الأحد، 28 أبريل 2019

مقالات:ثم ماذا بعد أن أُنتزع الملك من الإسلامويين (1)


بقلم:
عبده مصطفى داؤد

الحمد لله مالك الملك يؤتيه من يشاء و ينزعه ممن يشاء . الحمد لله الذي ألهم قادة القوات المسلحة والدعم السريع الرشد حتى انحازوا لخيار الشعب وانقضوا على رأس ذلك النظام الفاسد الذي كان يدعي زوراً وبهتانا أنه لم يأت إلا لإقامة الدين والدين برئ من كل ممارساتهم فلولا انحياز الجيش إلى الثورة لما تحقق النصر الذي تحقق و بالصورة التي تم بها فلهم الشكر على موقفهم الشجاع  حتى تحقق النصر المبين بإزاحة أخطبوط الإسلاميين و سرطانهم عن السلطة حيث أنهم طغوا في البلاد و أكثروا فيها الفساد ، بكل أنواعه وأشكاله و الحمد لله الذي نصر عباده وأعز جنده من الثوار وهزم الكيزان وحده و نسأله تعالى أن يأمنا شرهم ومكرهم و أن يردهم خائبين وينزل عليهم عقابه بقدر ما أهانوا هذا الشعب وأذلوه و أفقروه إن إنحياز القوات المسلحة و الدعم السريع قد جنب البلاد فتنة ما كانت ستصيب الذين ظلموا منا خاصة بل كانت ستصيب البلاد بأكملها وربما أدخلتها في دوامة الصراعات كتلك التي تشهدها بعض دول الجوار لكن لله الحمد من قبل ومن بعد على ما منّ به علينا من نعم حتى تم إنتزاع السلطة من فرعون القرن الواحد وعشرين الذي لم يبق أمامه إلا أن يقول لهذا الشعب : أنا ربكم الأعلى فلك الحمد يا ربي كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك 
ثم ماذا بعد ؟؟؟!!!! هل انتهى الأمر أم أننا لازلنا في بداية الطريق نحو تحرير الوطن من أولئك الشرذمة الذين استباحوا كل شيء في هذا الوطن الغالي؟ فما المطلوب من العسكر الذين إنحازوا للشعب الثائر و من الثوار حتى نعبر بالوطن إلى بر الأمان ؟؟
في تقديري أن الطريق طويل و شائك ومحفوف بالمخاطر لكن بالصبر و المصابرة سوف نقطع كل هذا المشوار ونعبر بالوطن إلى بر الأمان و هذا يتطلب تضافر جهود كل المخلصين و الحريصين على مصلحة البلاد من عسكر و ثوار فالعسكر وحدهم و بدون الثوار حراس الثورة لن يستطيعوا أن ينجزوا المهمة على وجهها الأكمل و الثوار وحدهم و بدون دعم العسكر و مساندتهم سوف لن يحققوا النصر المنتظر على فلول النظام البائد فلابد من التعاون المشترك بين الفريقين حتى تنجز مهمة إنتشال الوطن من ذلك الدرك السحيق الذي ألقاه فيه أولئك عديمو الدين والأخلاق والضمير و هذا التعاون يمثل في تقديري المطلب الأول للطرفين فلابد من الوصول إلى منطقة وسطى تجمعهما وهي تشكيل مجلس سيادة هجين يضم العسكر و المدنيين والمطلب الثاني هو الإسراع في تكوين الحكومة المدنية التي ستسّير الأمور طوال الفترة الإنتقالية التي أرى أن مدة العامين التي حددها المجلس العسكري كافية جداً و في تقديري كلما جنبنا الأحزاب من المشاركة في الحكومة المدنية يكون ذلك أفضل فلتكن الحكومة من شخصيات وطنية مستقلة ذات سمعة طيبة و خبرات عالية وعلاقات حميدة حتى تتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حطام هذا الوطن الذي ضيعه أولئك المفسدون الفاسدون 
والمطلب الثالث والذي أرى أن يُشرع في تنفيذه فورًا و قبل أن يتم تكوين مجلس السيادة الهجين و تشكيل الحكومة المدنية هو أن يُظهر المجلس العسكري حسن النية باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه رموز النظام المباد فحتى اللحظة لم يبدر من المجلس ما يبعث بالطمأنينة في النفوس بل أخذ يعزز عدم الثقة فما لم يتم القبض على كل رموز النظام البائد في المركز و الولايات و إيداعهم السجون فلن تتوفر الثقة في النفوس ولو أن المجلس العسكري اتخذ هذه الإجراءات منذ بيانه الأول لأطمئن الشعب بأن التغيير الذي تم هو تغيير حقيقي لكن كل الشعب ينظر بعين الريبة والشك لمسلك المجلس العسكري لاسيما وأن من بين أعضائه من يطالب الثوار بإبعادهم عن عضويته  لذلك على المجلس أن يسرع بإعتقال كل رموز النظام البائد وأن يبادر بإعفاء الأعضاء الثلاث الذين هم محل شك لدى الثوار أو يطلب منهم تقديم إستقالاتهم و حُق للثوار رفضهم لأن أحدهم كان نائباً  لمدير جهاز الأمن الذي كان يبطش بالثوار وبأساليب تتنافى مع كل القيم والأخلاق والثاني كان مديراً للشرطة التي كانت هي الأخرى تبطش بالثوار بطشاً لا رحمة فيه والثالث متهم بأنه كان أمين الحركة الإسلامية وسط الجيش فمثلما أعفي الرئيس السابق للمجلس ونائبه أرى أن يتم أعفاء هؤلاء الثلاثة الذين خلفوا حتى تتوفر الثقة بين العسكر و الثوار وتدخل الطمأنينة في النفوس 
كذلك وقبل أعلان مجلس السيادة و تشكيل الحكومة المدنية لابد من الإتفاق بين الطرفين على الشكل الذي يمكن أن تكون عليه الدولة في كل مستويات الحكم فلابد من الإتفاق على عدد أعضاء مجلس السيادة و لابد ايضاً من الإتفاق حول هيكل الحكومة : كم عدد الوزارات و ما هي الشروط المطلوبة لشاغليها وذلك لأن التضخم الهرمي للحكومة في العهد المباد كان هو السبب الأول وراء زيادة الإنفاق العام الذي كان جله يذهب إلى جيوب تلك الجيوش الجرارة من الدستورين من مساعدين و مستشارين و نواب ووزراء ووزراء دولة و من في حكمهم و الولاة و المعتمدين و الوزراء الولائيين و من في حكمهم فضلاً عن المجالس التشريعية القومية و الولائية و المحلية فلابد من تحديد عدد الوزراء و إلغاء منصب المستشاريين و المساعدين ووزراء الدولة و في تقديري أن خمسة عشر وزارة تكفي لإدارة شئون البلاد أما على المستوى الولائي أرى أن يقلص عدد الولايات إلى ست ولايات و يبدو أنه قد صدر قرار من المجلس العسكري بذلك و الولايات المقترحة تكون كالآتي : الولاية الشمالية و تضم ولايتي نهر النيل والشمالية الحاليتين والولاية الشرقية و تضم ولايات الشرق الثلاث و هي كسلا و البحر الأحمر و القضارف و الولاية الوسطى و تضم و لايات الوسط الحالية و هي النيلين الأبيض والأزرق و سنار والجزيرة و الولاية الغربية و تضم ولايات دارفور الخمس ،  وولاية كردفان التي ستضم ولايات شمال و جنوب وغرب كردفان و السادسة هي ولاية الخرطوم كما أرى أن يتم الإتفاق بألا يتجاوز عدد محليات أو محافظات أي ولاية أو أقليم على عدد الولايات التي ستضم لأي أقليم فمثلاً  ولاية أو أقليم الخرطوم يضم ثلاث محافظات و هي الخرطوم و بحري وأمدرمان والأقليم الشرقي يضم ثلاث محافظات وهي كسلا والقضارف والبحر الأحمر و الأقليم الغربي يضم خمس محافظات بعدد الولايات الحالية على أن يعاد النظر في اسمها كي لا تحمل اسم قبيلة بعينها لأن ذلك ربما يقود القبائل الأخرى لتطالب بتسمية محافظاتها باسمائها إذ يمكن أن يطالب الرزيقات بدار رزيقات و الزغاوة بدار زغاوة و هكذا فيمكن أن تسمى محافظات الولاية الغربية على النحو التالي : محافظة الفاشر و محافظة الجنينة ومحافظة زالنجي و محافظة نيالا ومحافظة الضعين.
(نواصل)