
اسمع ضجيجاً ولا أرى طحيناً ، تمثل المفردات الشعبية التي توارثها الناس عبر التجارب ، تمثل مدرسة في التعامل كلما صادف أو قصد طريقها، فالحكاوي والأمثلة والدلالات ذات الوقائع التي عاشها الناس بمرور الزمن نالت نصيباً واضحاً من التعامل وأصبحت ذات قيمة ، وذات رسالة وإن اختلفت من منطقة لأخرى بفعل عدد من العوامل والتأثيرات الظرفية والمكانية، ولكي تظل كما هي رسالة واضحة ومعبرة، والسودان الممتد أرضاً وعدداً من القبائل والعادات والتقاليد نتاج للتنوع الإثني والثقافي والاجتماعي الذي يتسع بمساحات التلاقي العامة وفي التعامل اليومي بين المجموعات والأفراد، ليس غريباً أن يتوسد الناس على أريكة الأحاجي أو الأمثال لتصير دلالات ومعاني في التعامل وتفاهمات لا تخطئ طريقها حتى في أصعب المواقف والأزمات، ولقد تعود الناس للرجوع لتلك الأحداث دوماً ومعالجة العديد من القضايا عبرها وإن استحدثت الموضوعات وتأثرت بعوامل التغيير والتطور التقني . كل المشاريع الاقتصادية والتعليمية والصحية إذا لم تدرس بواقع معاش وتخطيط سليم بالرغم من أهميتها وبالرغم من حاجة المجتمع لها إن مصيرها حتماً سيكون الفشل بالرغم من الضجيج والزخم الانتشاري ، كما أن الأشخاص والذين يملكون موهبة الحكي لا تخصهم فإنهم لا يستطيعون أن يحدثوا أي جديد أو أن يملؤا ذلك الفراغ ، كما المثل الإنجليزي (البراميل الفارغة تحدث ضوضاء) (Empty tins sounds most ) ولعل السباق في التناول والاستفادة من مثل هذه الأحكام تترك لمتلقي المعلومة أو المثل أنواعاً متعددة من الفراغات يسعى لملئها أو الاستفادة منها أو العمل على توظيفها لجهة عدد من المصالح ، حيث يمثل التخطيط السليم والواقعي مع توفير الفكرة والمال والكادر البشرى المؤهل لخطوط النجاح والفلاح لأي مشروع يهدف إلى تحقيق النتائج المرسومة بعناية فائقة وعائد يراكم النجاحات استفادة من الخبرات المتراكمة لمشاريع أصابها الفشل والخسران والمؤمل فيها تحسين الفوائد والقيم المتعددة، تلك الأمم تطورت وتوسعت في تقديم الخدمات المتنوعة لمواطنيها لم تفعل ذلك من فراغ وأحلام مشت على أرض الواقع، بل كان الدرس الأول فيها الإنسان بكل تفاصيله واحتياجاته اليومية وكان الهدف واضحاً واحتمالات الفشل واضحة ، مع وجود رقابة صارمة ورقابة فعالة، تقودها نخبة من المتخصصين في تلك المشاريع، من يدرك الطريق يعرف كيف يسير، ومن يمتلك مفاتيح التصميم والاستشارة لن يفشل، ومن يعلو صوته دون فائدة فإنه لا يأتي بالجديد بل يظل يجري ويسعى وراء الفشل دون نجاح، ولنصدق القول بأن من سبقونا في توظيف التجارب قد أدركوا حقائق المقولة ( السعن الما ملان جلباق ) وعديم الرأي لا يملك للنجاح نافذة .
بخلاف ذلك :
شهر مارس شهر الكوارث ورحيل القادة والمفكرين والشعراء والمبدعين في بلادي وشهر وهب العالم فيه للأم مكانة وتوافقاً على أنها مدرسة الحياة الأولى للأجيال فإن أحسنت صلح المجتمع وتمدد النجاح من بيت إلى بيت ومن الشارع إلى مجتمع بأكمله رسالات خالدات تعنى بشئون المجتمع
إلى أن نلتقي.. يبقى الود بيننا