الثلاثاء، 8 يناير 2019

مقالات: وجدي ميرغني..شهادة البشير

 لم أجد حماسة كبيرة للبحث أكثر عن تردد قناة المستقلة، ذلك أنها لم ترسخ عندي مثل قنوات أخرى تكون حاضرة دوماً رغم الصلة القديمة مع صاحبها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي، حيث تعود معرفتي به منذ قدومه الأول للسودان في النصف الأول من ثمانيات القرن الماضي، لذلك فاتتني متابعة حوار الدكتور الهاشمي مع السيد رئيس الجمهورية، فصرت أجد أخباره مع الزملاء، وفي تناول مواقع التواصل الاجتماعي لبعض ما استوقف الناس، ويوم أمس الأول سمعت ما قدمه الرئيس من أدلة تؤكد أن الإنقاذ لا تتعامل مع الإسلاميين وحدهم، فقال الرئيس أن السيدين وجدي ميرغني محجوب، وأسامة داود عبداللطيف يعتبران من أنجح رجال الأعمال في السودان، وكما هو معلوم فإن الرجلين لا يحسبان على الحركة الإسلامية، ولا تربطهما بها صلة، وزاد ظرفاء المدينة مثلما كان يزيد الناس على طرائف موسى ود نفاش، وملح الفنان عبد العزيز محمد داود، وما ينسب لحمودة حلاق الجامعة، وكثير مما يتداوله الناس عن قصص وحكاوي المشاهير.

ولقد استوقفني حديث الرئيس عن السيد وجدي لجملة أسباب، أولها أن الحديث وردني وأنا أشهد احتفال شركة النيلين للخدمات الهندسية، وهي احدى شركات مجموعة محجوب أولاد التي يمتلكها الدكتور وجدي ميرغني، في احتفالها بشراكتها مع الولاية الشمالية لتأسيس شركة الشمالية للتطوير والخدمات الزراعية. وقبل أن أتحدث عن شراكة وجدي مع الولاية الشمالية، وشراكاته الأخرى ومنها شراكته مع ولاية شمال كردفان والتي كنت شاهداً على انطلاقتها، ومتابعاً  لبعض انجازاتها، فلا بد من الوقف أولاً عند شهادة السيد الرئيس، ومعلوم جانبها الأول أنها تؤكد أن الحكومة لم تغلق أبواب التجارة والاستثمار على الإسلاميين وحدهم، ولكنها تتيح الفرصة لكل الجادين، ولكن الوجه الآخر المهم أن الدكتور وجدي قدم مثالاً واضحاً لرجل الأعمال الوطني، وهو لم يشغل نفسه بهوية الحكومة، ولا هواها، ولكنه مثله مثل كل الناس يمارس عمله بمهنية عالية، ولعله استفاد من حكمة خال الأستاذ السر قدور الذي كان يسكن معه السر أيام وقوع انقلاب نوفمبر بقيادة الفريق الراحل إبراهيم عبود في العام 1958م، فلم يذهب السر إلى عمله في الإذاعة لمدة ثلاثة أيام، فلما سأله خاله عن سبب غيابه عن العمل، أخبره أنه ضد الحكومة، فكان الخال يعمل بالجزارة فقال لابن أخته، (أنا ذاتي ضد الحكومة، ما أذبح) فلم يقل السر كلمة بعد ذلك، فأخذ الحكمة من عبارة خاله البليغة، وذهب إلى مقر عمله في الإذاعة السودانية.

وعبقرية وجدي ميرغني ووطنيته هي التي جعلته ينظر إلى مصالح العباد وصالح الوطن، ونجاح أعماله، فولج كل الأعمال المتاحة، دون النظر إلى أي موقف سياسي، وقد يكون له موقف مع أو ضد، ولكن ليس هذا هم المهم له، أو لغيره، المهم أنه لا يخلط الأوراق.

ولا أنفي انحيازي للرجل، فلقد كانت له علينا أفضال نحن العاملين في مجال الصحافة، يوم أن أكرمنا في شخص أحد زملائنا الذي كان يستحق الإكرام، فاشترانا بذلك الموقف النبيل، وصرت له شخصياً، مداناً، ديْناً لا يسد، ولكن ليس دينه وحده الذي يجعلنا نشهد له، فمنهجه في العمل أكبر شهادة له، وأمامنا تجربة شراكته مع الولاية الشمالية. فالطريقة التي يعمل بها وجدي مثل طرق الدول الحديثة المتطورة، فقبل أن يتحدث عن الشركة قدم معلومات تفصيلية عن الولاية الشمالية، وعن نوع المحصولات التي تنتج فيها في الصيف، وكذلك في الشتاء، ثم قدم معلومات تفصيلية عن السوق الأقرب والأكبر، والأكثر تجانساً، وهو جمهورية مصرية العربية أخت بلادي الشقيقة، فأحصى حجم الاستهلاك المصري لكل المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية، وإمكانية إنتاجها في السودان، كما قدم إحصاء الميزان التجاري، وتحدث عن الاتفاقات المبرمة بين السودان ومصر في كل المجلات، والربط السككي، والربط الكهربائي، والمنافذ البرية، ثم قدم المجالات التي يمكن أن تعمل فيها الشركة، ليكون حجم إنتاجها في العام الواحد عشر مليارات من الجنيهات، وهي بلغة السوق (بالقديم) عشر تريلونات، وكان وجدي قد قدم مصفوفة الصادر من خلال موقعه رئيساً لاتحاد المصدرين ترفع قيمة الصادرات السودانية إلى عشر مليار من الدولارات في العام، في زمن منظور لا يتجاوز العامين، وقد لا يبلغهما، وتلك فرصة لتهنئة أهلنا في الولاية الشمالية على هذه الشراكة الذكية، وتهاني وتحيات خاصات لأخي الحبيب ياسر يوسف والي الولاية، ولوزير الإنتاج زميل الدراسة في مصر الأخ عوض الخير، ونسأل الله أن يجري الخير علي يد رجل الخير وجدي ميرغني محجوب شركائه.