الأحد، 28 يوليو 2019

مقالات:الجوس بالكلمات:تقرير صادم


هذا ما وصفه به المراقبون الذين كانوا يترقبون صدور تقرير مهني تكشف فيه لجنة التحقيق عن ملابسات وخفايا جريمة فض اعتصام القيادة ، بالأمس لم يجد المتابعون وصفاً للتقرير الذي اطلع عليه النائب العام الجديد سوى اطلاق صفة الصدمة على التقرير بحسبانه جاء مجافياً للحقائق المعلومة للجميع .
كيف يمكن تصور وجود ملثمين مجهولين يقومون باطلاق النار على المعتصمين وجميع الجنود يقفون متفرجين وهم يحملون العصي ؟ هذا المشهد خرافي ولا يصلح الا في عالم السينما واستوديوهات هوليود أو بوليود ، بل كيف يعقل وجود لواء يمنح الأوامر لعقيد وهما ليسو من ضمن القوى المصرح لها من المجلس العسكري بفض الاعتصام ؟ والمشهد الخيالي الذي حاول رسمه التقرير هو عدم علم المجلس العسكري بما كان يجري لحظة تقتيل المعتصمين رغم تواتر العلم بأن أوامر صدرت باغلاق بوابات القيادة ومداخلها لحظة التنفيذ .
كما أن عدد الضحايا يبدو بعيون من كتبوا التقرير أقل بكثير من احصائيات لجنة الاطباء التي باشرت عمليات الاسعافات للضحايا وحصر القتلى منهم وهنا لابد للرأي العام أن يعلم الكاذب من الصادق وعلى كتبة التقرير أن يوضحوا مصادر استقاء الاحصائيات وعلى لجنة الاطباء أن تشرح كيفية حصرها اعداد ضحايا مجزرة القيادة .
حتى نكون واضحين سيكون لمجزرة المعتصمين ما بعدها ، ولكى لا ننسى لا تزال منظمات حقوق الانسان فى كل انحاء العالم تطالب بمحاكمة قتلة المعتصمين بميدان رابعة وحتى لاتتحول مجزرة القيادة الى لعنة تطارد جميع النظارة في مكان الحدث ويتم تدويل الأزمة على المجلس العسكري أن يعيد تكوين لجنة تحقيق مستقلة من خبراء في هذا المجال .
ونكرر القول إن جريمة فض اعتصام القيادة هي قضية رأي عام من الدرجة الأولى ومثلت أكبر كارثة في تاريخ الجريمة المنظمة في السودان وهى خليط ما بين جرائم القتل المتعمد والجريمة السياسية المدبرة بعناية ولعل ما تلاها من أحداث ومسيرات وتجميد للعملية التفاوضية وما راج من شكوك حول العديد من الجهات المتورطة التي أشارت اليها أصابع الاتهام هو ما كان يرمي اليه الجناة وبالتالي تأثيراتها المستمرة  يجعل منها الحدث الأبرز لما بعد الثورة .