الأربعاء، 27 مارس 2019

مقالات:يا أُمي يا ست البنات الله يرحمك


درج العالم في مشارق الأرض ومغاربها الإحتفاء سنوياً بعيد الأم، في هذه المرة، صادف شهر رجب المعظم تلك الإنسانة المفعمة بالحب والحنان وأنا شخصياً عاشرتها منذ الميلاد حتى أصبحت جدة لأبنائي الذين حضروها، وارثوا من فيضها وتماماً لعادة أهلنا الشوايقة، كما وصفهم شاعرهم شيلة الحليلة على المراح في الصباح الباكر، وهي أيام تجدد فيها الذكريات الجميلة، نتلم عندها في الصباح لنشرب الشاي والقهوة وقبلها عندما يؤذن النباه الأول من الآذان نصحى على حركتها، وهي تهز المنقد وبعد أن تضع الكفتيرة على النار، تتوضأ وتصلي الصبح ويطربك صوته وهي تسبح بدعاء لا زال يرن في أُذني يا لطيف يا لطيف تدخلنا في قبة حديد صلبها في الماء ورأسها في السماء، مفاتيحها يا لطيف يا لطيف.
ثم تشيل حلة اللبن، وتذهب للغنيمات، تحلب اللبن وتقننه، وبعد أن تسكب لنا لنشرب ترمي فيه حبة حرجل لأنها مسكينة اصابها داء السكر من بدري، وهي محافظة عليه جداً، وبالرغم من ذلك إلا أنها تتناول الحرجل والمحريب من الأعشاب البلدية وكنت عندما يزعجها السكري، قبل ذهابي للعمل أذهب بها لعيادة د. الحضري الله يرحمه ويرحمها وفي أثناء الرجوع أشتري لها سندوتشات من كافتريا السكرية، حتى من بعد أذهب للعمل لأن لها إبنة واحدة وكانت في بابنوسة مع أولادها وكنا نحب أكلها فهي لا تحب أن يكون في الملاح صلصة بل تحب الطماطم، ولا تحب الملاح بتاع الثلاجة كم كانت فاضلة ورحيمة، تأخذ من العندو للذي ما عنده.
كانت فاضلة جداً، تحب أرحامها خاصة اولاد أخواتها عوض، عبد الله، والزلال جميعهم رحمهم الله وتسافر إلى بورتسودان بين الحين والآخر، لزيارة شقيقها احمد الفحل رحمه الله، أماني ماكانوا حُنان وتزور خالتها تومة سعيد وعائشة وبنت سعد رحمهم الله كانت مواصلة للجيران الذين لم تفرز بينهم لا بجنس ولا عرف المرحومة مريم التوم، والمرحوم عز الأهل وبخيتة ونورة حفظهما الله، وقسمة وفاطمة بنت ابو عائشة بنت حاج علي ورقية.
ست البنات الله يرحمها كانت تحب الكلام في سيرة الناس ولا عرف لها خصومة، ولا قطيعة ولا تعمل بالجرورة «الدين أو الإقتراض» هذه هي أُمي الرؤوم، كنت أسعد عندما يزورنا الجابري الذي من خارج الباب ينادي يا عمة أو حسن حربش عندما ينادي ياخالة وكانوا رحمة الله مداومين على زيارتها وبين الفينة والأُخرى يزورها ابن اخيها عوض علي عبد الله بتلك العجلة التي لا أنساها هذه المرأة الحنون اسم على مسمى.
فأقول لك أنا على العهد إبن أدعو لك عند كل صلاة، أن يرحمك الله ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته، وأن يحشرك في زمرة الصديقين والنبيين والشهداء وحسن اولائك رفيقا
وفي هذه الذكرى عنت لي أبيات صاغها حبر الأمة 
الامام الشافعي رضي عنه الله وأرضاه
لقد متنت على قلبي بمعرفة
بأنك الله ذو الالاء والقدس
فأمنت علىّ بذكر الصالحين ولا
تجعل علىّ إذاً في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي
ويوم حشري بما أنزلت في عبس
إبنك عبدالقيوم