الأربعاء، 31 يوليو 2019

مقالات:المواصلات.. أزمات متكررة 


عبدالرحمن حامد يوسف 

طالبتان لم يسعفهما الحظ للجلوس بالمقعد الآخير (المخصص للطلاب) بحافلة ركاب (مواصلات عامة) ليجلسن وسط السيارة فيأتي مساعد السائق (الكمساري) ليطلب الأجرة وتخرج احداهن مبلغ يكفي لراكب واحد وتشير بأصابعها الى أن هذه الأجرة لفردين بحكم أنهن طالبات عليهن دفع نصف القيمة .. لكن الكمساري لم يقبل الأمر بحجة أن الطلاب لهم مقعد معين وهو الآخير في الحافلة بخلاف ذلك يدفع الطالب القيمة كاملة كغيره من الركاب وقد صاح فيهن :( دا ما محل طلاب .. الطلاب في الكنبة الورا) . 
فردت إحداهن بسخرية وخفة ظل أدخلت الركاب في موجة من الضحك :(يعني ناس المقاعد القدام ديل بتقدموا ليهم عصير؟) !. 
وحقيقة الأمر كنا ننزعج جداً للقانون  الغريب الذي يقيد الطالب بالجلوس في مكان معين نظير التمتع بحقه بدفع نصف القيمة ونرى أنه يمثل تعاطف مع أصحاب المركبات لأن الطالب ربما يسبقه من يفضل الجلوس بالمقعد الآخير والذي يسميه الناس مجازاًً (كنبة شكراً) وذلك لأن من يجلس بها في الغالب يدفع عنه الأجرة شخص آخر من معارفه يجلس بالمقاعد الأمامية ليكتفي هو فقط بالتعبير عن الشكر .
قانون غريب ساعد أصحاب المركبات العامة على تجريد الطلاب من حقهم وزيادة المعاناة التي تقع على عاتقهم فكما تعلمون أن سلك طريق العلم صعب جداً ونحتاج دائما لنعبده قدر المستطاع . 
حدثت الندرة في الوقود (الجاز والبنزين) وانعكست بدورها على المواصلات العامة ليجد سكان ولاية الخرطوم وبعض الولايات الآخرى صعوبة بالغة في الوصول من والى اماكن العمل ودور العلم . ويتفنن أصحاب المركبات في تقسيم خط المواصلات الواحد لعدة خطوط كل منها يحمل تعرفة معينة يختارها صاحب المركبة حسب حاجة الناس وعددهم في المحطة.
أيضاً ساعدت الازمة في اجهاض خطوط رئيسية وأصبحت قصص من الماضي فمن الصعب جداً بل من المحال ان تجد حافلة تحمل الركاب من الكدرو إلى استاد الخرطوم والعكس بعد أن كان هذا الخط نموذج للوفرة والسرعة في الحصول عليه مع تميز الحافلات التي تعمل به وسادت ثم بادت نفس الظروف خط الحاج يوسف شارع واحد والردمية والمايقوما والخرطوم الجرافة وغيرها .
مشكلة المواصلات لها نتائح سالبة على المجتمع فزيادة تعرفة الوصول تقطع من قوت يوم العامل البسيط والطالب فتقل الدوافع للتحصيل الأكاديمي والآداء في الخدمة المدنية على مستوى القطاعين (العام والخاص) وتتضاعف مشاكل البلاد .
اهتمت دول العالم الأول بالمواصلات وانشأت لها وزارات خاصة وهيأت للخبراء بيئة ابداعية ساعدت في تذليل كآفة الصعاب واعانت في الحصول على أشكال ووسائل مختلفة للنقل وفرت الراحة والأمان للمواطن والحكومة وظهرت النتائج في تطور التعليم والصناعة والسياحة بالإضافة للخدمات الاخرى .
يصعب علي تحديد أسباب مشكلة المواصلات لعدم إلمامي بكثير من التفاصيل غير المرئية للعامة ولو قدر لي تبيين بعض هذه الاسباب فسيكون اجتهاد فردي قد يوازي الحقيقة وربما العكس لكن الذي استطيع ان ابصم عليه بالعشرة أن المشكلة كبيرة ومعقدة وتستحق وقفة أكبر من التي وجدتها من قادة البلاد كذلك يجب على شركات الخدمات العامة ورجال الأعمال وضع تصورات لتتبنى حل المشكلة ويعود الخير للمواطن والشركة او صاحب المبادرة .