إن تطويل مفاوضات الحل ليس من مصلحة البلد ومن المهم أن يفهم أطراف صناعة القرار فى المرحلة الراهنة أن التسويف والاستثمار الرخيص فى عامل الزمن ربما يطيح بالامبراطوريات الوهمية التي يحلم بها الكثيرون فى زمن اللادولة ، أن البلد تطحنها الأزمة الاقتصادية ولا يدري أحد مصير ملايين الدولارات التى تبرعت بها بعض الدول الشقيقة والصديقة أثناء احتدام الثورة والاسابيع التى اعقبتها ، نعم لا أحد يدرى كيفية تصريف تلك الأموال طالما أنه لا توجد حكومة فعلية يمكن مساءلتها ومتابعة برامجها وخططها لأنه لا يوجد رئيس للوزارة ولا مجلس تشريعي ولا يحزنون وإنما مجلس عسكرى فرضته ظروف الثورة ومفاوضون متشاكسون يمثلون مختلف القوى السودانية التى ساهمت فى أحداث التغيير.
إن تطويل مسألة المفاوضات يعنى توفير المزيد من فرص تهريب وتسوية وإعادة غسيل الأموال المنهوبة من البلد ، نعم مثلما صنعت الإنقاذ أثرياء من العدم وجعلت الكثير من الحفاة العراة يتطاولون فى البنيان ويركبون المياسر فإن التفريط فى قيمة الزمن خلال الوقت الراهن يفتح الباب واسعاً أمام العديد من الاحاييل التي تصب في مصلحة مافيا الفساد والكلام مفهوم للجميع .
لدينا أكثر من ستين ملياراً من الدولارات محفوظة فى مصارف ماليزيا وبإعتراف الأصدقاء هناك فإنهم جاهزون لتسليمها للحكومة المدنية حال تكوينها وهم يدركون الظرف الاقتصادى الذى تمر به البلاد وكانوا يستغربون كيف سمحت حكومة الإنقاذ المقتلعة لرموزها ومنسوبيها بإخراج كل هذه الأموال من البلد , لقد دمرت الإنقاذ الخدمة المدنية والجمارك والشرطة والأمن وأفسدت فسادا ًغير مسبوق وغير معقول ومن الواضح أن دعوات المظلومين مضافا إليها لعنة رب العالمين التى قيضها للحاكم الجائر وبطانته هى ما عجل بانتصار الثورة وإنهدام أركان بناء الإنقاذ ليخر السقف على رؤوس أساطينه .
هنالك أموال فى ماليزيا والإمارات وتركيا وأوروبا وغيرها من الدول تنتظر من أبناء البلد الأُصلاء الإجتهاد فى مطاردتها لإعادتها إلى بيت مال السودانيين ، على أطراف المفاوضات في الوقت الراهن الوضع في الإعتبار أن كل معاركنا النبيلة وأحلامنا الوردية فى إستعادة الكرامة والسيادة وإسترداد ثروات البلد المنهوبة ، هذه المعارك لم تبدأ بعد.