الثلاثاء، 23 أبريل 2019

مقالات:اولويات المرحلة المقبلة


علي صالح طمبل

بحمد الله وتوفيقه، طوى السودان حقبة تاريخية امتدت لثلاثين سنة، سادها الظلم والفساد والإقصاء، وعانى الشعب فيها ما عانى تحت وطأة الفقر والجوع والمرض، بينما كان نظامه والمنتمون إليه يستأثرون بالمناصب والأموال والثروات!  
*وما دمنا قد استشرفنا حقبة تاريخية جديدة، نتطلع فيها إلى غد مشرق بإذن الله تعالى، كان لا بد من وقفات لترتيب أولويات هذه المرحلة المفصلية في تاريخ السودان.
أولاً: تجاوز الخلافات الحزبية والجهوية والدينية، وتحكيم صوت العقل، والتوافق على بناء الوطن وتنميته ووحدته، واختيار الأكفاء لإدارة شؤونه؛ تجنيباً له من الانهيار والفوضى، وقطعاً للطريق أمام التدخلات الخارجية والوصاية الدولية.
*والاعتبار بالدول التي وصلت بها الخلافات إلى الاقتتال والتناحر والتشرذم، وكان الوطن والمواطن هما الضحية، قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ  وَاصْبِرُوا  إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46]، وقال جلَّ من قائل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]. 
ثانياً: محاكمة منسوبي النظام السابق محاكمات عادلة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في جريمة من الجرائم، سواء كانت قتلاً أو ظلماً، أو فساداً مالياً أو إدارياً، والقصاص من القتلة، ورد المظالم، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، وإعادة الثروات التي نُهبت إلى خزينة الدولة.
*وهذا من صميم ديننا الحنيف الذي يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الظلم والفساد، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ  يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فلا تَظَالَمُوا) رواه مسلم (2577).
ثالثاً: الاهتمام بقضايا المواطنين الملحة، ورفع المعاناة عن كاهلهم، خاصة ما يتعلق بالمعاش والصحة والتعليم والمواصلات، وتوفير سبل العيش التي تكفل لهم الحياة الكريمة.
رابعاً: إصلاح الخدمة الوطنية، واختيار الوظائف على أساس الكفاءة والأهلية، لا على أساس الانتماءات الحزبية والطائفية والجهوية. 
خامساً: الاهتمام بقضايا الشباب، وإيجاد فرص عمل لهم، وإنشاء المؤسسات التي تعمل على تأهيلهم وتفجير طاقاتهم وإكسابهم الخبرات؛ ليقودوا حركة التغيير في المجتمع، ويكونوا على أتم الاستعداد لإدارة شؤون البلاد في المستقبل القريب بإذن الله تعالى.
سادساً: التثبت قبل نقل الأخبار، والتصدي للشائعات والأكاذيب والإساءات الشخصية، وعدم نشر إلا ما فيه مصلحة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6].
سابعاً: سيادة أدب الخلاف والحوار، والجدال بالتي هي أحسن، ومناقشة الأفكار المطروحة بموضوعية، دون سباب، أو شتم، أو تشكيك في النوايا، أو تصنيف، أو وصف بالعمالة والارتزاق.
ختاماً، نسأل الله أن يصلح حال بلادنا وبلاد المسلمين، وأن يجعل ولايته فيمن خافه واتقاه واتبع هداه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه