الأحد، 21 أبريل 2019

مقالات:من الذي باع ومن الذي اشترى النقل النهري بمدينة كريمة؟


سليمان عبد المتعال إبراهيم
إذا كانت الخرطوم تبكي على سودانير وخط الطيران (هيثرو) وتطلب التحقيق، وإذا كانت مدينة عطبرة تبكي على أطلال السكة حديد فمدينة كريمة تبحث عن من سرق النقل النهري وتنادي (وا بواخراه).
ستة بواخر كبيرة عاملة وعدة صنادل ذبحت في وضح النهار وسالت دماؤها واختلطت بمياه النيل، قُعطت أشلاء ورحلت ليلاً. سبائك نحاسها وحديدها وخشبها بل وتاريخها وحنين الكلمات التي خطها شعراؤنا في سفريات عطارد، الزهرة، كربكان، فشودة والجلاء وبركسي الكرو البركل والصندل (41) وعدة صنادل كلها أسماء لبواخر كانت تشق عباب مياه النيل جيئةً وذهاباً، وكان النيل يحتضنها في تحنان، كل ذلك أصبح تاريخ وأصبح النيل حزيناً يبكي لفراق الأحبة (وجاع السمك) وما أصبحت العصافير تغرد أناشيد الفرح فوق الأشجار على ضفاف النيل وما أصبحت القماري (تقوقي) كلما شاهدت الباخرة كربكان أو عطارد أوالزهرة أو الجلاء يتوسطن النيل وكأنها كانت ترحب بركابها لتستقبلهم وتودعهم بنغماتها الحنينة الجميلة. كل ذلك أصبح تاريخ، أما كان لهذا التاريخ أن يظل تاريخاً امتداداً لتاريخ؟ فكيف لمجرمين أن يذبحوا التاريخ ويظلوا طلقاء دون محاكمة؟
وجاء الوقت لنبحث في الصفحات عن مرتكبي هذه الجريمة البشعة في حق النقل النهري بمدينة كريمة.. آن الأوان لنقلب في صفحات التاريخ لنقف عند الحقيقة هنالك بواخر وورش ضخمة وصنادل وماكينات برادة وأصول لتاريخ وأطنان من النحاس وجملونات وتاريخ بيع بثمن بخس فمن البائع ومن المشتري؟؟
 وما هو الثمن الحقيقي وأين ذهبت تلك الأموال، هل التاريخ يباع ويشترى؟ لقد رحل هذا التاريخ بالدفارات والجرارات ليلاً كانت جماهير كريمة تتفرج وهي مغلوبة على أمرها مكبلة بالسلاسل لا تستطيع الدفاع عن هذا التاريخ، وكان بينهم عمال بكوا دماً لأن لديهم ذكريات جميلة في هذا المكان، فالمكان ينادي أين عمالي والزمان يقف حائراً مذهولاً ويقول لن أبارح حتى أقف عند الحقيقة، فالجريمة لا يمحها الزمن فإن أُغلق بالأمس الملف فسيفتح يوماً ما وتُقرأ صفحاته فها هو الزمن يدور وجاء الوقت لفتح هذا الملف وتُقلب صفحاته لتنجلي الحقيقة وجاء اليوم الذي تجف فيه دموع هؤلاء العمال وهم يطالبون بالقصاص في جريمة أرتكبت في حقهم وحق النقل النهري، فهلا فتحتم هذا الملف يا أهل الثورة المجيدة؟؟؟ وسيكون للمراجع العام مهمة صعبة يجب الوقوف عندها... وسنواصل.