د/ إيدام عبدالرحمن آدم |
الآن وقد إتفقت القوى السياسية على هياكل الحكم والإدارة في المركز والولايات ، التي تم تحديدها في المجلس السيادي
( رأس الدولة ) ، ومجلس الوزراء (الحكومة ) ، والمجلس التشريعي ( البرلمان ) ، في المستوى القومي ، وحكومات الولايات ومجالسها التشريعية في الولايات ، لا بد من تسليط الضوء على ما هو مطلوب من تلك الأجهزة .
المهمة الأساسية لأجهزة الفترة الإنتقالية ، في المركز والولايات ، هي وضع الترتيبات اللازمة للتحول الديمقراطي ، لتأتي أجهزة مفوضة من المواطن ، وتحمل إرادته ، لتحدث التغيير الذي نادت به الثورة ، لتحقيق شعارها (حرية – سلام – عدالة ) ، عدالة في توزيع السلطة والثورة بين ولايات السودان .
ولكن الملفت أن الفرقاء حددو عدد أعضاء المجلس السيادي ، وعدد أعضاء مجلس الوزراء ، وحددو عدد مقاعد البرلمان القومي ، دون تشريع ، رغم أن أجهزة الفترة الإنتقالية هي غير مفوضة لإجراء أي تغييرات في هياكل وأجهزة الدولة ، ثم انهم لم يحددوا الحكمة من وراء الأرقام التي حددوها ، وكأنهم خلطوا بين رؤية أحزابهم والمصلحة القومية الرسمية ، ثم أنهم طرحوا محاصصات حزبية لتقسيم أعضاء تلك امجالس فيما بينهم / في حين أن القاعدة المعمول بها في الحضارة الإنسانية الحالية ، التي أقتدينا بها ، وفي سائر بلاد العالم ، أن أعضاء البرلمانات يتم إنتخابهم من دوائر يتم تحديد قوة كل منها عن طريق قسمة عدد سكان البلاد على عدد مقاعد البرلمان ، ليجيء البرلمان ممثلا لكآفة المجتمعات المحلية وتراب الوطن ، وذلك بتحديد قوة الدائرة من السكان ، ومن ثم يتم تحديد دوائر كل الولاية أو محافظة ، لهذا فإن القسمة المبنية على المحاصصة الحزبية هي غير صحيحة ومرفوضة بواسطة أغلبية سكان البلاد ، خاصة أهل الهامش في غرب وجنوب وشرق وشمال البلاد وحتى لا نكرر تجارب الحركات الإنفصالية التي ظهرت بعد ثورة أكتوبر (21) ، والتمردات اللاحقة ، على القوى السياسية الناشطة في الخرطوم وضع مطالب وتطلعات الأغلبية في الإعتبار لتعزيز الوحدة الوطنية في فترة ما بعد نجاح الثورة .
بالإضافة للمهام المعروفة لكل من تلك الأجهزة ، على كل منها أن يضع في الإعتبار أن مهامه تهدف في النهاية لصون وحدة البلاد ن وثوابتها التاريخية وتوازنها الموروث ، وتوفير الحماية للوطن وشعبه ، وفرض النظام العام لتكون الدولة بلاد يسود فيها حكم القانون ، حتى يتمكن كل مواطن من العمل والإنتاج والكسب والإعتماد على النفس ، وحماية المجتمع من الإنزلاق نحو الرزيلة والفساد والشرور والمنكرات وأن تعمل لرعاية مصالح السكان وتوفير المساواة بينهم وإحتياجاتهم الأساسية من القوت والخدمات وحمايتهم من البطالة ، التي تؤدي للبؤس واليأس والإحباط ، والتفكير في الأعمال الإجرامية ، والنهوض بالشعب إقتصاديا ومعاشياً وثقافياً وأن تشجع التواصل والتداخل وتداخل المصالح الحياتية ، ومحاربة كآفة أشكال العصبيات والعنصريات ، وتجاوز إحتقانات وتوترات العهد البائد ، وتطهير المجتمع بالطهر والإستقامة والقدوة الحسنة والإهتمام بالرعية ، وتحقيق طموحاتها نحو الحياة الكريمة والبعد عن الإستبداد وقبول النصيحة وتفقد أحوال الرعية .