الأحد، 3 مارس 2019

مقالات: تأملات:افتراءات قناة الجزيرة.. لمصلحة من ؟


حزنت حزناً شديداً عندما استقبل الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير في زيارته الأخيرة  إلى قطر وزير دولة، ولم تقنعن تبريرات بعض الأخوة الذين لديهم صلات مع دولة قطر، فقال هؤلاء أن من عادات أمير قطر أن يستقبل ضيوفه في مقام حكومته، ولا يذهب إليهم في المطار، ويبدو أن الرئيس الشقيق عبدالفتاح السيسي أحس بما يؤلمنا فدعا شقيقه الرئيس عمر البشير لزيارة مصر، وهي زيارة لم يكن مرتباً لها، فلما وصل الرئيس البشير مطار القاهرة وجد الرئيس السيسي ينتظره على سلم الطائرة، ومعه كل طاقم حكومته، وتحرك الوفد الرئاسي من المطار إلى قصر الاتحادية في مصر الجديدة وهناك جرت مراسم الإستقبال الرسمي، وتفقد الرئيسان الحرس الجمهوري، ثم دخلا في اجتماع مغلق لساعة زمن كاملة، إنضم إليهما بعدها الوفدان المرافقان، واستمر الاجتماع المشترك لنحو ساعتين، ثم تناول الوفدان بعد ذلك وجبة الغداء في حضور الرئيسين، وبعدها تحرك الرئيسان في السيارة الرئاسية المصرية، يرافقهما الوفد السوداني، وكل الحكومة المصرية لوداع الرئيس البشير ووفده، ولم يغادر السيسي وحكومته مطار القاهرة حتى غابت طائرة الرئيس البشير عن الأنظار. وقلت وقتها لأحد أصدقائي، هذا هو الفرق بين الكبير والصغير، فالكبير يعرف قدر الكبار، وينزلهم المنازل التي يستحقونها، فالرئيس السيسي يعرف قدر السودان، ومكانه في أمته العربية والإسلامية، وفي قارته الإفريقية، ويعرف كذلك قدر الرئيس البشير الذي يعتبر الآن من حكماء الأمة وزعمائها، فلما طرح الراحل المقيم عاهل المملكة العربية السعودية السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة الأمن الغذائي عهد بها إلى السودان، ولما اختار الله الملك عبدالله إلى جواره، وخلفه في الملك شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سار على ذات طريق سلفه الراحل له الرحمة والمغفرة. ولما تعقدت مشكلة جنوب السودان، وقصد الاتحاد الإفريقي إلى حلها عهد بها إلى حكومة السودان والى الرئيس السوداني المشير عمر البشير، وتحقق السلام في أرض النيلين بفضل السودان من بعد فضل الله تعالى. وبعد نجاح تجربة جنوب السودان، عهد الاتحاد الإفريقي إلى السودان ملف أفريقيا الوسطى، وبحمد الله نجح السودان في تحقيق سلام أفريقيا الوسطى. 
وتجددت حالة الحزن والغضب عندي مرة أخرى عندما سمعت يوم أمس الأول افتراء قناة الجزيرة القطرية الذي زعمت فيه أن مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني الفريق أول مهندس صلاح عبدالله محمد صالح (قوش) التقى مدير الموساد الإسرائيلي، وأذكر أنه عندما سألني أحد الأصدقاء عن صحة خبر قناة الجزيرة القطرية، قلت له وهل لقطر موقف ضد إسرائيل؟ ، ولم يكن سؤالي هذا هروباً عن إجابة السؤال الرئيس الذي يحمل الإجابة في طياته، فأي دولة في العالم اتخذت مواقف قاطعة ضد دولة الكيان الصهيوني، ولعل المخضرمين يذكرون أن جواز السفر السوداني القديم مكتوب عليه، (يسمح له بالسفر إلى كل دول العالم عدا إسرائيل) ولكن يبدو أن قطر فضلاً عن عدم معرفتها لقدر السودان والسودانيين، وأنها لا تقدر مواقف السودان معها، أنها تتآمر على بلدنا، ومن الواضح جدًا أنها تسعى لغرس بذور الفتنة بين السودانيين، وأنها تنحاز إلى فئة، وأكبر دليل على ذلك تزامن هذا الافتراء مع ثورة الإصلاح الشاملة التي يقودها الرئيس البشير ويعتبر الفريق صلاح قوش أكبر معاونيه في هذه الثورة، فتلك حملة ظاهرة جدًا  تلعب قطر فيها دورًا رئيساً. ويبدو أن قطر ارتضت أن تضع نفسها وأجهزتها في السوق، وتكون تحت الخدمة، وتحت الطلب، ومعلومة الفتن التي غرستها قطر في خاصرة الوطن العربي، وكثير من الفتن التي تنخر في جسد أمتنا العربية والإسلامية تنطلق من قطر، ومعلوم أن الإعلام القطري وفي مقدمته قناة الجزيرة هو الذي أشعل نيران ما يسمى بالربيع العربي، او الربيع العبري على قول صديقنا الأستاذ مصطفي محمود رئيس الحزب الناصري في السودان، ولقد وقعت قناة الجزيرة القطرية في خطأ كبير حينما اتهمت السودان بتهمة هي عندها من الفضائل، فالكل يعلم متانة العلاقات القطرية الإسرائيلية. وفي تقديري أن هذه فرصة لاعمال حالة الطوارئ لمراجعة العلاقات السودانية القطرية، فمثل هذا الموقف القطري يهدد ثورة السودان، فلا بد من موقف حاسم وواضح. وهي فرصة أيضاً  لأن يراجع السودان علاقاته الخارجية، وأول ما يجب أن ندعو له أن نعامل الدول بالمثل، ولتكن أغنية (ما بنمشي لناس ما بيجونا) شعارًا لزيارتنا الرئاسية.