الأحد، 10 فبراير 2019

حوار:رئيس اللجنة الاقتصادية للحوار الوطنى البرفيسور ابراهيم أنور في حوار مع (الوطن ) :

ميزانية العام نسفت لهذه الأسباب (.....)
الحكومة مركزة على (إطفاء الحرائق) ولا تنفيذ للسياسات الاقتصادية 
طباعة النقود فى ظل  هذه الظروف له أثر سلبي  على  المواطن
آلية صناعة السوق شكلية وليس لها معنى.. ولن تعود الثقة للمواطن فى المصارف ..

حوار : نهاد أحمد

البروفيسور ابراهيم أونور رئيس اللجنة الاقتصادية للحوار الوطني والمحاضر بكلية العلوم الادارية بجامعة الخرطوم كان له رأي  واضح حول  تفاقم الاوضاع الاقتصادية منذ  بدايتها وحتى استمرارها الى الان   فى أن الأزمة الاقتصادية هي أزمة سياسية في المقام الاول؛ وان هنالك مشكلة إدارة تتجلى في فشل المؤسسات الكبرى مثل بنك السودان؛ لأن البنك المركزي فى اي بلد مهمته ادارة سعر الصرف وادارة التضخم؛ وهذا لم يحدث في السودان حاليا وان البنك المركزي اصبح مطبعة عملة فقط وليس لديه اي مهمة؛ وان بنك السودان اصبح في الاونة الاخيرة موضع لصراع المصالح ووزارة المالية تريد ان تفرض عليه الهيمنة وتأتي بمن يخدم مصالحها لذلك فقد استقلاليته ويحتاج الى إعادة هيكلة موضحاً ان القانون يجعله مستقلا عن وزارة المالية؛ لافتا الى ان الديون التي تأخذها الحكومة من البنك المركزي في شكل طباعة نقود جديدة يفترض ان تسدد بعد كل ستة اشهر؛ منوها الى ان عدم السداد وتعثره جعل حجم هذه الديون يصل لاكثر من 16% من حجم الميزانية.
وقال إن هذا مثال واضح لفشل المؤسسات الاقتصادية وظل  أونور  يتمسك  بأنه إذا لم يكن هنالك اصلاح سياسي فلن يكون هنالك اصلاح اقتصادي، وإن وجد سيكون توصيات على ورق ...(الوطن ) اجرت معه حوار حول الراهن الاقتصادي  وكيفية الحلول  و المخرج  من هذه الأزمة الاقتصادية وتأثير الاحتجاجات على  الأوضاع الاقتصادية  فماذا قال :

   اصدرت الدولة  في الآونة الاخيرة الكثير  من السياسات لكن دون اي تنفيذ برأيك ماهي  الأسباب؟
في البداية يجب ان نتحدث عن  الميزانية  التي اجيزت خلال  هذا العام  فهي بالفعل   لم تنفذ   وذلك بسبب الصراع السياسي  الحاصل والاحتجاجات الاخيرة   الان فذلك  أثر او يمكن ان نقول انه  أضر بالميزانية بشكل  كبير جدا الان أو منذ شهرين منذ  بدأ الحراك السياسي فالدولة في حالة صرف  على  المسيرات أو المظاهرات  .
  هل يعني هذا ان الميزانية   نسفت  أو وجهت  لأشياء  اخرى  غير  التي اجيزت لها ؟
قطعا  نسفت او غيرت   الموازين  الخاصة بالموازنة نفسها، فالحكومة الان في مرحلة انها ليس لديها  موارد اضافية فبالتالي  انها مضطرة لطباعة المزيد من العملات لقفل  العجز الذي سيحدث خلال الفترة القادمة.
هل طباعة النقود لاتعود بمشاكل اقتصادية اخرى ؟
طباعة النقود التي ستدخل الى الاقتصاد  في ظل  هذه الظروف  وفي ظل توقف الانتاج  وكل الموارد الاقتصادية التي هي الان شبه متوقفة سيؤدي الى المزيد من الارتفاع في  التضخم والمزيد من انخفاض  اسعار العملة مما سيؤثر سلباً على حياة المواطن مما سيدعم الصراع الحاصل .
  بمعنى ان الحكومة الان ليست في موقف يسمح لها بتفيذ السياسات الاقتصادية التى طرحتها ؟
نعم هذا صحيح فالحكومة الان ليست في موقف  يتيح لها تنفذ السياسات الاقتصادية التي طرحتها مؤخرا ً  وذلك لحدوث مستجدات سياسية  كثيرة    فالحكومة الان  ستركز على (اطفاء  الحرائق) التي تحدث الان  ووفقا لذلك لانتوقع ان تكون الحكومة في وضع يجعلها تنفيذ السياسات التي اصدرتها في العام السابق .
  مقاطعة .. هل الحكومة الان ليست فى مرحلة اصلاح اقتصادي؟
بالطبع فالان  المعركة معركة صراع سياسي للسلطة فبالتالي انا  لا أبرر فشل الحكومة في ادارة الاقتصاد في ظل الظروف  الراهنة لكن هنالك مستجدات سياسية هي التي  تفرض نفسها على الواقع .
  هل  الأزمة الاقتصادية  الموجده الان أزمة سياسية؟
افتكر  أن الأزمة الاقتصادية هي أزمة سياسية في المقام الاول  فالسودان بلد غني  بموارده لكن هنالك مشكلة ادارة تتجلى فى فشل المؤسسات الكبرى مثل بنك السودان  فالبنك المركزي  في اي  بلد لديه مهمتان  الاولى ادارة سعر الصرف والمهمة الثانية  ادارة التضخم اذا (مسكنا) سعر  الصرف  فالبنك المركزي  ليس لديه اي سيطره عليه او اي  رؤية اما التضخم فالناس  اصبحوا فى رحمة التجار .
  فى تصوركم ما المردود الاقتصادي  الناجم عن الاحتجاجات ؟
المردود حاصل الان وهو يتمثل في الصرف  الاضافي  وطباعة كتلة نقدية جديدة والارتفاع في اسعار السلع  والخدمات وتدهور العملة الوطنية وخروج العملة من السودان كل هذا الان موجود بسبب الاحتجاجات ومتفاقم .
   اصدار الفئات الجديده  هل سيحل أزمة السيولة؟
لا أظنها ستحل  الأزمة  انا كان رأيي فيها ألاًّ تصدر مطلقاً فحل مشكلة السيولة  يكمن في ثلاث  حلول وهي تغيير العملة وتوسيع  عملية الدفع الالكرتوني وتسهيل عمليات  فتح  الحسابات البنكية هذه الأشياء إذا لم تنفذ لن تحل مشكلة السيولة مطلقاً  بل ستصبح أسوأ فأسوأ .
  البنك المركزي  اكد على معالجات  لإعادة الثقة في المصارف من قبل المواطن  ؟
لن تعود الثقة مطلقاً ستأخذ  وقتاً طويلا حتى تعاد الثقة للمواطن وحتى يتم معالجة المشكلة جذرياً يجب ان يتم اتباع الحلول التي ذكرتها سابقاً حتى تعاد الثقة للمواطن ويستطيع ان يودع في المصارف مرة أخرى كالسابق .
  تزايد ارتفاع سعر الصرف والتصخم كيف تفسره؟
هذا هو الشئ  الطبيعي  ليس من المفترض ان ينخفض  بل الشئ المتوقع  ان يرتفع  وليس ان ينقص فى ظل الصراع السياسي فحتى  المستثمر الذي يملك عملات اجنبية  سيخرج من الوطن.
  هل ترى ان توافد الكثير  من المستثمرين في الاونة الاخيرة من عدد من البلدان دون جدوى اقتصادية ؟
فى ظل  هذه الظروف السياسية اشك فى نوايا المستثمرين لأن البيئة غير جاذبة للاستثمار بالنسبة  لهم بأي  حال  من الأحوال  فالمستمثرين في ظل هذه الظروف  يأتوا ويملوا ارادتهم فهم في اعتقادي  ( يصطادون في المياه العكرة  زي  مابقولوا )   ويأخذ المستثمر  اكثر مما يستحقه وتقدم له تنازلات كبيرة ويستفيد  هو اكثر مما نستفيد نحن واغلبهم غير مستثمرين لفترة طويلة لذلك المستثمر في ظروف  مثل هذه يعلم بحوجتك اليه وبأنك ستقدم  له تنازلات اكبر  من التي تعرض عليه .
  الاقتصاد لم يستفد  بشكل  عام من رفع الحظر الأمريكي   لماذ؟ 
رفع العقوبات كان من المفترض  الاستفاده منه  خاصة في الحظر  المصرفي  وهذا لن يتم إلا بوجود صادرات بحيث  تباع في الأسواق  بعد ذلك تتم هذه الاجراءات عبر المصارف العالمية فإذا لم يكن لدينا صادرات او انتاج لايمكننا الاستفادة من أي شئ فلدخول  الاسواق  الخارجية الاروبية والاسوية  وغيرها لابد من وجود متطلبات  المعايير المطلوبة في الاسواق  العالمية وكل  هذه الأشياء  ليست لدينا، فرفع الحظر  كان من الممكن ان  يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي لكن فى ظل الظروف  الراهنة لن يساهم في تحسين الاقتصاد فليس لدينا اسواق  خارجية وليست لدينا صادرات ووارداتنا كنا نستوردها عن طريق سماسرة من هذه الناحية كان من الممكن ان نستفيد من رفع العقوبات ولكن  لم يأتينا بأشياء ايجابية  ربما في المستقبل سوف يستفاد منه .
  البعض يشتكي من لجنة آلية صناع السوق التي تم تكوينها لتحديد سعر الصرف ؟
في اعتقادي هي لجنة شكلية فقط وليس لها اي  معنى أو دور.
  برأيك  ماهي  أسباب  المشاكل  الادراية  بمؤسسات الدولة  ومن أين تنتج ؟
المشكلة الادارية فى مؤسسات الدولة ناتجة من وجود مشاكل  سياسية وهي ان الدولة الان مواجهة بنزاع مسلح في اطراف  البلد فبالتالي  من أولوياتها الاهتمام بمسألة الدفاع  وبقية الأشياء ليست لديها اي اهمية   بالنسبة للدولة وهذا يظهر  في ميزانية الدولة المخصصة منها للدفاع    فالمخصص منها نسبة كبيرة  جدا مقارنة  بالطاقة الانتاجية  مثل الزراعة والصناعة والتعليم والصحة وغيرها .
   كيف  هو السبيل لعلاج هذه المشاكل  الادراية؟
اعتقد  بأنه إذا ماحلت المشكلة السياسية   فادارة الاقتصاد من اسهل  ماتكون فالمشاكل  معروفة والموارد موجودة فقط تحتاج الى توزيع جيد وزيادة المنفعة  العامة للبلد  فالمشكلة السياسية هي المهيمنة على كل القرارات وهي السبب في التشوهات  الحاصلة إذا لم يكن هنالك   اصلاح سياسي لا أتوقع ان يكون هنالك اصلاح اقتصادي  وإن وجد سيكون  توصيات على  ورق، فالدولة لديها فرصة مواتية جدا في الحوار الوطني بجمعها للاحزاب  فاذا كانت هنالك ممانعات من قبل البعض  كان من الممكن ان تطبق  توصيات الحوار   في حينها بالصورة المطلوبة و كان الحوار  الوطني اكتسب  شرعية .
  كيف  يمكن معالجة  الفشل فى المؤسسات الاقتصادية ؟
ان تكون هنالك محاسبة ومتابعة وهذا لن يتم إلا إذا تم وضع حل  للمشكلة السياسية  بعدها يتم تقييم المؤسسات وماهو المطلوب منها والمفروض ان  تعمل  شنو؟ فى ظل  الظروف  الراهنة المؤسسات  حتى  إذا كانت مقتنعة  إلا انها ليست لديها قرار  فهي محكومة بجهات  خارجية  أعلى .