«الشيوعي» يرفض الحوار لهذه الأسباب٬٬..
لا يوجد طريق ثالث للتسوية ولو إستمرت الإحتجاجات مائة شهرٍ
حوار / عبدالباقي جبارة
يعد من القانونيين القلائل الذين يهتمون بالجانب الفكري في الحياة السياسية صديق دائم للمعتقلات والسجون بسبب مواقفه الواضحة ضد الأنظمة الشمولية والدكتاتورية صادحاً بآرائه حتى داخل حزبه، موقفه من الحكومة الحالية ثابت بأن - لا تفاوض لا مصالحة - موقن بزوال النظام، ورأى أن حكومة الإنقاذ أكسبت الحزب الشيوعي أرضية ما كان يحلم بها؛ في وقت صوب انتقادات حادة لنموذج الحزب الشيوعي السوفيتي، أكد بأن موقف حزبهم من الدين والأعراف السودانية فزاعة مضللة يستخدمها الإسلاميين، ويرد موجهاً لهم السؤال.. أين الدين في واقعكم وأنتم حاكمين..؟ كل ذلك وغيره تطالعونه في حوار شخَّص فيه القيادي السياسي البارز والمحامي الضليع كمال الجزولي آراءه حول قضايا الراهن ومآلات الأوضاع الماثلة، عبر المساحة التالية:
* سيد كمال لماذا يتمترس الحزب الشيوعي في موقفه الرافض للحوار..؟
- لأن شروط الحوار معمولة حسب شروط المؤتمر الوطني وليس بالشروط المتفق عليها، والحزب الشيوعي منذ ما قبل الفجر الجديد ونشأة «الإجماع الوطني» و»نداء السودان» تواثق أنه إذا كان النظام يقبل الجلوس، وفي أذهاننا أننا قادمون لعملية إنتقالية كاملة تغير سلطة الحزب بسلطة الوطن ، ليكون الحاكم مجموعة تحالفات تستهدف مستقبل البلد بدلاً عن يكون الحاكم هو حزب السلطة، ليكون هناك وضوح بأننا نريد حكومة إنتقالية ليست برئاسة المؤتمر الوطني ولا برئاسة البشير، وفي هذه الحالة كان يمكن أن يقولوا عاوزين ضمانات لما نأتي يكون عندنا الحق بالتساوي مع الآخرين, لكن هم قالوا عاوزين حوار قاعة الصداقة.. و «العاوز يأتي» وقبل ذلك السيد عمر البشير قال: (الإنقاذ هذه قطر من يريد أن يركب يركب والما عاوز يركب في ستين)، ونتج عن ذلك التمرد في دارفور، والجنوب وبعضهم بالسياسة المدنية من خارج السودان مثل التجمع الوطني ، وغيرهم والبعض حمل السلاح في الحدود الأريترية وعندما أتت «نيفاشا» وقالوا نريد أن نعمل دستور جديد قلنا لهم خيراً ولم نرفض حيث دخل كل الناس، والحزب الشيوعي كان لديه نوابه داخل المجلس الوطني مثل فاروق أبوعيسى الذين بدأوا بداية صحيحة مع النظام.. الآن ماذا حدث النظام دمر هذه التجربة بإصراره على الإنفراد بالسلطة.. وأنا أود أن أقول كلام حيث أجلس لكي أجاوب على أسئلتك إحتراماً للصحافة، لكن والله لا رغبة لي وليس لدى نفس لأي كلام ولا حوار لأن كل هذا الكلام مفروغ منه.. الآن في خطاب القصر الأخير عندما سمعت الدعوة اعترتني حالة من الاحباط ..فلسنا مغفلين لهذه الدرجة حتى يقال لنا حوار في كل مرحلة ولا يعمل به.. نحن لم نشارك في قاعة الصداقة، لكن ماذا وجد المشاركون فيه.. لديك كمال عمر ليس شيوعياً بل إسلامياً منهم ولم نعمله نحن وحتى الراحل حسن الترابي كان يحمل غبناً حيث أتى بورقة تواثقتُ عليها رغم تحفظي على التحويرات اللفظية التي يعملها الترابي .. لأنها كانت لأجل الحريات، هم يتحدثون عن مخرجات الحوار ولا يرغبون فيها غير أن يظلوا حاكمين بأمرهم وحدهم لا شريك لهم.
* في بداية حراك الشارع كان هنالك عدم إعتراف بأن ما يجري ثورة بل اعتبروه عمل مطلبي لخدمات محدودة، لكن اللغة تغيرت تدريجياً الى أن جاءت القرارات الأخيرة.. ما تفسيرك .. ؟
- الحديث عن إننا نقبل بتفسير واحد بأن هذه الحركة عندما هبت، هبت فجأة من أجل القوت والإحتياجات الحياتية العادية وهي مقبولة والنظام بصدد تصحيح هذا الوضع، ولكن فجأة قفز إلى قيادة هذه العملية، وأصبح يقول المتآمرون من الأحزاب السياسية وهي لديها غرض.. كأن المؤتمر الوطني ليس لديه غرض..!.. بالتأكيد أي حزب لديه غرض وبالطبع ليس هنالك حزب ينشأ عاوز (الجنى) أي حزب ينشأ عاوز السلطة وموضوع القول أن هؤلاء يريدون السلطة هذا تفسير غبي وغير مقبول مثل الحديث عن هذا يشرب في الماء لأنه عطشان.. أنا أسعى للسلطة عاوز أحكم، ولكن الفرق أنا أسعى للسلطة بأي سبيل .. وأنا أريد السلطة عبر الديمقراطية لكن هم يردوا بضاعتهم لنا نحن لأنهم هم الذين خالفوا السبيل السوي ودخلوا الإنتخابات، لم يأتوا في الأوائل بل كان ترتيبهم الثالث بـ «اللفة» وقبلنا بذلك .. اذاً انت الثالث « المراغنة وحزب الأمة واحد الأول والآخر الثاني», وتأتي الآن لتقول الأحزاب التي تواثقت مع هؤلاء الشباب على وثائق الحريات وتأتي تقول المسألة لم تكن متعلقة بالسياسة بل فقط في الأكل والشرب والوقود، هل الأحزاب سحرت هؤلاء الشباب .. ؟! وجعلتهم يغيروا مطالبهم بل الصحيح أصلاً هذه المسألة تراكمية ولذلك خرج هؤلاء وطرحوا مطالبهم السياسية وأستجابت لهم جموع المواطنين، ومجموع المواطنين أصلاً كانوا على إستعداد لتقبل هذا الدفع الجديد، لماذا المواطنون لم يستجيبوا لخطاب النظام تجاه هذا الحراك ، وقالوا خطابهم في المجلس الوطني والمؤتمر الوطني والصحف وغير ذلك والموضوع لم يعد شباب فقط، أصبح جموع المواطنين الذين يملأون الشوارع الآن حتى في اللحظة التي أتحدث فيها معك الآن فإذا جئتهم بشعار وقبلوه يصبح ليس ملكي أنا حقهم هم وإذا قبلوا الحديث عن الغذاء والكساء ورفضوا الباقي نقول نعم وأصبح لدي شعارات غير متفق عليها وغير مقبولة، ولكن ما دام كل ذلك مقبول أي الشعارات السياسية وغيرها يجب أن لا تسأل الأحزاب.. بل أسأل المواطنين في الشارع.
* الآن هنالك حكام عسكريون في الولايات وهنالك تضارب حول البعد عن المؤتمر الوطني إضافة الى أن هنالك إعلان حالة الطوارئ في البلاد ..كيف ترى مستقبل الثورة في ظل هذا الوضع؟
- لو كنت تقصد الإنتفاضة والشارع فواضح جداً أنها لم تقبل أي من هذه القرارات.
* أقصد الأثر عليها؟
- يخوفوها مثلا..؟ وماذا تعمل حالة الطوارئ أكثر من الذي حدث من قتل واعتقالات .. كل ما يمكن عمله من أجل التخويف أتعمل.. هل أتى بنتيجة ..؟ قطعاً لم يحصل تخويف، وأعتقد العاقل من يفكر بشكل موضوعي فإذا كان الذي فعلته لم يأت بنتيجة يجب أن تفكر بطريقة أخرى ولم أقصد المؤتمر الوطني فقط.. الآن البشير عمل إنقلاب ونقول أنجز إنقلابه الثالث إذا حسبنا المفاصلة الشهيرة ولبسة الكاكي يعني بأن المؤتمر الوطني (بره إلا إذا أرادوا يغشوا روحهم و يرجوا بأنهم لا زالوا في الحكم والبشير لم يقل ذلك مثلا).. ما قاله مدير جهاز الأمن لرؤساء الصحف وكبار الإعلاميين قبل ثلاث ساعات من خطاب البشير كيف يستقيم ذلك ولماذ يستبق حديث الرئيس أعتقد المقصود منها يشوفوا رد الفعل إيه في الشارع وأيضاً رد الفعل في المؤتمر الوطني ولذلك تم إجتماع للمكتب القيادي قبل خطاب القصر، وأستمر ساعتين وهنالك انفجر الوضع وبرز خلاف كبيرَ جداً، هذه قراءتي وفعلاً تخلى البشير عن المؤتمر الوطني..وفي الشارع السوداني ليس هنالك شئ يتخبئ وبعد ذلك الكلام الذي قاله الرئيس في المنصة «حقه هو لوحده ولم يتفق عليه» وبذلك هو «ملص» المؤتمر الوطني كما يخلع عمامته ولا يستطيعوا يعملوا أي شيء.. السياسة ليست تواثقات وقد تكون واحدة من عواملها، لكن السياسة توازن قوى، فإذا توازن القوى ليس في مصلحتك لا تستطيع أن تعمل شيئاً حتى إذا ضربت رأسك بالحيطة ، فوضع الرئيس يقول لهم « أنا الرئيس وأنا ما عاوزكم شيلوا مؤتمركم الوطني وأنقلعوا» ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا وأصبحوا يروجون في كلامات أخرى ووضح إنه ارتباك كبير .. وعليه الأمر في حسابات الشارع الذي يريد حكومة إنتقالية وإقصاء تام لحكومة المؤتمر الوطني، والآن لا توجد حكومة إسمها حكومة المؤتمر الوطني . الآن حالة الطوارئ من ناحية قانونية سيتم التناول من حيث المشروعية ولا يكفي أن تقول بإن إعلان حالة الطوارئ تنتهك الحريات، ولكن المهم أن تقول بإن الإعلان يتعارض مع الدستور الإنتقالي لسنة 2005م الذي يعطي رئيس الجمهورية الحق في إعلان حالة الطوارئ في حالتين فقط ، هما: أولاً إذا تعرضت البلاد لعدوان خارجي أو حدثت كوارث طبيعية مثلاً .. أما الحالة القائمة الآن في البلاد حالة تعبير شعبي عام عن رفض نظام سياسي قائم ولا تتوافر بذلك الآن شروط إعلان حالة الطوارئ، فإذا عرض الأمر على المحكمة الدستورية في وضعها الطبيعي ستلغي حالة إعلان حالة الطوارئ على الفور.
* هل هنالك فرصة لطريق ثالث يتواضع عليه الشارع والنظام الحاكم..؟
- تقصد التسوية .. لا توجد فرصة بأقل نسبة ممكنة للتسوية ولو استمر الموت من قبل الحكومة ولو يستمر الشارع مائة شهر لن يتراجع دون تحقيق مطلبه في إزاحة النظام.
* ما أثر المجتمع الدولي على ما يجري الآن في السودان؟
- هذا السؤال يوجه للحركة الإسلامية وحلفائها لأنها هي من فتحت أبواب البلد للتأثيرات الدولية والخارجية كل ذلك لم تفعله المعارضة . ولا يأتي أحداً يحدثنا عن الأثر الأجنبي ليس للمعارضة أو الشباب الموجودين في الشارع علاقة بالبعد الخارجي،حيث هو من مسؤولية النظام.