلاحية محددة بعد أن يتم فتحها هذا إلى جانب ضرورة إنهاء الجرعة من الدواء وألا يتم التوقف عن استخدام الدواء عند الشعور بالقليل من التحسن . هنادي حسين لها تجربة مع صيدلية المنزل التي تحتفظ فيها ببعض الأدوية كثيرة الاستخدام، حيث تقول إنها شعرت بالتعب في أحد الأيام، فقررت إلقاء نظرة على الأدوية التي تقوم بتخزينها بالمنزل ، وبعد أن تناولت الدواء يوماً تلو الآخر، حتى طالت المدة لشهر بأكمله ولم تحس بأي فاعلية للدواء سألت الطبيب الذي أكد لها إن الدواء لم تنتهِ صلاحيته، ولكن بسبب سوء تخزينه فقد انعدمت فاعليته في الشفاء . يستحيل على البعض السير في أي مكان دون الاحتفاظ بعدد من أدوية الصداع التي بات الناس يستخدمونها بشكل يومي، في السيارة، وفي شنطة اليد أحياناً، بل يتطور الأمر إلى أن يصل بالشخص لأن يحتفظ بالدواء في ادراج مكتبه أحياناًً بدون أية مراعاة لدرجة حرارة الغرفة.
 فائزة عبدالله واحدة من ضمن الآلاف الذين يستخدمون أدوية الصداع عند الحاجة، ولكنها لا تحتفظ بمثل هذه الأدوية في المكان الطبيعي المخصص لها، حيث تضعها في أي مكان بالغرفة في متناول اليد ، واوضحت أن الصيدلي لم يرشدها إلى طريقة التخزين الصحيحة وأن طريقة الاستخدام هي أكثر ما يهم أغلب الصيادلة .
أسعار الأدوية
عفراء الدرديري  (طالبة ) أفادت في حديثها لـ (الوطن) وهي إن كثير من الاسر تستعمل الأدوية المخزنة بالمنزل من دون وصفة طبية باعتمادهم على وصفة قديمة تم وصفها لأحد أفراد الأسرة سابقاً وذلك حتى لا يذهب للطبيب وإن كان لديه تأمين صحي وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأدوية والتي يكون أغلبها خارج التأمين الصحي الذي لا يوفر  للمرضى غير البندول وبعض الأدوية والتي لا تجدي شيئاً على حد قولها فلذا يضطر المواطن المغلوب علي أمره  لاستخدام الأدوية المخزنة بالمنزل والتي يكون قد اشتراها بأسعار  مرتفعة ولم يحاول التخلص منها وكذلك لم يحاول معرفة تاريخ انتهاء الصلاحية ، وهذا نتيجة لعجز المواطن عن شراء الدواء لذا لابد أن تسعى الدولة لحل مشكلة الأدوية وتنفيذ سياسة مجانية العلاج. أما مناهل آدم (ربة منزل ) فأوضحت إن ارتفاع أسعار الأدوية أجبر الكثيرين على استعمال الأدوية المخزنة في المنزل من غير مراجعة طبيب وفي السابق كان في امكان المواطن شراء الدواء بسعر معقول إلا إنه بات من الصعب على المواطن البسيط  شراءه ، ونأمل أن ينصلح الحال حتى لا يضطر المواطن ليكون طبيب نفسه .
سقوط مفاجئ
وحتى ننظر إلى هذا الوضع بمنظار فاحص ودقيق إلتقينا بعدد من الأطباء والصيادلة حيث أشار د. يوسف كامل ( طبيب) إلى أن الحالة الأقتصادية التي تمر بها البلاد وقلة السيولة لها كبير الأثر  في ذلك مما أجبر المواطن اللجوء إلى صيدلية المنزل أو شراء الدواء من غير مراجعة الطبيب ؛ وهذا هو الخطر بعينه ويجب على الصيدلي ألا يتاجر بأرواح البشر ولا يعطي أي علاج من غير (روشتة) مختومة . فإذا قام  أي شخص بشراء أدوية بعيداً عن وصفة الطبيب أو الصيدلي أو قام بشراء الأدوية تحت اشراف طبيب إلا إنه أخذ جرعة أكبر من المحددة ففي هذه الحالة يكون قد أساء  استخدام الدواء ويكون له تفاعلات ومضاعفات مختلفة وهناك بعض الأدوية يكون من الخطر استخدامها مع بعضها مثل تناول أدوية الاحتقان والأدوية المنشطة معاً وكذلك الأدوية المضادة للالتهاب والتي تقلل من فاعلية الأدوية الخافضة لضغط الدم  وغيرها الكثير . ومن المضاعفات الأكثر حدوثاً السقوط المفاجئ على الأرض والنزيف المعوي الحاد . ابراهيم عمر (صيدلاني) أوضح إن هناك حوادث وأعراض جانبية خطيرة قد تكون ناتجة عن مشاركة أدوية عدة  من غير معرفة بعواقبها وخصوصاً إذا كانت هذه الأدوية فعالة فمثلاً اشراك دوائين من مضادات الالتهاب قد يعرض المريض لنزيف هضمي مميت وغيرها من الأمثلة  كثير وعندما يقرر أحد المرضى وحده ومن دون استشارة طبيب أن يكون طبيب نفسه ويعتمد على الصيدلية المنزلية والتي لا يكون بها طبيب فيجب أن يتوخى الحذر فكثير من الوصفات الدوائية تختلف من شخص لآخر فينتج عنها مضاعفات كثيرة وبعض الأدوية إذا استعملت لفترات طويلة وبجرعات كبيرة ومن دون الرجوع للمختص،  فقد يؤدي ذلك إلى تجمع وترسب  المواد الضارة بالجسم والكبد .
من جانبه استنكر الفاتح آدم ( صيدلاني ) استعمال المواطن لادوية قد تكون مميتة بحجة ارتفاع الأسعار وقال في حديثه لـ (الوطن ) إن المواطن يشتري الغالي والنفيس من كل شيء فلماذا يبيع روحه بحجة ارتفاع الأسعار التي طالت  كل شيء .فعند غياب التوعيه الطبية بالمنزل تكون العواقب وخيمة .
وأكد د.الفاتح أن هناك أدوية تقل فترة صلاحيتها بمجرد فتحها مثل قطرة العين، حيث تكون صالحة لمدة )14) يوماً من تاريخ فتحها، وقد يؤدي استخدامها بعد ذلك إلى إصابة العين بالالتهاب أو بعدوى بكتيرية ، وكذلك المضادات الحيوية التي تؤخذ عن طريق الشرب، والتي تتراوح صلاحيتها من أسبوع إلى (15) يومآ فقط من تاريخ فتح العبوة والمضادات الحيوية فترة صلاحيتها قصيرة جداً.