السبت، 9 فبراير 2019

منوعات:العربجي..المحنة (تجر)المهنة

الخرطوم / الوطن  

تطورت مواعين النقل قبل أن تتوسع ولكن رغم عن ذلك حافظ (الكارو) الناقل التقليدي على موقعه في القائمة ولم يستسلم للمنافسة الشرسة للبكاسي والموتر (الدباب) وصغار العربات التي تتصارع معه من أجل لقمة العيش داخل الأسواق (الصغيرة والكبيرة) وبين حنايا وشوارع الأحياء السكنية..
ويدين الفضل كثيراً للعربجي الذي استطاع أن يحافظ على سلالة الناقل الشعبي (الكارو) بنوعيها أبوعجلين التي يجرها (الحمار) او ذات الأربع عجلات التي يجرها (الحصان) ،ولم ينحصر دور (العربجي) في القيادة فقط وإنما يعمل (عتالي) أيضا يرفع وينزل الأمتعة والبضائع مهما كان وزنها.. ويقول (حسون) أحد الصبية اللذين ورثوا الحرفة القاسية من أجداده : إنه عمل شاق ومتعب جداً ومع ذلك دخله محدود للغاية ويعتمد كثيراً على الحظ دون الإجتهاد لاننا نستيقظ في الصباح وننتظر عند المحلات التجارية ، أمام المغالق ، داخل اسواق الخضار وعلى جانب الزرايب نتوقع زبون لحمل أمتعته في مشوار قيمته مابين 20 إلى 50 جنيهاً قد يزيد او ينقص وفقاً للحمل او المسافة ، وربما يبتسم لك الحظ في ثلاث مشاوير وبقدر الاحتمال قد يعبس في وجهك فتعود أدراجك خالي الوفاض..  ويضيف حسون : أنا امارس هذه المهنة  (مؤقتاً) في زمن الإجازة حتى نستطيع أن نوفر مصاريف المدرسة ألتي أصبحت مرهقة ونرفع عن كاهل الأسرة قدراً ولو قليلاً من الحمل ..
ويؤيد (مصطفى) كلام زميله ويقول الغالبية من (العربجية) صغار لاتتجاوز أعمارنا العشرين عاماً بعضهم ترك الدراسة وبعضهم متمسك بها، نعمل هنا وسط المشقة والعنت من أجل تحقيق عدد من الأهداف أولها تعلم المسؤولية وثانيها الإعتماد على النفس وثالثها مساعدة الأسرة التي تعاني الكثير من أجل توفير إحتياجاتها رغم أن دخلنا اليومي لايزيد عن (100) جنيهاً ويتضاعف المبلغ في يوم الجمعة...
وعن التحول الكبير في المهنة التي أصبحت بأيدي الصبية بعد أن تنازل عنها الكبار طوعاً يقول العم أبو (عربجي متقاعد) زاولت هذه المهنة قرابة الثلاثين عاماً وعملت في الغالبية من أسواق الخرطوم بداية من حي العرب بامدرمان وزريبة العيش ونهاية في سوق ستة الحاج يوسف مروراً بسوق بحري ، خلال هذه التجربة اؤكد أن العربجي (مهنة تجر المحنة) وبعض من المشاكل ، لأنها صعبة المراس تترك أثارها على الإنسان بأشكال متعددة (ظهر مقوس ،غضروف ، قطيعة ) وغيرها من الأشياء التي تظهر في أثناء المهنة أو في اَخر العمر ، وعن سيطرة الصبية عليها قال : أن المجايلة امر طبيعي ،كما أن كل شي في الحياة يتغير وكذلك الأفكار فاصبح الكبار يبحثون عن وسيلة بديلة اقل عناء تدر عائد مادي وفير دون بذل جهد كبير لذلك ذهب العربجية الكبار بعيداً واشتروا بكاسي وركشات وتركوا (الكارو) للصبيان..