الثلاثاء، 12 فبراير 2019

تحقيق : سوق الخرطوم للأوارق المالية .. تحت المجهر !!


 المدير العام: (40) شركة تنضوي تحت السوق وعقوبات رادعة للشركات المخالفة!!
 خبير اقتصادي: سوق الخرطوم للأوراق المالية بعيد عن حركة الاقتصاد بالبلاد!!
 مستثمر في شهامة: هنالك تراجع للتداول في شهادات شهامة في سوق الأوراق المالية!!


تحقيق : هاني عثمان

ما تشهده البلاد الآن من تحرير لاقتصاد السوق وما يتبعه من تغيرات في أسواق المال، وما يترتب عليها من نتائج اقتصادية لها تأثير بالغ على الاقتصاد ، قد أدى إلى زيادة حدة المنافسة، وفي أحيان أخرى أدى إلى حدوث انهيارات مالية في سوق المال ، نتيجة قيام العديد من الشركات مثل شركات الوساطة بممارسات إدارية ومالية خاطئة، والتي تمثل نوعاً من التصرفات غير المهنية أو الأخلاقية من قبل الإدارة بصفتها وكيلا عن المساهمين، وذلك سعياً وراء تحقيق مصالح شخصية على حسابهم ، وفي أعقاب الأزمات الاقتصادية والمالية التي شهدتها البلاد والتي كان من أبرز أسبابها نقص الإفصاح وانعدام الشفافية وغياب المساءلة في الشركات، إضافة إلى استخدام أدوات مختلفة للتلاعب في السياسات المحاسبية قصد التأثير على البيانات المحاسبية، كان لابد من الإستعانة بآليات حديثة للإدارة والرقابة ، تساهم في تحسين جودة المعلومات المحاسبية المنشورة بما يرفع من مستوى الإفصاح، ليكون بذلك الأثر ايجابياً على مستوى أداء الشركات وعلى مستوى كفاءة السوق المالي وذلك من خلال حوكمة الشركات ، (الوطن) فتحت ملف سوق الأوراق المالية وحاولت عكس وجهات نظر خبراء ومختصين في مجال الاقتصاد واستطاعت الخروج بالحصيلة التالية..

* جذب المستثمرين!!

في شهر سبتمبر من العام الماضي كشف مدير عام سوق الخرطوم للأوراق المالية د. أزهري الطيب عن سحبه رخصة موظفة بإحدى الشركات عقب بلاغات الإحتيال المتعددة التي دونت في مواجهتها، وأشار إلى أنها أقرت بالإستيلاء على مبالغ طائلة منهم تصل إلى نحو 9 ملايين جنيه، موضحاً أن هنالك 40 شركة تنضوي تحت السوق وأن مهمة السوق هي فقط تجهيز البنيات الأساسية من قوانين ولوائح ومنح تراخيص للوسطاء والوكلاء ، وأوضح أن السوق له عقوبات إدارية تتخذ في مواجهة أي وسيط أو شركة مخالفة من بينها الإيقاف وسحب الرخصة، كما أنه في حال حدوث مشكلة بين العميل والشركة فإن الشركة تتحمل تبعات المشكلة.
 وتوقع خبراء اقتصاديين أن يجتذب سوق الخرطوم للأوراق المالية أو البورصة السودانية مدخرات الكثير من المواطنين وخصوصاً المغتربين العائدين إلى الوطن وبصورة نهائية مما يعني أنهم سيضعون كل شقاء العمر في هذا السوق خصوصاً بعد نجاح أسهم شركات مثل سوداتل في الفترات السابقة  خاصة وأن العديد من الأسواق المالية قد حدثت فيها كوارث أدت بالكثيرين إلى الموت أو الجنون بعد أن أضاعت الأسواق كل ما يمتلكون ، والشخص العادي يضارب بالأسهم
أو يسعى لعائداتها دون أن يتمكن من الإحاطة بكل المعطيات الفنية والمالية لسوق الأوراق المالية وآليات عمله.

* فكرة سوق!!

أقر وزير المالية الأسبق د. عبد الرحيم حمدي في حديث سابق بفشل الأهداف المخططة لإنشاء فكرة سوق الخرطوم للأوراق المالية في فترة الـ(23) عاماً السابقة، مبيناً أنه لا يمثل الاقتصاد السوداني، وأنه لا يزال سطحياً ومحلياً فقط، ويعاني من مشكلة في السيولة وضعيف ورهين بورقة واحدة وغير
ممثل للقاعدة الإنتاجية، وطالب الدولة بضرورة مراجعة السياسات التي تحكم عمل السوق والإسراع لعمل إصلاح.
وقال حمدي إن توفر السيولة هي المفتاح الرئيسي لنشاط السوق، وأقترح مجموعة من الحلول ليحقق السوق أهدافه  والتي من بينها توسيع سوق الشركات الخاصة بالسوق الثالث، وزيادة الإنتاج ليتماشى مع التضخم بالسوق وزيادة ضخ السيولة وتفعيل السوق الثالثة المتمثلة في سوق الشركات الخاصة، وتوسع مساهمة الصناديق الإستثمارية وإنشاء أسواق مالية فورية والتحول من السوق المحلي و وضع معالجات في سعر الصرف والسماح بإصدار أوراق أخرى بالسوق إلى جانب السماح لجميع شركات المساهمة العامة المسجلة لبيع أو شراء أسهمها.
 وأكد د. عباس القوني أن ثقافة الأوارق المالية لا زالت ضعيفة جداًً لأن الأوراق المالية والسندات والأسهم ثقافة المواطن فيها ضعيفة ، وهذا دور سوق الخرطوم للأوراق المالية لأنه لا يقوم بدوره تجاه الترويج والاعلام لتثقيف المواطن، وهذه أهدافه ومهامه في الأوارق المالية ونشرها ، وظلت الأوراق المالية في التعامل من فترة طويلة مع عدد محدد خاصة وأن قليل جداً من شركات الوساطة المالية غير مشجعة والمرحلة الحالية تتطلب مزيد من الأسواق المالية للنشاط الاقتصادي وعلى رأسها الأوارق المالية والتعامل مع الفوترة الالكترونية مع الأسواق العالمية عن طريق استخدام الانترنت في مجالات مختلفة، وهذا دور جهات الإختصاص بنك السودان و وزارة التجارة ونشاط مكثف بالتنفيذ مع الجهات المختصة مع وزارة المالية بتفعيل التعامل النقدي والمالية، وطالب القوني بعمل ورشة عمل خاصة بتطوير الأسواق المالية وتتطلب مزيد من الخبرات الاقتصادية والجهات المختصة وهنالك مشكلة هيكلة في شركات المساهمة العامة لأنها مملوكة لأسر إضافة إلى أن الأرباح الآن غير مجزية خاصة في الأوراق المالية وشهادات شهامة استثمارية، إضافة إلى شهادة صرح عجزت هذه الشهادات أن تفي للمساهمين بالتزامتها تجاههم وأثر ايضاً على الإقبال عليها كما أثر على تسويقها في وقت لاحق إضافة إلى الزخم والإهتمام الآن غير موجود لأن بنك السودان و وزارة المالية عجزت عن الإيفاء بالتزامتها فلابد من التطوير في أسواق المال والعمل بشفافية ومصداقية ومحاربة الفساد، إضافة إلى الترويج والاعلان عن ثقافة الأوارق المالية ومردودها كعمل كورسات تدريب في البنوك وايضاً إضافة منهج في المؤسسات التعليمية لنشر ثقافة الأوارق المالية.

* تراجع للتداول!!

يقول مستثمر في (شهامة) فضل حجب اسمه أن هنالك تراجع للتداول في شهادات شهامة في سوق الخرطوم للأوراق المالية  ويرى أن هناك تراجعاً كثيراً في الأرباح بسبب أنها لا تأتي في موعدها المحدد ، وأضاف أن الإدارة تنتظر حتى تأتي الاشتراكات الجديدة لتقدم لهم كأرباح، وقال لا يهمنا أن تدخل الشهادات في مشاريع تنموية لكن الأهم هو الأرباح لأنها أموال خاصة وليست أموال عامة تستثمرها الدولة في مشروعات قد لا توفر الأرباح، وتساءل عن أسباب تأخير الأرباح، وعزا ذلك إلى السياسة المالية.
وأكد المستثمر أنهم أحياناً ينتظرون أخذ أرباحهم من وزارة المالية ، ويقول مستثمر آخر شهادات شهامة كانت من أفضل الصكوك الإسلامية في السودان ، وكانت شهامة الملاذ الأول لكثير من الأسر والجهات الإعتبارية ، وبدأت قوية جداً، ولكن نكوص وزارة المالية عن دفع مستحقات المستثمرين هز
عرش الشهادة إضافة إلى التاثير على التداول في شركات الوساطة المالية وسوق الخرطوم للأوراق المالية.

* شهادات تداول!!

كشفت وسائلإعلامية عن تحقيق نشر مؤخراً عن التحريات العدلية عن تزوير في الميزانيات وشهادات تداول ملكية الأسهم، إضافة إلى إفادات المسجل التجاري حول الشركات المتهمة والتي تتبع لمؤسسات مصرفية كبرى ، فيما كشف المسجل التجاري عن شركة وهمية تم التداول باسمها بالإضافة إلى تفاصيل مثيرة حول قضية اختفاء الأسهم، حيث تشير الوقائع والمستندات إلى إكمال النيابة المختصة إجراءاتها القانونية في البلاغ رقم (12021/2017)،
تحت المواد (123/113/178) من القانون الجنائي، وهو بلاغ جاء في تفاصيله أن شركات الوساطة وبحسب الاتهام قامت بإبرام سبع عقود مزورة داخل سوق الخرطوم للأوراق المالية تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار، تم بموجبها تداول أسهم في شركة النيلين للتأمين، والشركة السودانية للتأمين.
وقد انخفض حجم التداول بسوق الخرطوم للأوراق المالية، (الأحد) الماضي ، من (21,894,016 )جنيهاً إلى (1,627,386)جنيهاً، بنسبة انخفاض (93%) في وقت أغلق مؤشر سوق الخرطوم مستقراً عند (13436.617) نقطة. وشهدت الأوراق المالية
المتداولة انخفاضاً من  (42,222) إلى (5,536)  ورقة مالية، بنسبة انخفاض (87%) وانخفاض عدد الصفقات المنفذة من (170) إلى (24) صفقة، بنسبة انخفاض (86%) . واستقر سعر صندوق الإجارة الإستثماري عند (10.1) جنيه، في حين سجل قطاع الشهادات الإستثمارية ارتفاع سعر إصدارتين، واستقرار سعر ثلاثة إصدارات من جملة خمسة إصدارات تم تداولها الأحد الماضي.

* مشكلة الترويج!!

قال المدير السابق لسوق الخرطوم للأوراق المالية عثمان حمد إن الإشكالية القائمة في سوق الخرطوم للأوراق المالية هي عدم رغبة الكثير من الشركات الخاصة والشركات المملوكة للأسر التجارية الناجحة ، وكان هناك عزوف من جانبهم في تحويل شركاتهم الخاصة إلى شركات مساهمة عامة ، والميزات
العديدة التي يمكن أن تتحصل عليها هذه الشركات نتيجة لعمليات التحول إلى شركات مساهمة عامة على رأسها بأنها ستحصل على تمويل مجاني غير مسترد ، مبيناً بأنه عندما يكتتب الشخص في أسهم هذه الشركة هذا الإكتتاب غير مسترد ويمكن أن يتحول من مستثمر إلى آخر ولكنه استثمار غير مسترد ، والرقابة على الشركات من مجالس الإدارات من الجمعيات العمومية، إضافة إلى رقابة البنك المركزي إلى جانب الميزات الأخرى  ، واشار حمد إلى أن هنالك مشكلة في السودان عموماً وهي مشكلة الترويج للأوارق المالية ، ونحن أول دولة إسلامية تصدر أوارق مالية مستوفية لكافة المتطلبات الشرعية وتستخدم كأداة لادارة السيولة أو لتمويل عجز الموازنة بالنسبة للدولة ، فلا بد من عملية تكثيف الترويج اقليمياً ومحلياً وعالمياً، وأن يتم توفير مبالغ معتبرة جداً لعملية الترويج حول نشاط السوق مما يساعد في جذب المزيد من السياح لتعريف المستثمرين بالمزايا المتوفرة لأوراقنا المالية.

* مبدأ الضباب!!

الخبير الاقتصادي والأكاديمى بروفيسور عصام بوب قال إن نشاط سوق الخرطوم للأوراق المالية بعيد عن حركة الاقتصاد في البلاد و واقع الأمر الآن غير موجود ولا يوجد نشاط تداولي في الأوراق المالية وهذا ايضاً مرتبط بأزمة السيولة النقدية وأداء القطاعات الاقتصادية في البلاد والآن مع ما هو جار في السياسات الاقتصادية في السودان لا نتوقع نشاطاً لسوق الخرطوم للأوراق المالية.
وأوضح بوب أن ثقافة الأوارق المالية أسست على مبدأ التمكين وهذا مبدأ الضباب لعدم الشفافية والفساد حقيقة الأمر أن اسواق الأوراق المالية أساسها التداول وسوق الخرطوم للأوراق المالية سوق محلي للتداول وأوراق مالية معينة وليس كل الشركات السودانية وهو يتعامل كدائرة مغلقة لم يصل صورة السوق المالي الحقيقي ، وأشار إلى أنه كان لي اقتراح قديم يتضمن ضم الذهب والمعادن لسوق الخرطوم وأن تفتح أبوابها للتدوال العالمي لكن هذا لم يحدث لأسباب عديدة منها احتكار قطاع الذهب والمعادن.

* الصرف الجاري!!

من جانبه أبان الخبير الاقتصادي د. محمد الفاتح أن سوق الخرطوم للأوارق المالية نشاطه موسمي وهنالك مشاكل في الدولار في السوق وارتفاع العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني ومن المفترض أن تسهم الأوارق المالية في التنمية لكنها على العكس لم تسهم في التنمية وهنالك اسهام في ارتفاع الأسعار  ، والآلية الآن داخل السوق عملها غير مفهوم ويعتمد على الظروف ومن المفترض أن يكون سوق الخرطوم للأوارق المالية سوقاً دائماً وبورصة للتعامل لكن العمل الآن موسمي والصرف في السوق عبارة عن صرف مرتبات وحوافز للموظفين.
 وتساءل الفاتح أين المراجعة أين الرقابة والمتابعة لسوق الخرطوم للأوراق المالية من الجهات المختصة والسوق يكون في حالة انخفاض وارتفاع والآن في عديد من الدول الأوراق المالية تسهم في التنمية و المشاريع الكبيرة بقوتها لكن في سوق الخرطوم لا يوجد المطلوب لأن التداول ضعيف والتثقيف بالأوارق المالية ضعيف والمنافسة غير موجودة في ظل التقنية العالمية في السوق لزيادة معدلات التداول في السوق و تثقيف الجمهور بالأوارق المالية في البلاد لأن الاعلام والترويج له دور في نشر ثقافة الأوارق المالية.
اما المحلل الاقتصادي كمال كرار  فأوضح أن شهامة الآن تنفق على الصرف الجاري وليس التنموي، ويرى أنها عبء على الموازنة والاقتصاد، وأن الدولة تضطر إلى طباعة الأوراق المالية كيفما اتفق لتسديد المال لحملة الشهادات، ويرى كرار أن ذلك يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية للجنيه بشكل تلقائي ويقول إن ديون الشهامة تزداد كل عام بسبب اتساع عجز الميزانية والحاجة لبيع أكبر قدر من هذه الشهادات، مما يزيد حجم المال الذي يسدد لأصل الشهادة وأرباحها من الميزانية كل عام ، وهو خصم على المال المفترض إنفاقه على التنمية أو الصحة والتعليم، وبهذا المقياس فشهامة تضر الاقتصاد ولا تنفعه.