اقسم بالله انا لا اعرف المهنيين
نسأل الحركة الإسلامية .. أين الإسلام من هذا ..؟ وموقفنا ضد السوفيت لهذا السبب
حوار / عبدالباقي جبارة
يعد من القانونيين القلائل الذين يهتمون بالجانب الفكري في الحياة السياسية له مواقفه الواضحة ضد الحكومات الشمولية صادحاً بآرائه حتى داخل حزبه موقفه من الحكومة الحالية ثابت لا تفاوض لا مصالحة ، فهو يرى بأن حكومة الإنقاذ أكسبت الحزب الشيوعي أرضية ما كان يحلم بها ناقداً بشدة لنموذج الحزب الشيوعي السوفيتي ، مؤكداً بأن موقف حزبهم من الدين والأعراف السودانية فزاعة مضللة يستخدمها «الإسلاميون» ويرد لهم السؤال أين الدين في واقعكم وأنتم «حاكمين» في حوار شخص فيه الحالة التي يمر بها السودان ومآلات الأوضاع الماثلة .. عبر المساحة التالية نتابع ما جاء على لسان القيادي والسياسي المعروف والمحامي الضليع كمال الجزولي.. فإلى ما أدلى به لـ (الوطن) :
* سيد كمال كيف تقرأ المشهد الآن في السودان من واقع الأحداث الجارية؟
- أنا أقرأ المشهد الآن وفقاً لنظرية تقوم على ما يعرف بالأزمة الثورية، والأزمة الثورية تفسيرها أن يكون النظام عاجز نهائياً عن تقديم أية حيلة جديدة أن يستطيع بواسطتها يستمر في الحكم، وأن تكون الجماهير قد يئست نهائياً أن تتوقع من النظام «شيئاً جديداً»، وهنا ينشأ ما يسمى بالأزمة الثورية، وبالتالي تصبح الثورة مرئية بالعين المجردة وهذا بالضبط ما يحدث الآن في السودان.
* هل هذا حدث فجأة..؟
- هذا لم يحدث فجأة ، النظام يخطئ حين يرى ما يحدث حوله أنه حدث فجأة أو مؤامرة من الحزب الشيوعي أو مثل هذه الأشياء المضحكة، وما حدث الآن هو في الواقع ظل يحدث منذ ثلاثين سنة، يحدث بالتدريج ويتراكم بالتدريج إلى أن تحول إلى تغير كيفي فأنفجر الشارع هذه بالظبط قراءتي لما يحدث الآن.
* لكن رغم ذلك ألا ترى بأن الشارع السوداني تأخر كثيراً وخاصة أن هذا الواقع الذي يحدث له ليس جديداً وكأنه صحى فجأة، ولماذا لم يشتغل العقل الجمعي غير هذا الوقت؟
- «أنت تريد وأنا أريد واللـه يفعل مايريد» أنت لا تستطيع أن تفرض حالة الثورة متى شئت هي مسألة موضوعية دون تدخلك الشخصي، تدخل يكون كقوة ثورية أو سياسية معارضة أن تكون على إستعداد للتفاعل معها ولقيادتها وتقديم شعاراتها وأهدافها لكن الإنفجار يحدث موضوعياً.
* هل فعلا الجيل الذي يقود الحراك الآن مفصول عن واقعه ولا يعترف بتواصل الأجيال؟
- هذا ما تروج له أجهزة النظام، لكن السؤال الذي يجب أن تجيب عليه هو كيف ٫مفصول عن واقعه والقوة السياسية الفاعلة خلال العقود الماضية من أين جاء بالحديث الذي ينادي بالإضراب السياسي والعصيان المدني ايعنى من خياله فقط أو لصيق تماماً ويعرف تاريخ الثورة في السودان .. الواقع بأن إستعادة الديمقراطية في كل مرة هذا هو القانون الأساسي للثورة ليست هي مسألة مزاج أجهزة الإنقاذ أو الصحافة الإنقاذية أو إعلامها تروج ما تشاء دائماً.. النساء في السودان ينتفضن وتحدث الثورة لإستعادة الديمقراطية وهذا يحدث كل مرة ومن الغباء أن لا يتعلم الناس من ذلك وأن لا يعتبروا ذلك قانوناً موضوعياً ومن الغباء أن يعتقدوا بأن حدث من قبل مرتين لا يمكن أن يحدث مرة ثالثة مثل ما حدث في أكتوبر 1964م وأبريل 1985م والآن يحدث وبعد كل ذلك لا يتعلم الناس.
* إذا أستدعينا التاريخ هل هذا الجيل الآن يدفع ثمن خلافات اليمين واليسار في السودان؟
- أين توجد خلافات اليمين واليسار وما هو اليمين واليسار !
* بعبارة أوضح سبق لأحزاب اليمين أن قامت بإقصاء الحزب الشيوعي في الستينيات ، وجاء الحزب الشيوعي بحكومة مايو أرتكب مجازر، ويخشى الإسلاميون الذين أقصوا الجميع من المشهد بأنه إذا نجحت الثورة الآن ينتقم منهم الحزب الشيوعي لأنه ضد الدين والعرف السوداني هل ذلك صحيحاً؟
- على أي حال هذا كلام غريب ! كل ما أستطيع أن أقوله لك لو أن هؤلاء الإسلاميين الذين يقولون مثل هذا الحديث لو كانوا جادين في معارضة النظام ويرغبون في التغيير فاليقدموا الدليل والبيان بالعمل ، فاليعملوا مع العاملين لإحداث التغيير بعد ذلك فالينظروا الشعب يقصيهم أو تقصيهم عليهم أنهم يقدموا أنفسهم بأنهم معارضين لهذا النظام ويعملوا على تحقيق رغبات الشعب حتى بعد ذلك يتحدثوا عن من الذي يريد إقصاءهم، والحديث عن الحزب الشيوعي بهذه الطريقة والحديث عن ما حدث في الستينيات هذه هواجس وكوابيس تدور في عقول بعض الإسلاميين ولا يريدون أن ينفكوا من هذه الكوابيس، فإذا رغبوا في الإستمرار في ذلك فهذا أمر يخصهم أما إذا رغبوا في التغيير عليهم أن يعملوا مع الناس من أجل ذلك.
* لماذا الحزب الشيوعي يتمترس في موقفه ويرفض الحوار في كل المراحل وخاصة أن الإسلاميين تحاوروا مع أحزاب الأمة والإتحاديين وحصلت بينهم تفاهمات؟
- إذا استطاعوا أن يدخلوا حزب الأمة والإتحاديين ومعهم جزء من الإسلاميين وجزء من تنظيم حسن الترابي رحمة اللـه عليه مثل المؤتمر الشعبي، كل هؤلاء أستطاعوا أن يدخلوهم فما هي قيمة الحزب الشيوعي، إذن وحده يعيق كل هؤلاء ! هل هذا حديث يدخل العقل.
* وهذا يقودنا لقول الحكومة بأن كل الحراك في الشارع من الشيوعيين ويقودون ما يحدث سواءً بإسم المهنيين أو غيرهم أليس كذلك؟
- واللـه واللـه المجد الذي حققه هؤلاء للحزب الشيوعي لم يستطع الحزب الشيوعي أن يحققه لنفسه منذ تأسيسه في سنة 1946م ، أنا موجود في الحزب الشيوعي لي أكثر من خمسين عاماً ولم أر مجداً كما يحدث الآن واللـه أصبحت أفرح شديد كل ما يقولون ذلك أنا أقول لهم إذا الشيوعيين يستطيعوا يفعلوا كل ذلك هل أنتم موجودين وأنا أدخل السجن.
* دار لغط كثير حول من هم المهنيين جسم وهمي زرائع للحزب الشيوعي لقوة أجنبية من هم المهنيين وأين قيادتهم؟
- أنا واللـه صراحة إذا أردت مني إجابة دقيقة تعتمد على معرفة فلان وفلان، أنا واللـه لا أعرفهم أقسم باللـه لا أعرفهم وأنا دخلت السجن ولا أعرف أحداً منهم.
* أستاذ كمال أنا لا أتعمد سؤالا ساذجاً، لكن قصدت أن أجد عندك إجابة لهذه العبقرية في ما يسمى بالمهنيين التي شغلت كل الأوساط فقط أبحث عن تفسير بغض النظر عن الأسماء؟
- أنا أفهم ذلك وأنت صحفي مؤكد أنا لا أعرفهم بالإسم ولم أكن جزءاً من تكوينهم وكيف تم، لكن بقراءتي أستطيع أن أقول لك خلق جيل من الناشطين السياسيين لا يعمل بالطريقة التقليدية بما فيهم الحزب الشيوعي، هؤلاء أناس يعملون بطرق جديدة ويجيدون إستخدام الديجتال والعالم الرقمي والأسفيري، كما يقولون من ناحية الصوت والصورة واللغة واستخدام ذلك في حركة كاملة جمعت حولهم الناس وبأعداد ضخمة جداً من نظائرهم وأشباههم وأمارهم ما بين سن 17، 18 إلى 40 عاماً جمعوا بعضهم البعض خاطبوا بعضهم البعض ومزاجهم يشبه بعض وتوجاهتهم وقد يكون بينهم أناس موجودين من أحزاب من غير التقييد بضوابط الأحزاب، وفي السابق إذا أنت عضو في حزب لا تستطيع أن تعمل أي عمل إلا بتوجيهات من الحزب ومثل هؤلاء يكونوا موجودين عند المراغنة عند الأنصار أو عندنا نحن والبعثيين هؤلاء المهنيين لم يحركهم حزب بالضرورة، هذا المنهج في العمل غير معروف للعامة.
* البعض يعيب على الثورة عدم ظهور قيادات سياسية واضحة وإذا ظهر قادة الأحزاب في الواجهة يتهموا بإختطاف الثورة فكيف تستقيم هذه المعادلة؟
- كل هذا الأمر رهين بالمواثيق لعلك تتفق معي بأن هؤلاء الشباب بادروا بطرح مشروعهم في شكل ميثاق بإسم (الحرية والتغيير) ثم جاءت أحزاب سياسية تقليدية، وقالت لهم نعم نحن معكم في هذا الطرح ثم أصبح هؤلاء الشباب وجاء عليهم الأنصار بميثاق (الخلاص الوطني ) ومع حزب الأمة هنالك أحزاب في نداء السودان، ثم جاءت أحزاب الإجماع الوطني متوافقة حول البديل الديمقراطي، ثم جاءت كتلة من الإتحاديين تحت إسم (التجمع الإتحادي المعارض)، ثم جاءت فصائل من المجتمع المدني، عندها إتفاق تام مع هؤلاء المهنيين فأصبحت هنالك خارطة تجمع قوى سياسية كبيرة لا يجمع بينها غير مواثيقها وأصبحت تشبه بعضها و تركت أساليب العمل للشباب.
* هل كل هذه السياسية بمختلف تكوينها أتفقت على برنامج للمستقبل ؟
- أستطيع أن أجزم بأن هذا يحدث " أي التوافق التام على برنامج ما بعد النظام ، لأن تجربتنا في أكتوبر 1964م لم نكن جاهزين لليوم التالي للثورة، كان همنا إقتلاع عبود في ذاك الوقت وكان همنا إقتلاع نميري في إنتفاضة 1985م ولكن بعد ما أنجزنا ذلك جلسنا نفكر عاوزين نعمل إيه ، وهذا ما جعل حركتنا فيها ثقوب كثيرة تسلسل من خلالها بعض المغامرين وبعض الناس الذين فرضوا رؤيتهم، الآن لا يستطيع أحداً أن يفرض رؤيته لأن عامل الرؤى متوافق عليه بمعنى أن البديل الديمقراطي جاهز والعملية الإنتقالية الآن موجودة ومفصلة مثل حكومة إنتقالية ومؤتمر قومي دستوري ، كل هذه الأشياء متوافق عليها الذي يشذ هو الذي يقول كلام غير ذلك لأن الجميع متفقين على تنفيذ ما اتفقوا عليه.
* أستاذ الجزولي فزاعة قوية تستخدمها الحكومة بأن الحزب الشيوعي أو اليسار بصورة عامة يهدف لهدم الدين وهو ضد ما يؤمن به أغلب الشعب السوداني وحتى أعرافه مستهدفة من قبلهم.. ما صحة ذلك؟
- أنا أستطيع أن أتحدث عن تجربة الحزب الشيوعي إذا كنت تقصد ضرورة أن يقدم الحزب الشيوعي نفسه للجماهير لكي يوضح موقفه من مسألتين.. الديمقراطية وموقفه من الدين وأعتقد بأن الحزب الشيوعي ظل يفعل ذلك قبل تأسيسه 1946م حيث كانت حلقات الماركسية الأولى مع نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م، وأنا شخصياً عملت كتابين عن الحزب الشيوعي والديمقراطية و اخر عن موقف الحزب الشيوعي من الدين وظل الحزب ينتقد حتى التجربة السوفيتية في موقفها من الحريات والديمقراطية، وموقفها من الدين ونحن غير ملزمين بمتابعة تجريتهم، حيث لديهم تجربة تخص شعبهم وتطورهم الحضاري وفكرهم ، ونحن لدينا ما يخصنا كسودانيين ونحن وضحنا ذلك وحتى الآن نوضح ذلك لكن بصراحة لا يريد احد أن يسمع حتى " لو شلت ميكرفونات وحمت الشوارع" سيقولون لك الحزب الشيوعي لم يوضح موقفه من الدين ، ولكن هم يعلمون ذلك ، أي الإسلاميون ولكن الآن نحن نوجه لهم السؤال ذاته ما هو موقف الحركة الإسلامية من الإسلام..؟ وهذه ليست نكتة تسألونا نسالكم هنالك ممارسات نفاقية نحن نريد أن نعرف موقفهم من الإسلام ومن الفساد والفقر الموجود في البلد، ومن الناس الشايلين كلاهم والزايدة الدودية وماعندهم حق العملية موجودين في المستشفيات والأطباء محتارين ما عارفين يعملوا ليهم إيه.
- أستطيع أن أجزم بأن هذا يحدث " أي التوافق التام على برنامج ما بعد النظام ، لأن تجربتنا في أكتوبر 1964م لم نكن جاهزين لليوم التالي للثورة، كان همنا إقتلاع عبود في ذاك الوقت وكان همنا إقتلاع نميري في إنتفاضة 1985م ولكن بعد ما أنجزنا ذلك جلسنا نفكر عاوزين نعمل إيه ، وهذا ما جعل حركتنا فيها ثقوب كثيرة تسلسل من خلالها بعض المغامرين وبعض الناس الذين فرضوا رؤيتهم، الآن لا يستطيع أحداً أن يفرض رؤيته لأن عامل الرؤى متوافق عليه بمعنى أن البديل الديمقراطي جاهز والعملية الإنتقالية الآن موجودة ومفصلة مثل حكومة إنتقالية ومؤتمر قومي دستوري ، كل هذه الأشياء متوافق عليها الذي يشذ هو الذي يقول كلام غير ذلك لأن الجميع متفقين على تنفيذ ما اتفقوا عليه.