وكانت سعادتي أكبر وافتخاري أعلى حينما كنت متواجدا في اليوم المخصص لمعلمات محليتي بحري وشرق النيل ( الشرق أتى ، وتلاقت قمم يا مرحى) ، وبهرت من التنظيم الرائع والدقة المتناهية وحسن الترتيب والإعداد لورقتي معلمات هاتين المحليتين الرائعات المخلصات اللائي أكدن على توارد الخواطر وهن يعددن ويقدمن ورقتين احتوتا على جوانب من العلوم الدينية والثقافة الإسلامية ، وسأهديكم جزءا منهما عبر هذا المقال، وقد تأكد لي من خلال ذلك أن مفعول السحر قد سرى في أوصال معلمات جميع المحليات ، فانبرين يقدمن المعلومات المفيدة ويبحثن وينقبن في درر العلوم ليخرجن لنا بهذه الكنوز.
فقد حملت ورقة معلمات محلية بحري عنوان
( مقاصد الشريعة الإسلامية) وقامت بإعدادها إنابة عن زميلاتها المعلمة سمية محمد إبراهيم التي قدمت الورقة بأسلوب سلس دل على عمق معرفتها التربوية وطريقة إلقائها الجاذبة واللافتة للانتباه، إذ جاء في ورقتها عن تعريف المقاصد لغة( المقاصد جمع مقصد ويراد بها التوجه والنهوض والاعتدال والاستقامة والهدف والغاية)، ومقاصد الشريعة الإسلامية في الاصطلاح هي ( أهداف الشريعة وغاياتها التي أراد الشارع الحكيم في التشريع والتكليف لتحقيق مصالح العباد).
وذكرت المعلمة الباحثة أنه مما يدل على أن للشارع مقاصد في شرعه الحنيف أمور ووجوه وأدلة ظاهرة في ( أن خلقه جل وعلا الخلق من أجل انتفاع العباد واستمتاعهم حتى يشكروه على جزيل نعمه وآلائه مصداقا لقوله تعالى( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السموات والأرض لآيات لقوم يعقلون) البقرة (164).
ومن أدلة ذلك أيضا نجد أن القرآن الكريم يثبت أن الله تعالى مريد لفعله وحكمه ، فهو قاصد لفعله وحكمه مقاصد( إن الله يفعل ما يريد) و( ان الله يحكم ما يريد)، وقد صرح الله سبحانه و تعالى أنه يريد لعباده اليسر ولا يريد لهم العسر حين قال( ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقرة (158)، وأخيرا نجد أن من بين أدلة هذه المقاصد الاستقراء الذي يدل على أن أحكام الشرع معللة، فقد قال البيضاوي رحمه الله في المنهاج ( الاستقراء دل على أن الله تعالى شرع أحكام لمصالح العباد تفضيلا وإحسانا) وظهرت بوضوح في قوله تعالى( وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون).
وأشارت الباحثة إلى مراتب مقاصد الشريعة، فحصرتها في المقاصد الضرورية وجعلتها في أعلى المراتب وتشمل( حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ النسل وحفظ العقل وحفظ المال) ، والمقاصد الحاجية وهي( ما يفتقر إليها لتوسعه ورفع الضيق المؤدي إلى العنت والجرح ويدخل المشقة كالرخص المخففة للسفر والصوم، وهنالك المقاصد التحسينية وهي( التي لا ضرورة لها ، ولكن مصالح العباد فيها تقع موقع التحسين والتزيين أو هي رعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات).
أما معلمات محلية شرق النيل فقد أعددن بحثا رائعا عن الثقافة الإسلامية في جوانب( المفهوم- الأهمية- الخصائص- المصادر) ، وقد أنابت عن بقية الزميلات في إعداد هذا السفر الثقافي الإسلامي الطيب ثلة من معلمات المحلية وهن خالدة عبدالرحمن الأمين وهدى محمد عربي وشيرين عمر وهادية ديفل وهاجر الطيب ورباب فضل السيد.
وقد تناول بحثهن تعريف الثقافة في اللغة العربية بأنها ( يرجع إلى الجذر ثقف ) ويشير إلى الشخص الفطن المتحاذق اللين أو الشخص الملم بالمعرفة والأدب ، وهنالك الكثير من تعريفات الثقافة تختلف بحسب طبيعتها في المجتمع أو ما يتعارف عليه العامة على أنها المعارف والعلوم والأدب والفنون ، يقول ابن منظور متحدثا عن معنى ثاقفه : (ثقف الشئ ثقفا وثقافة حذقه، وثقف : حاذق فهيم ، ويذكر في كلمة ثقافة التبحر في العلم وحفظه وتجويده ، ثقفا إذا كان
ضابطا لما يحويه قائما به).
وتعرف الثقافة اصطلاحا بأنها( مجموعة من العلوم والفنون والمعارف النظرية التي تكتسب عن طريق النقل والعقل والحواس لصقل الموهبة وتنميتها وتنقية الفطرة وتهذيبها، فتكسب الإنسان الرقي والتقدم والظفر بمعاني الخير والعدل) ، أما تعريف الثقافة الإسلامية في الاصطلاح فهي( العلوم والمعارف الإسلامية العامة التي تبين نظم ومبادئ وفكر الأمة وتحدد ملامح شخصيتها وقوام وجودها وضبط سيرها في الحياة).
وحددت الباحثات الفرق بين الثقافة والعلم ( بأن الثقافة مجموعة من المعارف والفنون والآداب التي ليس لها قواعد ثابتة يؤسس عليها)، أما العلم ( يقوم على أصول ثابتة وأسس بينة وقواعد تصلح للبناء عليها، فهو ذو أصول ثابتة مثل الرياضيات والهندسة والنحو والقواعد الأصولية).
وأبرز البحث كذلك أهمية الثقافة الإسلامية في تكوين الشخصية المسلمة المتميزة على مستوى الفرد والجماعة والأمة وإعطائها الهوية المستقلة الأصلية لكل مسلم ، وعرض نظم الإسلام بشمولها وترابطها التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم وتحصين المسلم ضد المبادئ والعقائد الهدامة المنتشرة من حوله وتنمية الولاء للأمة الإسلامية والتأكيد على أهمية رسالتها العظيمة وبيان نجاح الإسلام في معالجة المشكلات وبيان امكانية سيادة نهضة الأمة الإسلامية في حال تمسكها بثوابت الإسلام.
وتحدث البحث عن خصائص الثقافة الإسلامية التي حوت ( الربانية والشمولية والتوازن)، كما تناول البحث مصادر الثقافة الإسلامية وهي( القرآن والسنة النبوية، وهنالك مصادر فرعية مثل( الإجماع والأمانة العلمية وعلم الفلك والعلوم الطبية والعلوم الرياضية والنظم والقوانين)