الخميس، 28 فبراير 2019

مقالات:فوق صفيح ساخن :الأميرة ريما سفيرة للسعودية بأمريكا ..


في وقت تشهد فيه العلاقات السعودية  - الأمريكية حالة من التوهان ...  تؤثر سلباً على العلاقات التاريخية التي أرساها المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز مع الرئيس الأمريكي رزوفلت في الخمسينات ... وكانت تمثل محور هام تزداد مع الأيام قوة لأنها تنطلق من رؤية مشتركة لكلاهما في كثير من القضايا .. ثم جاء حفيد المؤسس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد نصف قرن من الزمان حاملاً مشعل التغيير والتحول في سياسة المملكة الداخلية والخارجية ... فكانت القرارات التاريخية التي أثارت جدلاً واسعاً عن الشفافية ومحاربة الفساد والسماح للمرأة بسواقة السيارة .. لافتتاح لدور السينما .. لدخول المرأة في المناشط الاجتماعية حتى السماح لها بدخول الاستادات الرياضية ... ثم كانت زيارته لأمريكا طارحاً رؤية المملكة 2030 والتي سوف تنقل المملكة لمصاف الدول الكبرى .. وفي خضم ذلك كانت حرب اليمن التي طال أمدها وأصبحت عبئاً ثقيلا يؤرق مضاجع الحكومة السعودية .. تعاقب على ذلك قطع العلاقات مع دولة قطر وما تشكله من تصدع في البيت الخليجي وشرخ في العلاقات مع كثير من دول العالم .. وكانت ثالثة الأثافي طريقة تصفية المعارض الصحفي خاشقجي في مسرحية سيئة الإخراج زادت الطين بلة استغلها الإعلام القطري عبر قناة الجزيرة لتأليب الرأي العام ومناصري حقوق الإنسان ضد الأمير الشاب.
كل تداعيات هذه الأزمات المتلاحقة والمترادفة جعلت الأمير الشاب في موضع لا يحسد عليه .. ولأنه صاحب رؤية وهدف لم يستسلم فلا غرو إذن اتجاهه نحو الشرق حيث الصين والهند وباكستان واندونيسيا... الخ زيارات حللتها الوسائط الإعلامية بالرد القوي لأوربا وأمريكا .. وسط كل هذه الأجواء جاء تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للسعودية في أمريكا بدلاً عن شقيقه الأمير خالد .. وذلك لإيقاف النزيف في جسد العلاقات بعد الحراك الإعلامي المعتاد عبر لوبيات عديدة سياسية وإعلامية ومجتمعية .. إذن ترميم هذا الشرخ في جدار العلاقات يحتاج لمواصفات كالتي كان يملكها الأمير بندر بن سلطان والذي عمل سفيراً مدة طويلة عاشر فيها أكثر من رئيس أمريكي .. بوش  كلينتون وأوباما وقد استطاع طوال هذه المدة أن تكون العلاقة في أبهى صورها .. لهذا نجد أن مهمة الأميرة ريما  يمثل تحدياً ولكنها تملك الإرادة والخبرة والأهم أنها عاشت هذه الأجواء بل رضعتها من والدها بعد أن تسلحت بالثقافة والعلم والخبرة والتجربة من خلال هذه السيرة الجديدة.. عملت الأميرة ريما مستشارة في مكتب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما عملت وكيلة للتخطيط والتطوير في الهيئة العامة للرياضة. وحصلت الأميرة ريما على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية مونت فيرون بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة عام 1999م. وأصبحت الأميرة ريما أول امرأة تتولي اتحاد متعدد الرياضات في المملكة العربية من خلال منصبها رئيسة للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية. ومن أبرز الانجازات في رصيد الأميرة عملها إلى جانب وزارة التعليم لتأسيس التعليم الرياضي للفتيات في المدارس ومشاركة النساء في العديد من المنافسات الرياضية. وكان للأميرة ريما دور كبير في الالتفات والتوعية بمشكلة صحية كبيرة تعاني منها كثير من النساء حول العالم وهو سرطان الثدي، وعملت في السابق في منصب الرئيس التنفيذي لشركة ألفا انترناشونال& هارفي نيكلز، حيث دخلا ضمن قائمة مجلة (فاست كومباني) الأمريكية للأشخاص الأكثر إبداعاً عام 2014م. وأطلقت مبادرة 10ksa التي تمكنت من الدخول إلى موسوعة »غينيس« للأرقام القياسية بعد صناعة أكبر شريط وردي في العالم الذي يرمز لمكافحة سرطان الثدي، كما أنها المؤسس لمبادرة (ألف خير) وتم اختيار الأميرة ريما لتكون في المرتبة السادسة عشرة ضمن قائمة مجلة (فوربس الشرق الأوسط) لأقوى 200 امرأة عربية.
وأخيراً كان لدي فرصة اللقاء بها قبل فترة وجيزة عبر حديث صحفي لمست فيه ما أدهشني من حضور وألق وثقافة ومعرفة وجرأة ورغبة في العطاء.. لكل ذلك إني واثق أن لمسة الأميرة ريما في جسد الأزمة السعودية الأمريكية سوف يكون بلسماً يداوي الجراح ويضمدها لتنطلق لعهدها الأول إستراتيجية .. كل الأمنيات أن تكلل مساعيها بالنجاح الذي تملك مقومات أدواته.