الثلاثاء، 30 أبريل 2019

مقالات:اعتصام «سيد احمد خليفة»


يكون لزاما علينا نحن  أصدقاء وأبناء سيد احمد خليفه ان نكتب اهداء الى روحه التي ترفرف على سماء الوطن في ساعات النصر الكبرى التي نعيشها بعد اندحار حكم الإنقاذ وبدء مسلسل كشف الفساد الذي مارسته ومارسه قادتها ومنتسبيها طوال ال 30 عاما الماضية .. فلاجدال ان اول صوت وأعلى صوت تحدث عن فساد حكم الإنقاذ كان صوت ابو السيد رحمه الله ودفع بسبب ذلك ثمنا غاليا من العنت والمعاناه التي لاقاها من أجهزة الأمن وحقد الحكام وقضى بسبب ذلك شهورا في السجون والمعتقلات .. اننا لاننسى سلسلة مقالاته عن فساد الأراضي حين كتب من باع ومن اشترى ومن قبض الثمن فكان أول صوت يكتب عن مافيا الأراضي وكان ذلك قبل سنوات من استفحال الأمر  ولاشك ان ماكتبه قبل 15 عاما سيكون من أوراق الاتهام الكبرى التي ستسوق كثيرين للوقوف بين يدي القضاء العادل .. ولم يترك سيد احمد أي ادارة من ادارات الدولة فيها شبهة فساد إلا وكتب عنها ولاحق الفاسدين فيها وناشد الحكام ان يسوقوا المتجاوزين الى محاكم العدالة .. كان سيد احمد رجل لايبيع قلمه ولايسكت  في  المناداة بحق المواطن وحق الدولة كان دوما هو صوت الضعفاء والمقهورين فدافع بقلمه عن أراضي الدولة التي تباع وتوزع بأبخس ثمن وهو أول من كتب عن البحث عن موارد لتنمية الولايات بأسلوب آخر غير بيع اراضي الدولة وهو أول من استعمل كلمة حق الأجيال القادمة في الموارد والتي يجب الحفاظ عليها فكان صوتا عاليا ينادي بالتنمية المستدامة  .. كان سيد احمد يحمل قلما عادلاً فلم يكن يهاجم المسؤول او المرفق الحكومي المخالف إلا بما يحمله من مستندات ووثائق وحين بدأ سلسلة مقالات عن الأداء السيئ للكهرباء في السودان فكان أول كاتب يتعايش مع مشكلة الكهرباء انتاجا وتوزيعا وفي سبيل ذلك دخل الى كل محطات التوليد وتابع شبكة التوزيع وسافر الى المملكة السعودية والى مصر ليدرس ويعقد مقارنات بين الأوضاع في هذه البلدان والأوضاع في السودان وظل يتابع عمليات اصلاح التوزيع والتوليد حتى تم بعض الاستقرار في الشبكة فكان أول قلم يشيد بما تم من إنجاز وبذلك كان هو القلم العادل الذي يمكن ان يقول للمسؤول احسنت حين يجيد ويقول له اسأت حين يخفق .. كان سيد احمد خليفة يسمي ولاية الخرطوم جمهورية الخرطوم وكان يؤمن بأنها ولاية غنية إذا صلحُت صلحت كل مدن  البلاد
وتابع مشاريعها في الأراضي والكباري ومرافق البنية التحتية في المياه والطرق والزراعة والصحة وفي سبيل ذلك كتب عن الإخفاقات والنجاحات ونقد بطريقته الاصلاحية كل هذه المشاريع وتعارك مع معظم مسؤوليها عراك الرجال فكان يفرق بين العام والخاص ورفع عبد الحليم المتعافي الوالي السابق للخرطوم عدد من البلاغات ضد المرحوم والذي وقف في المحاكم مدافعا عن الحق العام وحق المواطن في مدن صحية راقية ولم يمنعه هذا العراك الرجولي من ان يكون اول مشيعي جثمان والدة المتعافي رحمها الله وان يجلس معه في المنزل يتلقى العزاء فكان مثالا للصحفي الذي يفرق بين إيمانه ودفاعه عن مايقول وعن الحقوق العامة وبين العلاقات الإنسانية الخاصة .. كان المرحوم رجلا ذكي الفؤاد حاضر البديهة حين ذهب يوما يؤدي واجبا اجتماعيا في منزل المرحوم د حسن الترابي وصادف وقت الإفطار وحين بدأ الملتفون حول صينية الافطار في مدّ ايديهم
قال له احدهم كيف حتأكل في صينية بتقول مسروقة فرد عليه انني سآكل من الجزء الذي فيه حق الشعب الذي انا منه .. وفي فترة حرمت ادارة الاعلام في رئاسة الجمهورية سيد احمد من السفر مع الوفود الاعلامية المرافقه للرئيس السابق في رحلاته الخارجية بل وتم إنزال حقيبته ذات مرة من الطائره بعد ان كان اسمه ضمن الوفد وقام بشن حملة بالغة القوة والقسوة على رئاسة الجمهورية حتى تدخل البشير لحل الخلاف ولكن سيد احمد ابت نفسه ان يستجيب وكتب يقول إذا كانت الرئاسة تخاف من ماسنكتب وهي تدعونا للسفر لتنوير الناس بالحقائق فسوف نسافر على حسابنا ونقول مايرضي الله والوطن .. وحين مرض هذا المسؤول واحتاج الى العلاج خارج الوطن كان سيد احمد من أوائل الناس الذين مدوا له العون وناشد كل معارفه ان يقدموا له مايستطيعون من مساعدة .
كتب سيد احمد في عز الجبروت الأمني والقبضة الحديدية للإنقاذ رسائل الى البشير فكتب له اعدل ياعمر وقل حسنا ياعمر
وكتب سيد احمد  سلسلة مقالات مهاجما قريبه الشيخ الصافي جعفر واتهمه بتبديد أموال الناس المساهمين في مشروع سندس وقال له انه بيًّاع الوهم والحلم الكاذب للمواطنين وكان ذلك قبل  اكثر من عشر سنوات قبل ان يفكر احد في مآلات فشل سندس وفي ليال رمضان حين كان البشير يطوف على الأسر المتعففة التقي مع سيد احمد في احد البيوت وناداه لمرافقته وطلب منه ضاحكا  ان يكف عن مهاجمة الصافي جعفر لأنه على حد قوله    الصافي سره باتع وسوف ( ينشبه ) فرد عليه سيد احمد بانه لو كان بيقدر (ينشبني )ماكان جاك يبكي . اليوم نسأل الله سبحانه وتعالى ان يسكن سيد احمد وكل شهداء بلادنا جنات النعيم ونسأله ان يجعل رايات الاستقرار والنماء ترفرف على سمائها ويجعل المحبة تسود بين كل اهل السودان فقد كان ذلك حلم ابو السيد الذي سعي اليه ودفع من صحته بل وحياته ثمنا من اجل إعلاء كلمة العدل والحق وسيادة حكم القانون.
رحم الله سيد احمد خليفة
أول من اعتصم  من أجل
إزالة حكم الإنقاذ.