بقلم:
|
تناول سير الصالحين محمدة والحديث عن اثارهم تبعث في النفس رحمانها فبعد ان اكمل الشيخ ابوبكر عاما في المعهد ارسل اليه القاضي عبد الوهاب وطلب منه العودة الي امكدادة فقفل راجعا بعد ان طهر ثيابه وهجر رجزه وعاد لمسجده وبدأ في استئناف حلقته الدراسية التي كانت عامرة بطلابها ، كان الشيخ شخصية مرحة يحبب لطلابه صعوبة الدروس بالنكات والملح ويداعبهم حتي لايتسرب اليهم الملل والسأم حكي لي احد الذين تتلمذوا علي يديه ،انه كان يقسم طلاب العلم داخل المسجد الي مجموعات وحلقات ويقسم ايام الأسبوع بين القرأة والتفسير ودروس الفقه والحديث والمعاملات ويمر عليها جميعها كان رحمه حافظا لمتن العشماوية وابن عاشر ومختصر خليل ويفتي علي المذاهب الأربعة وكان يستذكر موقف كل مجموعة خاصة في حلقات الحفظ ويتذكر اين وقف القارئ وفي اي سورة او أية اخطاء . فقد كان رحمة الله ذو لسان سؤول وقلب عقول لم يمضي اياما حتي اعتزل القاضي عبد الوهاب منبر المسجد وتم رسميا تعميد الشيخ ابوبكر اماما راتبا خلفا له في الثامن ابريل من العام 1932، وقد دارت احاديث كثير عن اسباب زهد القاضي عبد الوهاب عن منبر المسجد ولكن علي الأرجح هو اختلافه مع مامور المركز واعتراضه في تدخله في بعض القضايا الشرعية القطعية التي لا تقبل الجدل والنقاش وكان القاضي عبد الوهاب رجلا عادلا يعتز بوظيفته التي تحتم عليه الحيدة والنزاهة ولكن الارجح هو اعتذار الشيخ عبد الوهاب عن امامة المسجد لكثرة مشغولياته الكثيرة وانصرافه لساحة القضاء والمحاكم التي تستغرق يومه كله بل احيانا يقوم بجولات خارج امكدادة يتفقد فيها سير المحاكم الشعبية بالمنطقة كلها
ألقي المنصب الجديد بظلاله علي حياة الشيخ ابوبكر وجعلته مقسما بين التدريس في المسجد وإعداد الخطبة ومزاولة علمله التجاري ورعاية شئون أسرته فأصبح يومه مقسما بينها ويكاد لايكفيه اليوم له يبدأ يومه بصلاة الفجر ثم بعد الانتهاء منها يجلس في الحلقة الدراسية ويظل بالمسجد حتي يصلي الضحي ثم يعود للبيت لتناول إفطاره ثم يتحرك الي السوق ويظل في دكانه حتي يؤذن الظهر فيذهب ليصلي بالناس ثم يعود لدكانه ثم يعود مرة اخري لصلاة العصر ثم يرجع الي بيته لتناول الغداء ثم يرتاح قليلا ثم يعود للمسجد لأداء شعيرة المغرب ثم يجلس في حلقة التلاوة حتي اذان العشاء ثم يعود لبيته فقد ظل علي هذا المنوال اكثر من أربعون عاما دون كلل او ملل يؤدي هذه المهمة الشاقة بلا اجر ولامكافئة من احد اللهم الا بعض العطايات والزكوات من بعض تجار المدينة والتي تدفع اليه باجال ومواعيد و بعد ان يحول حولها ،
كان الشيخ ابوبكر خطيبا لا يعرف اللجلجة والفافأة كان أمير البيان وفارس المنابر يستشهد في خطبه بإشعار العرب ومختصر حكمهم وكان يحفظ الكثير من بلاغة العرب وعيون وأشعارهم ويستخدم السهل الممتنع كانت معظم خطبه من الذاكرة مقل في كتابتها وكان يتناول فيها مستجدات الحياة اليومية والاحداث التي مرت او تمر خلال الأسبوع يعلق في كل ظاهرة او حدث ومن أشهر خطبه التي ظلت عالقة بأذهان المصليين هي خطبته في العام 1972 والتي رواها لي عمنا البتجاويش بدوي عبد الله وهو من الثقاة وذكر ان الشيخ ابوبكر عاد من الحج في ذلك العام ووجد المنطقة قد أجدبت وأصابها المحل فدعا الجميع للخروج بظاهر المدينة ليسألوا الله السقيا والري فخطب في الناس وحذرهم من ارتكاب المعاصي وقال لهم ( أيها الناس اتقوا الله وذروا من بقي من الربا ولاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل أيها الناس ما سمعنا ولا سمع الدهر ان تقيا شكي عسر رزق كيف لا وهو القائل في كتابه من يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) يقول الراوي انهم بعد ان فرغوا من الصلاة ظهرت سحب صغيرة في كبد السماء فاخرج الله منها ودقا فأصاب المدينة غيثا عميما اللهم وجرت أودية بقدرها وسال السيل زبدا رابيا فدر الضرع وأخضر الزرع ، كان الجميع يلجأ اليه وقد ذكر لي محدثي ان الأمطار اشتدت في عام من الأعوام فانهارت المنازل وأوشكت المدينة علي الغرق فصعد المنبر يدعوا ويطلب من المصلين ان يرددوا معه حيث كان يدعوا ويقول اللهم حوالينا ولا علينا علي الآكام والظراب وبطون الاودية وقيعان الشجر وهو دعاء علمه رسول الله لاصحابه ليكفيهم الله شر الغرق والفيضان