ربوع الوطن:وكل موسم وأنتم بخير
يقولون في المثل الشعبي مصائب قوم عند قوم فوائد، وهكذا تنتشر الأمراض عند نهاية كل فصل من الفصول، ففي الخريف تكثر الإسهالات والحميات وحمى الملاريا وهي الأسهل والأكثر إنتشاراً، وما يكاد أن ينتهي موسم الخريف حتى تأتيك طلائع الشتاء بالبرد القارص وما معه من نزلات وإلتهابات وكحة تصر على البقاء في جسدك رغم الأدوية التي يصفها لك الطبيب ولكنها لا تقضي على المرض بل تخفف منه فهي تأخذ دورتها كاملة ثم تختفي بعد ذلك وتكون في حالة ترقب فتهجم عليك مرة أخرى إذا ما وجدت أي فرصة في جسدك المنهك.
تكثر الأمراض بشدة عند تغيرات الطقس من بارد إلى ساخن فتهاجمنا الأمراض ولا نجد ملجأ يومئذ غير عيادات الأطباء التي تزدحم بالمرضى، وكما لأصحاب البوتيكات مواسهم في الأعياد فللأطباء مواسهم عند إنتشار الأمراض، حيث تعمل كل الكوادر الطبية في تناغم تام للخروج بالموسم على أكمل وجه.
وأيام حظر التجول كانت القوات الأمنية تضبط المخالفين له وتسألهم عن سبب ذلك فتكون إجابتهم إنهم كانوا في عيادة طبيب معين يذكرون اسمه، وقد حذرت هذه القوات الطبيب وطالبته بإغلاق عيادته في غير الوقت المسموح به، وقد كان الأطباء سابقاً يكتفون بعدد معين من المرضى للكشف عليهم ولكن إزدادت طاقتهم الاستيعابية فأصبحوا » يكشون« كل المرضى حتى لو اقتضى الأمر المبيت في العيادة وذلك بحثاً عن الأموال وتكديسها، فهناك من الأطباء من يريد بناء عمارته الثالثة وهناك من يود تشطيب الفيلا التي تنتظر مقدم أسرته، ويتمنى أن تكون الأحدث لتغيظ بها زوجته زوجة الطبيب الآخر المنافس لزوجها في نفس التخصص، ولا ننسى هنا عيادات الفحص الطبي بمختلف تخصصاتها فهم أيضاً من أصحاب الحظوة، إلى جانب أصحاب الصيدليات الذين ينتظرون حتى صرف روشتة آخر مريض.
والمدهش في الأمر أنه يمكنك مقابلة أكبر اختصاصي في المدينة بعد دفع المعلوم ولكنك لن تستطيع ذلك في اليوم المخصص له في العيادة المحولة بالمستشفى وكل ما يمكن أن تناله من هذا الإختصاصي هو مقابلة طبيب جديد لنج تخرج حديثاً من الكلية ويكون الأفضل منه في التشخيص، و وصف الدواء الطبيب الذي حولك من المركز الصحي إلى العيادة المحولة التي تزدحم بالمرضى بصورة تعيق العمل.
لماذا لا يكون لبعض المراكز الصحية بمدني خدمات الاختصاصيين كما هو حادث الآن في عيادة الشهيد الزبير، فتكون ببعض المراكز الصحية عيادات محولة للأطفال والنساء - مثلا، مرة كل أسبوع أو أسبوعين وذلك لتخفيف الضغط على مجمع العيادات المحولة في المستشفى حتى لو كان الكشف بقيمة رمزية لتشجيع الاختصاصي الذي لم يجد بعد فرصته في الشهرة وينتظر في كشف الإحتياطي حتى يفتح الله عليه بخدمات المرضى وأموالهم وتنتفخ جيوبه ويترك عيادة المركز الصحي ليعطيها لمن يستحق، وهكذا تتكرر الدورة.