الأحد، 20 يناير 2019

مقالات: الإعتراف بالأزمة

  لم يفلح حزب المؤتمر الحاكم في تكييف الحالة الراهنة بمصداقية تمكنه من وضع معالجات مقنعة للرأي العام الداخلي والخارجي ،فقط أبقى على حلول لا تتجاوز محطة تأمين السلطة، وافترض أن الأزمة اقتصادية ووعد بحلول لها في الغريب العاجل ، وهو أمر لا تتوفر معه معالجة كلية للأزمة. وبالطبع هو إمعان فى الغيبوبة السياسية ،وتكرار لحالة التيه التي لازمت الانقاذ التي لا ترى في الآخر جزء من الحل إلا اذا كان مؤيداً لمشروعها أو منخرطاً  في برنامجها السياسي ، فمن الذي خدع الإنقاذ وسوق لها  إمكانية أن تخرج من عنق الزجاجة بدون البحث عن حل مع الآخرين؟
مخطى من ظن أن العقل السياسي في الإنقاذ يستطيع أن يولد حلاً يضمن للبلد مستقبلاً  يرى فيه كل سوداني نفسه ؛ لسبب بسيط هو تشبث الحاكمين بالسلطة مع المصير القاتم وغياب النصيحة،  داخل أروقة الحزب الحاكم بل غياب الحزب نفسه عن الدور الذي يؤثر على القرار في السلطة.
صحيح أن الاحتجاجات طغت على السلطة وأحالتها لحالة رد الفعل في مواجهة المحتجين، ولم تنفع أحاديث قادة المؤتمر الوطنى التى تستجدي المتحتجين بالخطب العاطفية الفجة لطالما إنه لم تظهر حلول في الأفق ترضي طموحات الشارع فالصفوف هي الصفوف لا جديد  الا حالات  العنف .
لم يظهر حديث حتى الآن من قادة المؤتمر الوطني يشير صراحة إلى أن هناك أزمة سياسية اظهرها التأزم الاقتصادى بشكل جلي،
فلا يدري المراقب هل يريد المؤتمر الوطني غض الطرف عن الأزمة السياسية كفهم سياسي يتبناه الحزب الحاكم الذي بدأ يبحث عن شماعة ليعلق عليها تبعات الاحتجاجات ويرمى بها في وجه  خصومه؟ أم إن قصة الأزمة السياسية ليست في مخيلته اصلاً ؟
لكن من الواضح أن الإعتماد على حلول تأمين السلطة وحدها لا تكفى لبقاء السلطة في يد المؤتمر الوطني في المستقبل لطالما إن المركب ظل يقفز منه كل يوم ركاب جدد.
كل المؤشرات تبين أنه ما لم يقدم الحزب الحاكم على خطوة الإعتراف بوجود أزمة سياسية في البلاد ويدعو الجميع لحلها بأفق مشترك متوافق عليه لا يقصى أحداً  فأنه سيدفع الثمن غالياً  وربما يدفع الثمن في وجوده في السلطة نفسها، إذا قدر له أن يؤمن البقاء في السلطة إلى حين إجراء الانتخابات في 2020م
ربما يظن المتوهمون أن الحوار الوطني الذي قتله المؤتمر الوطني بطريقة تنفيذه هو المشروع السياسي الذي يشكل طوق النجاه للحزب الحاكم ،كلا وألف لا، فالحوار لو كان يقف على رجليه لما أدار شركاء الحكومة السابقين مثل غازي صلاح الدين ومبارك الفاضل؛  ظهريهما عنه وشاحا وبوجهيهما.
وبمنطق الواقع ما الجديد الذي أفرزه حوار الوثبة غير الإستوزار الذي كان عبئاً  ثقيلاً على معاش المواطن،فلا أمل في الحوار الذي قبره أهله وما زال يتململ من تنفيذه من يؤمنون بالبقاء في السلطة كحزب المؤتمر الشعبي
لاشيء يتبقى للمؤتمر الوطني غير الإعتراف بأن هناك أزمة سياسية خانقة تحتاج لحل حقيقي يتوافق عليه الجميع بلا أستثناء.