الخميس، 28 مارس 2019

حوار:فى أول حوار له منذ عودته من صفوف الجبهة الثورية .. نصرالدين الهادى المهدى يدلي بشهادته على العصر في أحداث الجزيرة أبا (2)





















نحو 200 شهيد لقوا حتفهم بالجزيرة أبا والقنابل كانت كفيلة بإبادتهم جميعاً ....
البعض تجده يضع دم الشهداء دبورة في كتفه ويعرض مع الظالم!..
الإمام الهادي ما كان يريد أن يدير معركة في الجزيرة أبا وخرج منها ليسلم أرواح الناس..
 أرجو أن تشكل لجنة قانونية لمناقشة أحداث الجزيرة أبا والأحداث المماثلة .. 
الأنصاري الذي إستل سكينة  في مواجهة النميرى كان متحمساً..  
الذي جعل الناس تلتف حول المهدي هو أن قوله طابق فعله..

كشف النائب السابق لرئيس حزب الأُمة القومي نصر الدين الهادي المهدي في أول حوار له منذ عودته من خارج السودان بعد أن كان نائباً لرئيس الجبهة الثورية ، كشف أدق الأسرار عن أحداث الجزيرة أبا التي وقعت في الفترة  من 26 إلى 31مارس 1970 وأستشهد فيها إمام الأنصار الهادي المهدي بالقرب من الكرمك ، كما استشهد عدد كبير من الأنصار داخل الجزيرة أبا، وودنوباوي  ، نصرالدين حكى روايته كشاهد على العصر وكان فى قلب الأحداث ،«الوطن» أجرت مع نصر الدين حوار عن أحداث التاريخ و حول مايدور فى الراهن السياسى فالى تفاصيل الحوار.
حوار : عبدالوهاب موسى 
كم عدد الذين لقوا حتفهم فى الجزيرة ابا ؟
نحو 200 شهيد لقوا حتفهم ولكن القنابل التى سقطت فى الجزيرة أبا كان يمكن أن تبيدهم جميعا ولأن الجزيرة أبا أرضها طينية فغطست فيها القنابل التي مازال بعضها موجود، وبعض الناس قال هذه كرامة ،فالإمام الهادى كان لايرغب فى الدخول فى مواجهة.
طائرات اطلقت منشورات ورشت الجموع بالماء، بعض الأقاويل اشارت  ان الأنصار قالوا »سيدي قلبوا ورق وسيدي قلبوا موية«؟
الطائرات ضربت فى اليوم الأول للأحداث وهى طائرات سودانية وبعضها   اطلقت المنشورات وجاءت طائرات الميج اخترقت حاجز الصوت وهى مصرية ولم تطلق قنابل وكان نظام مايو وجد دعماً من حلف الدفاع المشترك »مصر وليبيا« ولكن ليست هناك قوات فعلية من ليبيا أو مصر شاركت فى الأحداث فيمكن أن يكونوا مدوه بأموال أوسلاح أوأدوه الفاتحة !
هل الأنصار لم يتمكنوا من استخدام السلاح الذى جاء من اثيوبيا كرسالة من الشريف حسين الهندى ؟
ابداً ..السلاح كان محدود، وفى تراث الأنصار عندما إنتصر الإمام المهدى على أبو السعود خرج مباشرة من الجزيرة أبا عبر منطقة الطويلة غرب الجزيرة أبا ،ولما أبتعد المهدى من النيل تحسبا من أن يباغته الغزاة  أراد أن يغسل السلاح من الدم  فحفر بئراً فى منطقة اسمها (أغسلي)  وحتى  الان هذه المنطقة موجودة  ثم ذهب الى العليقة الشيخ البشير ودمضوي ثم ذهب جنوبا وفي الطريق (العرب (عيَّروه وقالوا له أنت (عرَّدت)؟، فقال لهم أنا ماعرَّدت لكن الفروة بطووها من طرفها، و هذه نظرة استراتيجية ثم ذهب إلى الملك آدم أم دبالوا ملك   جبال تقلي فقال له أنا ماعندي شغلة بقصتك دي ولكن تقعد زى ماداير مافي، زول بجيك هنا فآواه وأطعمه حتى إلتف  حوله  7 الاف رجل وطوى الفروة من طرفها،
فكيف للإمام الهادي أن يدير معركة في الجزيرة أبا ،فالإمام الهادي ما كان يريد أن يدخل في معركة وحتى الذين سجلوا موقف في منطقة (أُم جر) كانت تعليماتهم ان يرددوا هتافات ولكن الأنصارى الذي استلَّ سكينة كان متحمسا فقط، والرئيس النميري كان خائفاً.
ماالذي حدث بالضبط في أُم جر ؟
الذي حدث أن النميري جاء الى المشرع وجاء الأنصار وهتفوا ورددوا شعارات لاسلام بلا إسلام، وهؤلاء لم يوجههم الإمام الهادي ولكن أحد الأنصار  تحمس و إستل سكينة  وهاجم النميرى فقبضوا عليه،  والنميري قطع رحلته وذهب إلى كوستي، وقرر ان يضرب الجزيرة أبا فواضح أن هناك نية مبيته لضرب الجزيرة أبا وكان الهدف من زيارة نميري إخراج العملية ،فالإمام الهادي أساسا ماكان مستعد للمقاومة ولامستعد لحرب وفوجىء بهذه المسألة ، فلما شعر بأن هناك نذر مواجهة في الجزيرة أبا خرج من الجزيرة أبا ليسلم أرواح الناس، وحتى مقاومة الأنصار للقوات الحكومية كانت دفاعا عن النفس .
بعد كل هذا التوثيق الكثيف  لأحداث الجزيرة أبا وودنوباوي ومقتل الإمام الهادي هل بالامكان نقل  هذه القضية الى المحاكم الدولية كجرائم إبادة جماعية؟
محاكمة قتلة الإمام الهادي صار مبدأ قانوني ويجب أن يستفيد منه الناس ويتحدثوا عنه باستفاضة ويستشيروا الجانب القانوني ،فالقاضي قال لايوجد  سبب يخفف على أحد جريمة قتل إنسان ، ولو جاءت التوجيهات من أعلى جهة في الدولة وبالتالي لوكان في ذلك الوقت  وجود للمحكمة الجنائية الدولية لايمكن لأحد أن يتجاوزه العدالة ، فالمحكمة  حينها حكمت على هؤلاء بالإعدام ونحن في القريب فكرنا في الأمر فالموضوع ضد النميري والذين نفذوا توجيهات النميري أحياء، فقائد حامية الدمازين له صلة بنا ولكن حكم عليه بالإعدام رغم أنه لم يشارك في التصفية .
 هل الآن لاتوجد ضرورة لإعادة ملف  أحداث الجزيرة أبا وودنوباوي والكرمك إلى المحكمة الجنائية على الأقل حفظا لحقوق الناس ؟
في تقديري قضية الأحداث في الجزيرة أبا وودنوباوي والكرمك ليست خاصة بأسرة الإمام الهادي ولا الأنصار بل هي قضية الشعب السوداني  والجيش السوداني محتاج أن يبرئ  نفسه من عبث جماعة النميري ، وأعتقد ان إثارة هذا الموضوع هي من باب معرفة الحقيقة  لنا أوعلينا ، فأنا في تقديري الفرصة سانحة لمناقشة هذه القضية وأرجو أن تشكل لجنة قانونية في هذا الخصوص وليس لمناقشة أحداث الجزيرة وحدها  بل لكل الأحداث المماثلة والتي فيها ضحايا أبرياء سودانيين نتيجة لمواقف سياسية .
هل هناك تحرك فى هذا الملف ؟
كان هناك تحرك ولكن طيلة الفترة الفائتة لم نفق من العساكر وظللنا مشغولين بأنفسنا.
ما الذي يمكن أن يكون ممسك ومعيد للحمة الأنصار كما كانوا فى عهد الإمام الهادي ؟
أساساً الإمام المهدي ثار ضد الظلم والشئ الوحيد الذي يوحد السودانيين هو الدين الإسلامى ولذلك رفع راية الإسلام وهى تدعو لكرامة الإنسان ولذلك إلتف حوله الناس  وأهم شئ جعل الناس تلتف حول المهدي هو أن قوله طابق فعله  فهو جاهد نفسه وكان منذ طفولته يرفض أن يصطاد السمك بالطعم ، وفى أحر درجات الحرارة في الصيف كان المهدي يتعبد في أسخن مكان هو الغار، وفى الشتاء يذهب لأبرد منطقة، وهذا تطويع للنفس فالناس رأوا فيه هذا الصنيع فكانوا يزورونه ويتبركوا به ، فالسيد عبدالرحمن جاءه الجنوبيون وقالوا له أنت تريد الشريعة ولذلك لانذهب معك،  فقال لهم الشريعة التي أريدها أنا هي التي تدعو إلى مكارم الأخلاق في العبادات والمعاملات وهذا هو حدَّنا فى الإسلام ،والإسلام السياسي ليس إسلاماً فالدين المعاملة ، أما الدعوة لتوحيد الناس كسودانيين »تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا واذا افترقن تكسرت آحادا« وفي تقديري مايحدث في هذا البلد أن هؤلاء الناس كالنمل تسلَّلوا من عيوبنا لكن أنت كيف تدعو للتوحيد ومازال بعض الناس يرضعون من ثدي النظام ؟، وكيف تساوي الناس الذين مازالوا ممسكين بجمر القضية منذ السبعينيات ومازالوا مع ناس مازالوا  فى القصر؟، والشئ المهم هو أن مركز الإمام عبدالرحمن للتراث والتوثيق دأب على الإحتفال بذكرى الشهداء سنويا وفي 2017 إتصلوا عليَّ  وقالوا لي سجِّل لنا كلمة، فقلت لاتستطيعون اذاعتها  فقال سنذيعها، فأرسلت لهم كلمة بسيطة ،أن أهم شئ فى الأحتفال بذكرى الشهداء أن نحتفل بالمعاني التي كانوا يؤمنون بها لأنهم وقفوا مع الحق وكان ديدنهم الثبات على المبدأ والوقوف مع قضايا الشعب العادلة التي قدم من أجلها الإمام الهادي وصحبه أرواحهم فداءاً لها، ولكن إستغرب في أن الكثير منا تجده يضع دم الشهداء( دبورة) في كتفه ويعرِض مع الظالم.!
 وماذا عن أحداث ودنوباوى ؟
لم أكن شاهداً على أحداث ودنوباوي ولكن وفقا لرواية العم قاسم مكي أن الأنصار بعد سماعهم ماجرى في الجزيرة أبا قرروا ان يسيروا موكباً يوم الأحد بعد صلاة الصبح إلى القصر الجمهوري إحتجاجاً على ماحدث في الجزيرة أبا، وطبعا الأنصار عندهم طريقتهم في تحريك المواكب ونتمنى أن تتكرر هذه الأيام فهم يخرجون في صفين وينشدون »الجلالة« ويكبروا ويمشون مشية عسكرية والمعروف أن الأنصار يتحركون جاهزون منهم من يحمل سكينه ومنهم من يحمل سيفه  ومشوا حتى وصلوا الكبري، وفتح الكبرى وبطبيعة الحال أن الأنصار بعد عودتهم من مثل هكذا مواكب يرددون نشيد إلى الأمام إلى الأمام ياشباب الإمام وهو نشيد قوي وبعد التكبير يتفرقون  وكان هذا في ساحة مسجد السيد عبدالرحمن بودنوباوي وفي هذه الاثناء جاءت  عربة كومر بدون انذار وهي تحمل عساكر واتخذوا سواتر بالقرب من الكبري بالجانب الشرقي وفتحوا النار، فالأنصار منهم من سقط ومن بقي منهم هاجموهم وأبادوهم في دقيقة واحدة، وحدثت المجزرة فضربوا الشيوخ المسنين وأحرقوا البيوت واطلقوا قاذفات  اللهب في مسجد الأنصار ، ومواقع قبور الأنصار غير معروفة حتى ان بعضهم دفن بالقرب من مسجد الشيخ دفع الله ومواقع أخرى .

اقرأ أيضا :فى أول حوار له منذ عودته من صفوف الجبهة الثورية .. نصرالدين الهادى المهدى يدلي بشهادته على العصر في أحداث الجزيرة أبا (1)