التعثر سمة معهودة لاجتماعات مصر والسودان وإثيوبيا بشأن الدراسات الفنية لبناء سد النهضة، للوصول إلى حل يرضي الدول الثلاث، إلا أن قادة الدول الثلاث اتفقوا مؤخرًا على توفير مظلة سياسية لدعم مفاوضات سد النهضة، وتذليل العقبات والعمل على تعزيز التعاون الثلاثي .
وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد الإثيوبي على تدفق حصتها السنوية من مياه النيل (55 مليار متر مكعب)، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعاً له، خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضررًا على دولتي مصب النيل، السودان ومصر.
اتفاق الدول الثلاث
التأمت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الأحد الماضي قمة ثلاثية بين الرئيس البشير ورئس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتطرقت إلى ضرورة توفير مظلة سياسية لدعم مفاوضات سد النهضة، وتذليل العقبات والعمل على تعزيز التعاون الثلاثي.
وأكد قادة الدول الثلاث خلال القمة، الحاجة إلى مشاركتهم لرؤية واحدة إزاء مسألة السد، تقوم على أساس اتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم، وإعلاء مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول الثلاث في إطار المنفعة المشتركة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، إن السيسي أكد أهمية العمل على ضمان اتباع رؤية متوازنة وتعاونية لملء وتشغيل سد النهضة، بما يحقق مصالح وأهداف كل دولة من الدول الثلاث، ويحول دون الافتئات على حقوق الأخرى ، وأضاف راضي أن الزعماء الثلاثة توافقوا على عدم الإضرار بمصالح شعوبهم كأساس تنطلق منه المفاوضات، والعمل المشترك لتحقيق التنمية لشعوب الدول الثلاث، من خلال العمل على التوصل إلى توافق حول جميع المسائل الفنية العالقة، آخذاً في الاعتبار ما يجمع الدول الثلاث من مصيرواحد.
كما تطرقت القمة الثلاثية إلى مُجمل أبعاد العلاقات القائمة بين الدول الثلاث، وسبل تعزيز التعاون بينها، مع الاستمرار في التشاور والتنسيق المكثف إزاء مختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
تاكيد التجاوز
وأكد المتحدث الرسمي لوزارة الري الموارد المائية والكهرباء إبراهيم شقلاوي لـ(الوطن) بأن الدول الثلاث لديها الرغبة الأكيدة لتجاوز العقبات الفنية بعد اجتماع الرؤساء وتوقع شقلاوي أن يعقد اجتماعاً يحسم العقبات .
اعتذار مصر
وسبق أن اعتذرت مصر عن المشاركة في الاجتماع الفني لمبحاثات سد النهضة باديس ابابا حيث وبالمقابل أعلن السودان إلغاء اجتماع اللجنة الفنية لمفاوضات «سد النهضة» على مستوى وزراء الري، الذي كان مزمع عقده بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ، بعد اعتذار الجانب المصري عن المشاركة. وقال المتحدث السابق باسم وزارة الري والموارد المائية و الكهرباء محمد عبد الرحيم جاويش، إن إثيوبيا أبلغت الجانب السوداني باعتذار مصر عن المشاركة في الاجتماع الذي دعت إليه أديس أبابا.
وأوضح جاويش أن الاجتماع كان مقرراً أن يناقش «الجوانب الفنية والتحضير لاجتماع اللجنة التساعية بين السودان ومصر وإثيوبيا المكونة من وزراء الخارجية والري ومدراء المخابرات العامة في البلدان الثلاثة».وتابع «إلغاء اجتماع اللجنة الفنية لا يعني إلغاء اجتماعات اللجنة التساعية في 15 مايو التي تستمر ليوم واحد بالعاصمة الإثيوبية».ولم يوضح سبب اعتذار الجانب المصري عن المشاركة في اجتماع وزراء الري، الذي كان مقررًا الأحد الماضي ، فيما لم يصدر عن القاهرة أي تصريح بهذا الخصوص.
فشل الاجتماع الثلاثي
وفي شهر نوفمبر من العام المنصرم لملم ممثلو مصر والسودان وإثيوبيا، في اجتماع اللجنة الثلاثية الخاص بسد النهضة، أوراقهم، وعادوا إلى بلدانهم بعد انتهاء الاجتماع الذي استمر لثلاثة أيام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لبحث أزمة سد النهضة.
واكتفى ممثلو الدول الثلاث بعد انتهاء الاجتماع، بأحاديث عامة لم تتطرق لحلول جذرية لخلافاتهم حول السد، الذي ترى مصر أنه سيؤثر على حصتها التاريخية من مياه النيل التي تقدر بـ 55.5 مليار متر مكعب، في وقت تنفي فيه إثيوبيا ذلك، مؤكدة على حقها في بناء السد للمساهمة في خطتها للتنمية.
اجتماع مايو
وعقد اللجنة الفنية الثلاثية لمصر والسودان وإثيوبيا، ووزراء الري في مايو من العام المنصرم لوضع، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا صياغة رؤية مشتركة للملاحظات الخاصة بكل دولة على التقرير الإستهلالي المقدم من المكاتب الإستشارية، وذلك لتقديم هذه الملاحظات مجتمعة إلى المكتب الإستشاري لمحاولة سرعة تضمينها في تعديلات جديدة على التقرير الاستهلالي، يكون من شأنها التوافق بين الدول الثلاثة، من أجل الدفع بمسار الدراسات الفنية لاختبار تأثيرات السد على الأمن المائي المصري.
وقالت مصادر في الوفد الفني، إن هذه الجولة من الاجتماعات تأتي في إطار إجرائي لاستكمال إرسال الملاحظات الخاصة بكل دولة إلى المكاتب الاستشارية.
ويأتي قرار الاجتماع على المستوى الفني بحضور وزراء الري فقط، بعد محادثات بين وزراء الخارجية في الدول الثلاث، إثر عدم موافقة الجانب الإثيوبي على دعوة مصر للاجتماع على المستوى التساعي في القاهرة، وترك الأمر للفنيين لمحاولة طرح أرضية مشتركة يمكن للسياسين التوافق حولها في اجتماع أخر «تساعي» مقرر أن ينعقد منتصف الشهر الجاري.
الاجتماع التساعي
ويذكر أن الاجتماع التساعي بحضور وزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة الأمن والمخابرات في الخرطوم أبريل الماضي لم يتم التوصل فيه إلى اتفاق على المستوى السياسي أو الفني، مما أعاد الدول إلى المسار الفني مرة أخرى في إطار استمرار محاولات التوافق والوصول إلى حلول من خلال الحوار المباشر بين أطراف النزاع الثلاثة دون أي وساطة خارجية بعد الرفض الإثيوبي والسوداني لطرح مصر بدخول البنك الدولي وسيطاً في المفاوضات.
الدراسات الفنية
وأكد مصدر فني بالوفد المصري، أن ما يشغل مصر الآن ليس تحديد سنوات الملء والاتفاق على عدد محدد من السنوات مع إثيوبيا كما يحاول الجانب الإثيوبي الوصول إليه، لكن الاتفاق على حيثية ومعايير محددة يتم الملء وفقاً لها، بوضع كافة الاحتمالات المتوقعة لكميات المياه والفيضان والأمطار خلال فترة ملء خزان السد بما لا يؤثر على استخدامات مصر من المياه ويقلل من معدلات الضرر المتوقع، مؤكداً أن مصر تشارك في الاجتماعات برؤية واضحة وعقل منفتح.
إعلان المبادىء
وينص اعلان المبادئ الموقع بين الرؤساء الثلاث في 2015 في البند الخامس على الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لأخر وإخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعى إعادة الضبط لعملية تشغيل السد، ولضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب، لابد من انشاء الدول الثلاث من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم، مؤكدة أن إعلان مبادئ وضع أطرا سياسية وقانونية تحكم التعاون بين الدول الثلاث.