الخميس، 28 فبراير 2019

مقالات:منصة:مهمة صعبة


٭لاشك أن الدكتور محمد طاهر ايلا يعد رجل صاحب سيرة طيبة في العمل التنفيذي ، وتصاحبه النجاحات في مسيرته التنفيذية في عدد من المواقع التي عمل بها في وزارة الطرق والجسور الاتحادية ، وهيئة الموانئ البحرية ،وولاية البحر لأكثر من دورة، ثم ولاية الجزيرة ؛ والتي كلها وضع فيها بصمة ؛  وفي مشروعات التنمية والبنية التحتية والخدمات.  ولذلك يراهن الكثيرون على نجاحه في موقعه الجديد كرئيس لمجلس الوزراء؛ وهي مهمة تنفيذية من الدرجة الأولى لكونه مسؤل عن الحكومة والوزراء الاتحاديين، والرهان على نجاحه  من واقع سيرته الذاتية ونجاحاته السابقة.
٭ ولكن بمثلما أن لايلا نجاحات مشهودة أهلته لنيل ثقة القيادة بالابقاء عليه في مواقع عديدة ؛ وتم بموجبها تعيينه في هذا الموقع الرفيع رئيساً لمجلس الوزراء القومي. فإن للرجل عيوب ونقائص اختلف معه فيها الكثير من الناس، وانتقده الإعلام ووقف ضده بسببها كل حزبه ، والمجلس التشريعي بولاية الجزيرة ؛ حتى تدخل رئيس الجمهورية مساندًا له بحل المجلس التشريعي الولائي،  وإعلان الطوارئ في الولاية.
٭ ومن أبرز عيوب الرجل أنه معتد برأيه ويهمل المؤسسات الحزبية والتشريعية، ويضع كل الملفات في مكتبه مما دعا كثيرين إلى وصفه بالدكتاتورية والانفراد بالرأي واتخاذ القرار؛ وجلب له ذلك الكثير من العداء والخصوم ، ولم يكن يبالي بذلك حيث كان يعتمد على دعم المركز ورئيس الجمهورية شخصياً مرد ثقة الأخير فيه ؛ ومهما كان حجم  النجاحات فإن تغييب المؤسسات انعكاسه يشوه صورة المنجزات، ويكلف الكثير على المستوى السياسي وكاد حزب المؤتمر الوطني أن يفقد قياداته وقواعده في ولاية الجزيرة بسبب هذا التهميش المتعمد والانفراد بالرأي.
٭ كل هذا التعسف والضيق بالآخر  تسبب في مشكلات في تجارب ولائية في البحر الأحمر والجزيرة فكيف سيكون الوضع و الحال كذلك والرجل أصبح مسؤلاً عن الجهاز التنفيذي في كل السودان؟
٭ اعتقد أن ايلا في حاجة ماسة لمراجعة منهجه في العمل التنفيذي، وتوسيع الرأي والشورى ، وتقوية المؤسسات لا أضعافها لصالح الرأي الفردي مهما كانت نجاعته؛ لأن رأي الجماعة لا تشقى به الأمة وفي موروثنا الاجتماعي مثل يعضد ويدعم هذا الاتجاه (بيت الشورة ماخرب)، والشورى مرتكز اسلامي عميق يقابل مفهوم الديمقراطية عند الغرب ولابد من العمل به لتجنب عواقب  الانفراد بالرأي والقرار .
٭ أيضا لابد من الإشارة إلى أن مهمة ايلا في هذه الظروف المعقدة والتوقيت العصيب ليست سهلة على الإطلاق ؛ مهما كانت قدرات الرجل. سلفه معتز موسى ليس بأقل قدرة وفكرة ، ولكن تكالبت عليه الظروف المعلومة هذه على المستوى الداخلي والخارجي، ولم تسعفه في تحقيق النجاح المطلوب ؛ رغم نجاحات معتز التي سبقت في وزارة الكهرباء ومن قبلها في وحدة تنفيذ السدود.
٭أكبر تحديات ايلا تتمثل في قطاع الاقتصاد وتوفير الخبز والوقود والسيولة التي تسببت في تأزيم الوضع الفترة الماضية وسيواجه بعقبات من اللوبيات المتنفذة في الاقتصاد وعليه الاستعداد والتحسب لذلك وعدم توفير هذه المطلوبات سيعرض تجربته وتجربة الحكومة المؤمل فيها ومعول عليها للفشل. 
٭ ولذلك على ايلا أن يعلم ويعمل بهمة أكثر وبعقل منفتح وتشاور واسع مع الجميع وخصوصاً مع الحكومة التي سيتم تعيينها وقيل إنها ستكون حكومة كفاءات لانتشال البلاد من الأوضاع الحالية . فقد ولى عهد الرجل السوبرمان وإن نجحت هذه الوصفة في ولاية محدودة النطاق الجغرافي والمشكلات والموارد فإنها لن تنجح في موقع قومي مسؤول عن كل الجهاز التنفيذي في السودان بما فيه البحر الأحمر والجزيرة و16 ولاية أخرى.
ً٭ يحتاج ايلا إلى عون كل المؤسسات والوزارات وإلى رؤية جديدة للسيطرة على تدهور الاقتصاد والعمل على جلب أموال من الخارج والا فإنه لن يصيب نجاحاً  وهذا ما لا نتمناه له والبلاد  ولا يرجوه عاقل وحادب على المصلحة العامة.