الأحد، 20 يناير 2019

مقالات: السودان ومصر.. آفاق تتجدد

سعدت كثيرًا بعودة الحياة لقاعة وادي النيل بالقنصلية المصرية في السودان قبالة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم الكائن في مقر البرلمان الذي تقدم من داخله النائب البرلماني عن حزب الأمة الناظر عبد الرحمن دبكة بمقترح إعلان الإستقلال من داخل البرلمان، وثناه النائب البرلماني الاتحادي الشيخ مشاور جمعة سهل، وذلك في التاسع عشر من شهر ديسمبر عام 1955م، هذا اليوم الخالد في تاريخ السودان، ومعلوم أن ثورة 23 يوليو عام 1952م، مهدت الطريق لاستقلال السودان، حيث أعلن قادة الثورة من الضباط الأحرار وقوفهم مع خيار أهل السودان، ولم تكن مصر تقبل قبل الثورة أي حديث عن استقلال السودان، لدرجة أن بعض الكتاب المصريين طالبوا بإعدام راعي الحركة الاستقلالية في السودان السيد عبدالرحمن المهدي، وخرجت المظاهرات تجوب شوارع القاهرة منددة به، عندما مر بها في طريقه إلى بريطانيا.
وقاعة وادي النيل كانت قد شهدت حراكاً كثيفاً  في عهد القنصل المصري الأسبق صديقنا المستشار حاتم باشات، الذي بني علاقات حميمة مع كل أهل السودان، وكما أقول دائماً أن حاتم استقبلته الخرطوم بالحجارة، وودعته بالورود، وكنت شاهداً على الحالتين، لا سيما استقبال الحجارة، حيث صادف مجيئه للسودان  ضرب مصنع الشفاء للأدوية، وزعم البعض أن الطائرات التي قصفت المصنع انطلقت من البحر الأحمر في مصر، فخرجت المظاهرات الغاضبة صوب القنصلية المصرية، وصارت ترجمها بالحجارة رجماً. ولأن صلتي بالأخ حاتم قديمة قبل حضوره للسودان قنصلاً عاماً، اتصل بي فكنت الشاهد الأول على حصار الحجارة، والسودان كله يشهد على وداع الزهور والورود، وكان لقاعة وادي النيل دور كبير في ذلك، فهي كانت من أهم النوافذ التي يطل بها على المجتمع السوداني، وحسناً فعل الأخ الحبيب المستشار أحمد عدلي إمام بضخ الدماء في قاعة وادي النيل، واحتشدت ظهر الأمس بعدد من النجوم المشرقة في سماء العلاقات السودانية المصرية.
كنت أتوقع أن يشق عليّ الحديث بعد أن سبقني مجموعة من الشوامخ، المستشار عبدالمعطي أبوزيد نائب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، والخبير البروفيسور إبراهيم دقش، والأستاذ علي حسن رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط والعالم الباحث الشفاف البروفيسور حسن مكي، وكان القنصل العام أحمد عدلي قد استهل الحديث بعد أن قدمه المستشار الإعلامي عبدالنبي صادق،لكنني وجدت في حديث كل واحد منهم إشارة وإضاءة تفتح أبواباً للحديث، فالشكر في ذلك من بعد الله تعالي لإبن عمنا الحبيب الأستاذ عبد النبي صادق المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في السودان.
ودون الحاجة إلى نسبة كل عبارة إلى قائلها، حيث أنهم جميعاً كانوا يحومون حول معان واحدة، يتناولها كل منهم على طريقته، وأركز في البداية إلى روح التفاؤل التي سادت، وأشار كثيرون إلى أن للرئيسين السوداني عمر البشير، والمصري عبد الفتاح السيسي، دورٌ كبيرٌ في دفع علاقات البلدين والشعبين لتبلغ درجة لم تصل إليها من قبل، حتى في عهد الرئيسين الراحلين جعفر محمد نميري، ومحمد أنور السادات، ويزيد من فرص النجاح والتميز الطاقم المتقدم الذي يعمل في هذا الملف في القاهرة والخرطوم، ففي الخرطوم أتانا سفير فوق الوصف، سفير من (بيت كلاوي) الخارجية المصرية هو السفير الحبيب حسام عيسى، الذي بدل موقعه السابق في الخارجية مع سفير مصر السابق في الخرطوم ابن الأصول أسامة شلتوت، فصار أسامة إلى حيث كان حسام مساعدًا لوزير الخارجية لشؤون السودان وجنوب السودان، والى مصر بعث بالسفير الواعي وكيل الخارجية صديقنا ياسر خضر خلف الله، الذي يجد أن البلدوزر حبيب الكل السفير عبدالمحمود عبدالحليم قد مهد له كل الطرق، لتحقيق مزيد من الانطلاق.
الأمنيات والأحلام والسقوف أن يعود كل شيء أفضل مما كان في أفضل العهود، تعود البعثات التعليمية المتبادلة بما يخدم أهداف البلدين، ويعود السفر ببطاقة وادي النيل، ويعود التكامل أقوي وأثمر مما كان، ويعود برلمان وادي النيل، وتعود مجلة الوادي، وتصدر مجلات وصحف أخرى، ويعود السودان ومصر (حتة واحدة) بإذن الله الواحد الأحد.