الأحد، 21 أبريل 2019

تقارير:الجيش والشعب.. حميمة العلاقة وتجذر الثقة


تطورت الأحداث في السودان بخطى متسارعة وأصبحت الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات وفي الوقت الذي بلغت فيه الاحتجاجات مدًا غير متوقع اتجهت التظاهرات نحو القيادة العامة للجيش فيما ظلت القوات المسلحة مرتكزة في محيط القيادة دون منع أو مقاومة المحتجين أو دخول الجيش في مواجهة مع المتظاهرين الذين رددوا شعارات  وهتافات  من قبيل  ( شعبا واحد جيشاً واحد )-( الجيش معانا وما همانا ).
ووجدت الهتافات التي  ظل يرددها المعتصمون أمام مباني  القيادة العامة للقوات المسلحة منذ (6)ابريل وحتى الآن  تجاوباً  كبيراً من أفراد الجيش السوداني ، وتأتي هذه الشعارات  منطلقة من  العلاقة العميقة بين القوات المسلحة والمواطن  والتي اتسمت، على مدى عقود بالتلاحم والثقة.
وبالرغم من الحميمة  إلا إن هنالك بعض  الفتور  ساد  هذه العلاقة أبان بداية مواكب الاحتجاجات نتيجة  للتصريحات التي وصفها مراقبون بالسالبة والتي  استبقت بها  قيادة الأركان  مليونيه السبت (6) ابريل فيما يتعلق  بوقوف الجيش مع قيادة الدولة.
إلا إن الموقف الذي لعبة الجيش مع المعتصمين أمام القيادة العامة في (6)ابريل  بفتح أبواب قيادة هيئة الأركان لحماية المعتصمين أعاد  شعبية الجيش في الشارع السوداني  لسيرتها الأولى ، مما يؤكد  على قوة هذه العلاقة التي وضعها النظام المخلوع  في المحك بتعيين حكومة عسكرية وهو ما انتقده مراقبون واعتبروه  بمثابة وقيعة لجهة إنه جعل الجيش  في مواجهة الشعب.
ومن الملاحظ أن الجيش تعامل بروح وطنية مع المتظاهرين كانت محل  تقدير من  المواطنين المعتصمين  حيث ظل  المتظاهرون خلال اعتصامهم  بالقرب من بوابات قيادة الجيش يرددون هذه الشعارات  (شعب واحد جيش واحد) وتجسيدًا  للبعد الاجتماعي للعلاقة بين الجيش والمواطن فإن الجيش ساهم بجانب توفير الحماية والأمن للمعتصمين من خلال مسؤوليتة الوطنية  بتوزيع  المياه والوجبات الخفيفة للشباب المعتصمين أمام مبنى القيادة العامة.
تلاحم كبير
وارجع الخبير في علم الاجتماع د. عبدالرحيم بلال الحميمية بين الجيش والشعب  إلى أنهم ينتمون لنفس الطينة والبيئة والطبقة الاجتماعية وأكد أنهم جميعهم بسطاء لا فوارق اجتماعية بينهم؛  وقال  الحميميه لم تأتي من فراغ وأكد  إن افراد الجيش ومجموعاتهم بما فيها الضباط والمعتصمين  يعانوا من نفس المشاكل الاقتصادية المتمثلة في الدخول المتدنية والأسعار العالية؛ وأشار إلى أنه أثناء الاحتجاجات والقبضة الحديدية للأجهزة الأمنية كان التلاحم الكبير وقطع باستحالة أن يكون الجيش في مواجهة الشعب .
ذكاء المعتصمين
وقال بلال  رشحت معلومات إن الرئيس المخلوع أمر بفض الاعتصام بالقوة إلا إن الجيش رفض وقال إن هذا الرفض دليل على  الإلتحام ؛ وأكد أنهم من ناحية عملية لا يمكن أن يضربوا الشعب ؛ ولفت إلى أن  اختيار الثوار مقر القيادة كهدف لعملية الاعتصام  فيه ذكاء من الجهات المنظمة،  لجهة أنهم اختاروا الجهة الفاعلة وصاحبة القرار ، وأوضح أن ثورة 24 اكتوبر برهنت على أن افراد الجيش مترابطين مع عامة الشعب؛ وأيضاً  في ابريل واكتوبر  ونوه إلى أن النظام المخلوع عقد الحياة،  وجعل الظروف صعبة ، من الناحية الاجتماعية التي عايشين فيها افراد القوات المسلحة  غير مختلفة على الاطلاق عن بقية الشعب؛ وقال هنالك جوانب عاطفية  لوجود أفراد الجيش في  كل أسرة  وقال  كل فرد من أفراد القوات المسلحة .
كثير من المهام
وأوضحت الخبيرة في علم النفس د. صديقة  مبارك أن  البعد النفسي والاجتماعي   للعلاقة بين الجيش والشعب ترجع للتركيبة النفسية للمؤسسة العسكرية، التي أكدت أنها تحتاج لكثير من التحليلات ، وعددت  المزايا التي يتميز بها  الجيش  ووصفتها بالأساسية  من بينها القوة والسلاح والمال ؛ والقوة التنظيمية. وقالت إنها هي التي تمنح الهيئة  العسكرية البعد الإجتماعي الكبير؛ وأكدت أن مهام  الجيش ليس القيام بالدور العسكري لحماية البلاد فقط وإنما يقوم بكثير من العمل الاجتماعي والتنموي وأشارت إلى أن التركيبة الاجتماعية والفنية للمجتمع السوداني تختلف عموماً  عن أي مجتمع آخر من خلال طريقة التعامل مع الجيش .
حماية الثوار
وارجعت  صديقة  العلاقة للترابط الأسري العميق بين أفراد المجتمع السوداني بيد أنها أكدت رغم  هذا الترابط  والتفاعل بين المعتصمين والجيش خاصة الضباط الشباب لا يستطيع الجيش  الانحياز للمعتصمين امام القيادة لجهة أنه خاضع لهيئة عسكرية ودستور محكوم  به لتجنب جر البلاد للفوضى،  وأكدت أن  الثوار اختاروا القيادة لحمايتهم بواسطة الجيش ، وقالت إن الحراك كبير قدر بـ(5)مليون وأضافت لولا تدخل الجيش وحماية الثوار لكان حدث ما لا يحمد عقباه.
رمز البطولة
واشار الصحفي المهتم بالشأن السياسي عمار محمد آدم إلى أن الشخصية السودانية عبر التاريخ  تجمد البطل ؛ ولفت إلى أن الأرث الاجتماعي التراثي  النسائي حوى أغنيات خاصة للجيش في الحروب وأكد أن الجيش السوداني يمثل رمز للبطولة (الرجالة  ) وقال إن   الجيش السوداني  في التاريخ عندما تحمى الساحة ينحاز للشعب؛  وأشار إلى أكتوبر وأبريل  وأضاف هنالك احساس بالأبوة؛ وأوضح أن الجيش يمثل بوتقة السودان؛ وأكد  هيبة الدولة تمثل في هذا الجيش.