![]() |
المجلس العسكري (ارشيفيه) |
مايدور في الساحة السياسية من تبادل للإتهامات بالإقصاء من المشهد السياسي من شأنه أن يخلق واقعا جديدا على السياسة بالبلاد لجهة أن الإقصاء يمثل خطر على الديمقراطية وربما يؤدي الى ميلاد العمل السري كبديل للعمل العام فالحياة السياسية السودانية شهدت نماذج للعمل السري كان أبرزها تجربة الحزب الشيوعي السوداني مع بداية عهد الإنقاذ في التسعينات وهو نفس الأسلوب الذي إتبعته الجبهة الاسلامية عندما إعتلت قوى اليسار الحكم في السودان بدايات عهد نميري في الستينات وإبان فترة الديمقراطية حيث خططت بعد ذلك للإنقلاب في العام 1989 . الآن العديد من الأحزاب بالساحة السياسية السودانية تحذر من ما أسمته بوادر للإقصاء في ظل الاتفاق المرتقب بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بقيام حكومة انتقالية لمدة «3» سنوات بيد أن قوى الحرية والتغيير جددت في العديد من المرات تأكيدها بأن الاتفاق إذا ماتم ليس إقصاء بل أمر طبيعي لجهة أن الجهتين المتفاوضتين تمثل قوى الثورة الفاعلة بشقيها العسكري والمدني.
مخاوف سياسية
تحالف أحزاب الوفاق والحركات الموقعة على اتفاق السلام أعلن تضامنها مع القوى السياسية والاجتماعية الرافضة للاتفاق المعلن بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغييروقال محمود عابدين صالح؛ أحد قيادات التحالف الجديد إنهم يرفضون الاتفاق باعتباره قد منح السلطات السيادية والتتفيذية والتشريعية للفترة الانتقالية التي أصبحت ثلاث سنوات في مجملها لقوى إعلان الحرية والتغيير بما يعتبر إقصاء واستبعاداً وعزلاً لكآفة القوى السياسية المختلفة فكرياً وبرامجياً حول الرؤيا المستقبلية للعمل السياسي معها ، وأشار الى أن الإقصاء يولد العمل السياسي السري الذي من شأنه أن يتيح الفرص السالبة للأعمال الإرهابية وتطلعات المغامرين للاستيلاء على السلطة في الوقت الذي تأمل فيه جماهير الشعب تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية والتلاحم الوطني لتحقيق المصالح الوطنية، وأوضح عابدين «للوطن» أن الحرية لا تعني فقط الاستمتاع بحق التعبير؛ بل تؤكد على حقوق المشاركة الشعبية في إتخاذ القرار، وقال»إننا في حاجة لتطبيق ديمقراطي جديد يترجم شعارات ثورة الشباب إلى واقع عملي ملموس» وأفاد أن التحالف يدعم موقف القوات المسلحة في الحفاظ على أمن وسلامة واستقرار البلاد، وأنه من الممكن عرض الاتفاق النهائي على القوى السياسية غير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير للارتقاء بالخلاف السياسي والفكري بدلاً من التناحر التقليدي بين الحكومة ومعارضيها، وسعي كل منهما لإضعاف الآخر، مبيناً أن الوطن في حاجة ماسة لاتخاذ قرارات كلية يتفق عليها الجميع ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعميق الحوار بين الفرقاء السودانيين.
اتهامات
من جانبه اتهم الناشط السياسي إبراهيم يوسف تحالف أحزاب الوفاق بالعمل السري وتنفيذ أجندة حزب المؤتمر الوطني البائد قائلاً : التحالفات التي ظهرت في الساحة السياسية هذه الأيام مدعية أنها ستكون ضحية للاتفاق الثنائي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ماهي إلا واجه للنظام البائد قائلاً هذه الأحزاب ظلت تلعب دور» الكومبارس» طوال ال»30» عاماً والآن ترفع صوتها بعد أن أتاحت الثورة مساحة للحريات جعلت هذة الأحزاب المسماه بأحزاب الفكة تجهر بصوتها مدعية الاقصاء حتي قبل أن تستلم الحكومة المدنية السلطة أين كانوا طوال ال»30» عاما وماهو وزنهم هؤلاء لن يقصيهم أحداً لأنهم إرتضوا الإقصاء ولعب أدوار هامشية في المسرح السياسي لن يستطيعوا أن يلعبوا دور البطولة الذين يعتلون القمة هم الذين يقدمون التضحيات كما فعلت قوى الحرية والتغيير التي قدمت الدعوة لكآفة القوى السياسية للتوقيع علي وثيقة إعلان الحرية يوم 1 يناير 2019 إلا أن نفس هذه الأحزاب فضلت الصمت ومشاركة النظام البائد فتات الحكم بل دعت لمظاهرة تأييد يوم 9 أبريل أي قبل يومين من الاطاحة بالرئيس المعزول البشير .
الإسلاميين والعمل السري
وأكد ابراهيم يوسف أن قوى الحرية والتغيير مطالبة بحسن النية تجاه الممارسة الديمقراطية خلال السنوات الثلاثة القادمة اذا ماتوصلت الى اتفاق مع المجلس العسكري بيد أن إبراهيم أشار إلى أن المؤتمر الوطني لديه خطط للعمل السري والعلني لمناهضة الواقع الجديد بعد الثورة لافتاً إلى أن عضوية الحركة الاسلامية وجواسيس المؤتمر الوطني بالأحزاب ستحاول تقوية هذه الأحزاب المتحالفة ومدها بالمعلومات والمال لتشكيل معارضة وتحالفات بدأت فعلياً بدعم مالي من المؤتمر الوطني الذي سيلجأ للعمل السري بارادته لحياكة المؤامرات ضد الثورة لافتا الى أن الدولة العميقة وعرقلة الخدمات تمثل جزء من العمل السري والدليل على ذلك اكتشاف العديد من بلوفة المياه المقفولة في الأحياء الشعبية بواسطة أذيال النظام البائد التي تمارس سياسية " خفافيش الظلام " لافتا الى أن العمل السري يتطلب إمكانيات مالية ولوجستية لاتملكها الأحزاب الحالية ماعدى المؤتمر الوطني الذي مارس أكبر حملة ممنهجة ومنظمة للإقصاء السياسي بالبلاد وحاول تجميل صورته بدعوة أحزاب الفكة للمشاركة في الحكومة والحوار الوطني لادراكه أنها لن تشكل أي ضغط عليه فالاسلاميين أكثر الناس ضيقاً بالديمقراطية هم مارسوا العزل والاقصاء السياسي ضد أخوانهم في التنظيم العام إبان المفاصلة الشهيرة في العام 1992 عندما انفرد المعزول البشير بالحكم وابعد عراب الانقلاب وشيخه الراحل الترابي .
وأشار إبراهيم يوسف الى أن مرحلة العمل السري للأحزاب السياسية انتهت في العالم مع نهاية الاتحاد السوفيتي والحرب البادرة والآن أصبحت منحصرة في عمل الاستخبارات والأمن فقط مبيناً أن التلويح بالعمل السري يعني تبييت النية لعمل انقلابات عسكرية في المستقبل لافتاً الى أن الاسلاميين يبدو أنهم هذه المرة سيغيرون التكتيك بالعمل مع الأحزاب الصغيرة خوفاً من الثوار الغاضبون وحتى يفلتوا من العقاب أو ربما يلجئون لإسلوب الأعمال الإرهابية على قرار ما يفعله رصفائهم في حركة الأخوان المسلمين في مصر والتي تقوم بعمليات إرهابية تفجيرية في سيناء لكن لا أعتقد أنهم سينجحون هذه المرة لأن الشعب السوداني الآن في حالة رفض لكل المتأسلمين ومن شاركهم في الحكم .