الثلاثاء، 23 أبريل 2019

حوار:بروفيسور محمد حسين ابو صالح الخبير الإستراتيجي في حوار الساعة مع «الوطن»


كل من لديه عمق استراتيجي كان يتوقع سقوط وانهيار النظام البائد

تسقط بس.. نعت الأحزاب بشكل كامل والشباب في 113 يوم استطاعوا اسقاط ما عجزت عنه الأحزاب خلال 30 عاماً  لذلك لا يجب فرض أجندتها الآن.

البروفيسور محمد حسين ابو صالح أستاذ وخبير التخطيط الاستراتيجي كان له صوت عالي وهو يوصي الشباب المعتصمين في القيادة العامة بضرورة عدم المجاملة وألا يقبلوا  إلا بحكومة هم راضيين علنها ؛ وطالبهم بالإحتشاد في مواقع التواصل الإجتماعي بعد فض احتشاد القيادة ليكونوا بالمرصاد للحكومة المقبلة لمراقبتها على الأداء وأي إنحراف على الفساد أو المحسوبية ليكونوا جاهزين له. وقال خلال الحوار الذي أجرته معه الوطن إن من وصفوا هؤلاء الشباب بشذاذ الآفاق كانوا بعيدي النظر لأنهم استطاعوا عمل ما عجزت عنه جميع الأحزاب خلال 30 عاماً ..
إليكم تفاصيل ماجاء في الحوار بين الأسطر القادمة ....

حوار : رحاب ابراهيم

كيف تقرأ نجاح ثورة الشباب الذي كان ينعت بشباب السستم والشيشة وشارع النيل ؟
صراحة أي شخص كان لديه عمق تحليل استراتيجي كان يتوقع أن النظام ذاهب إلى سقوط وانهيار وكانت مؤشراته واضحة جداً ، والمظاهرات بدأت من الشباب وهؤلاء الناس عانوا جداً من فقر التنمية والعطالة ، وحتى الموظف مرتبه ضعيف ، والذي يريد الزواج لا يستطيع ؛ وكل الطموحات أصبحت بلا أمل  وحينما بدأت المظاهرات كان الناس يسخرون منهم .
في رأيك لماذا كانت السخرية ؟
كان واضح وجود فجوة بين الأجيال لذلك تم وصفهم بشذاذ آفاق وشباب ضايع بتاع كافتيريات وشيشة وشارع نيل ، ولكن أظهر ذلك الشباب إنه واعي جداً ويحب السودان جداً وحتى الذي يفلفل شعره قد يكون فاهم في الدين أكثر من غيره ؛ لذا ظهرت مفاهيم خطأ وهم فعلاً عنيدين إلى أن طرحوا شعار تسقط بس وكثير من الناس تعاملوا معه بسذاجة وسطحية وكأنهم فقط يدعون الى تسقط وخلاص وليحدث مايحدث .
في رأيك هل كانت هناك خطة بعد تسقط أم ماذا ؟
الحقيقية هؤلاء الشباب من خلال العالم المنفتح كانوا يتابعون التطورات التي تحدث في البلدان الأخرى وحتى المجاورة منها ونجاح الابداع في دول كانت تشكوا الفقر وإنتقلت الى الرفاهية ؛ وهناك دول متخلفة أصبحت تتحدث عن الرفاهية مثل سينغافورا ، وهكذا دول اسيا والبرازيل وسلسلة من الدول التي تسير نحو الرفاهية والسعادة  هذا ما يخص نظرتهم الخارجية وعندما تأتي النظرة الداخلية يجدوا تخلف تنموي رغم غناء البلاد من الموارد البشرية وغيرها ، ولكن الأداء التنموي ضعيف الصادرات كلها 5 مليون دولار . ولا يعقل أن يكون بلد مثل السودان صادراته لا تساوي مبيعات هاتف لشركة من شركات العالم ، بالإضافة للفساد والبروقراطية والتخلف السياسي ، ذلك هؤلاء الشباب ( قرفوا ) وهذه الكلمة عميقة جداً قرفوا من كل ما يحدث في السودان ليس في عهد الإنقاذ فحسب بل منذ العام 56 لذلك وجودوا إنه لا مجال إلا تغيير هذا السستم ، وليس هناك بد سوى يسقط بس وحينما استفذ الناس هؤلاء الشباب في بداية ثورتهم كان ذلك نتاج لعدم إدراك علم النفس السياسي بأن الشعب السوداني يستفذ بهذه الطريقة ، لماذا تقول لهم شذاذ آفاق وهم ذاتهم الذين إستطاعوا تغيير النظام الذي حاربته الأحزاب منذ 30 عاماً ولم تنجح ؛ ويجب أن يتفهم الناس الشباب .
بعد أن قال الشباب كلمتهم وحققوا هذا النجاح الكاسر بدأت الأحزاب السياسية تتبارى للحصول على كراسي الحكم . واصبح هناك تخوف من يوم بكرة ؟
 أولاً نحن مقبلين على حكومة جديدة ويجب إرضاء الشباب وليس الأحزاب السياسية لأنهم طالبوا بإسقاط القديم (الإنقاذ) وغيرها فإذا جلبت أي رمزية من الإنقاذ أو ما قبل الإنقاذ ايضاً سيكون مرفوض ، والحل في إرضاء هؤلاء الشباب ، وكانت السلمية ظاهرة عندهم كلما حاولو جرهم الي العنف بشتى الطرق لم ينجحو قتلو من قتلو وضربو من ضربو لم يكسرو عهد السلمية وكان ذلك نوع من الوعي العالي جدا والعالم رشحهم لنيل جوائز عالمية في هذه المدرسة . ويجب ان نكون شجعان فهؤلاء خلال 113 يوم اسقطو النظام وكل الاحزاب والتنظيمات تحاول منذ 30 سنة غلبهم عمل ذلك  لذلك لا تاتي وتفرض اجندتك .
كمال رزق امام وخطيب الجامع الكبير دعى الشباب الي تولى سدة الحكم وان بكون العجائز في مجلس خبراء؟
طبعا لدينا شيء يغرسه الكبار بقول »هؤلاء مازالو صغاراً« مع ان ماكرون رئيس فرنسا عمره 39 عام والحزب عمرة سنتان وكذلك اوباما كان شاب حينما تولى رئاسة امريكا وأبي احمد كذلك لذا يجب الخروج من هذه الإنهزامة وبعدين انتو الكبار ماذا فعلتم 63 سنة ومازال السودان متخلف ويجب ان لا تتحدثو ، ويجب منح فكر جديد بقيادة الشباب والكبار ينتظمو في مجلس خبراء حكماء وإن كان حكمتهم رأيناها خلال 63 عام فإذا نظرنا لها بعمق هي ليست تسقط بس نعت الاحزاب بشكل كامل ونتوقع بروز احزاب جديدة شابة قائمة علي ابداع علم اخلاق بها إبداع سياسي جديد سيلتف حولها هؤلاء الشباب المعتصمين وهم نفسهم سيقومون بالتصويت في صناديق الإنتخابات الحرة ولن يصوتو للاجيال القديمة وستكون فعلا انتخابات حرة ونزيهة ولم يصوت فيها العجائز وهم 10% من السكان وبالتاكيد لن يصوتو للأسقطوهم وستأسس دولة النظام السياسي الجديد .
انا من انصار عمل فترة انتقالية بها سودان مختلف إذن سنتجاوز الأخطاء التي بدأت منذ 56 إذن المشاركون في الخطأ ينبغي  ان لا يكونو طرف في الفكرة لذلك يجب ان يقود الفترة الإنتقالية أهل الكفاءات والخبرات والاحزاب اذا لديهم قواعد ليأتو في الإنتخابات ويفوزو .
كيف تقرأ السيناريو القادم ؟
انا من الناس الذين يؤمنون بان السودان سيبدأ مرحلة جديدة وسيتشكل فيها واقع سياسي جديد وعنصر الشباب سيكون حاسم والان نتحدث عن حركة الحماية بعد الخروج من القياد وتكوين الحكومة سيأتون لمراقبة الناس فوق الحكومة وسيكونون متربصين لأي خطأ بالتالي نتوقع تاسيس وضع جديد .
السودان منذ الإستقلال ظل يعاني من الأنظمة الحاكمة اين الخلل في رأيك ؟
نحن كخبراء استراتيجية نقول ان هذه المرحلة يجب علي الشباب وإن كان هناك تجاوب كبير يجب كسر الحلقة الخبيثة التي كان يمر بها السودان منذ يناير 56 لاننا لم ننتج رؤيتنا الوطنية او خطط الدولة السودانية ولم نحدد ماهي غايتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لذلك كانت النتيجة بغياب هذه الرؤية الوطنية لذلك حدثت خلافات جاء عبود وذهب الي الإتحاد السوفيتي ثم الولايات المتحدة ثم الاتحاد السوفيتي واسقط بثورة وكونت فترة انتقالية متعجلة لاننا كنا متعجلين نحو الكرسي وكان يجب التمهل لإنتاج رؤية وطنية والنتيجة جاءت الحكومة لغياب الفكرة ونشأ إنقلاب علي جعفر نميري وورجعنا مرة اخرى للاتحاد السوفيتي ثم نسقطه وتاتي فترة انتقالية متعجلة دون التمهل للفكرة الوطنية ومرة اخرى تاتي الخلافات وهكذا وجاءت الانقاذ ولكن دون روسيا وامريكا ولكن ذهبت عبر تسقط بس ويكمن التحدي الكبير كل مرة تسقط دون إنتاج الفكرة الوطنية وحتى نعالج الوضع بشكل صاح يجب ان يحدث ما كان يجب ان يحدث في يناير 56 وان تكون هناك رؤية وطنية للعام 2019 خطة الدولة السودانية حتى نتفق عليها من خلال حوار إستراتيجي بعد ذلك ليحكم من يحكم نريد الخرطة وليس من يحكم .
من الذي سيقوم بعمل هذه الخطة ؟
نحن كأستراتيجية انتجناها فقط المتبقي عرضها علي الشعب السوداني والعلماء الآخرين ليصلحو الاخطاء وإذا كانت هناك إضافات تضاف لتصبح فهم عميق يحدث حوار استراتيجي ، الآن الرؤية موجودة ليس لها قيمية فهي عبارة عن حديث علمي قيمته تصبح بعد موافقة الشعب السوداني عليها لذلك نحتاج ان تطرح علي مستويين علي علماء السودان للموافقة ثم تطرح علي حوار إستراتيجي للإتفاق عليها ومن ثم تصبح خطة السودان .
كيف كانت مراحل وضع هذه الإستراتيجية؟
اجرينا عليها عدد من تحليلات الجزور للمشكلات و18 تجربة إنسانية وعملنا دراسة لـ 24 دستور في العالم و740 بحث علمي لإنتاج هذه الفكرة الوطنية استغرقت منا 4 سنوات إذا تم الإتفاق عليها الدستور سيأسس لها ويحميها وبذلك نكون أغلقنا باب خطة الدولة ومن ثم تاتي الاحزاب للانتخابات لندُور في ابداعات التنفيذ .
هناك من قفذ في قطار الثورة دون اي وجه حق للكراسي ؟
هذا الصنف موجود في كل الثورات ولكن هؤلاء الشباب واعيين بشكل كبير لذلك الناس تطمئن ولكن يجب التنبيه الي ان المشكلة ستاتي في ان هؤلاء الشباب كانت هناك جهة تنظمهم والعلاقة بين الشباب وهذه الجهات فقط في تسقط بس يعني ليس هناك من يدعي بان لديه علاقة فكرية مع الشباب لذلك بعد السقوط لا احد يدعي انه ممثل للشباب حتى يحكم علي ظهرهم هذه سرقة ولا يجب ان تتحدث بإسمهم اننا سنحكم بتيار سياسي او وسطي اويميني او يساري لان الشباب بهم من اقصي الشمال الي اليمين لذلك هناك كثرين يريدون سرقة هذه الثورة .
هناك من يرى ان المجلس العسكري امام تحدي كبير وصعب عليه إرضاء الجميع ؟
 فعلاً المجلس العسكري امام تحدي اذا عمل حكومة ارضت من يريد سرقة الثورة من الاحزاب القديمة الشباب لن يغادر القيادة وإذا عمل حكومة أرضت الشباب سينفضو من امام القيادة وربما سيأتي العجائز ويطلبو الإعتصام هنا لن يستجيبو لهم لذا الافضل ارضاء الشباب وليس الاحزاب القديمة لانهم صانعي الثورة . 
الجميع يقول نحن في حوجة لحكومة مؤهلة تكنوقراط ؟
هذه رسالة للمجلس العسكري اننا في السودان في مسرح الصراع الإستراتيجي الدولي لن نستطيع إدارة المرحلة القادمة إلا برؤية إستراتيجية وعقل إستراتيجي ولن نستطيع إدارتها بعقل إستراتيجي عسكري يجب ان يكون استراتيجي شامل اقتصادي سياسي علمي تقني عسكري .. إلخ لذلك اذا اردنا السير في الطريق الصحيح هناك ضغوط داخلية  لعمل مجلس انتقالي مدني وضغوط خارجية ونحن لا يمكن تسليم السلطة لجهات وهمية ويبقى هذا تهديد امني لكن بذكاء العالم وفقة الدولة الشاملة  لم تعد القوة عسكرية فإذا طور المجلس العسكري ليصبح المجلس الإنتقالي ليشمل الأعضاء الحاليين نفسهم لكن بهم ممثلين لقوة إقتصادية واجتماعية ..الخ وبهذا سيصبح مجلس انتقالي  واصبحنا امام العالم مجلسنا مدني والقوة الجديدة هي عقل استراتيجي للدولة . ونكون بذلك قدمنا رؤية جديدة للعالم لا تتحدث عن القوة العسكرية الشاملة .
 وتاتي تحت منها حكومة أكفاء لتنفيذ الخطط .
هناك تسريبات لبعض الاسماء عن الحكومة الانتقالية مارايك فيها ؟
هذه التسريبات هي لعمل تسويق وقياس نبض الشارع واذا لدينا ذكاء يجب ان لا نقيس راي العام من العجائز بل الذهاب الي القيادة العامة وقياس نبض هؤلاء الشباب ماذا يريدون أؤكد من ناحية علمية لن يرتضو بالعجايز .
كيف نشكل مستقبل السودان الجديد ؟
هناك اساسيتين اي دولة تحتاج لما يسمى بالحلم الوطني اذا تمت صياغة الرؤية الوطنية وحققت غايات الناس ومصالحم  ووجدانهم وشعرنا ان قلوبهم قبلت بها سيكون هناك ارتباط وجداني بين قلوب السودانيين و سودان مختلف متقدم سياسياً واجتماعياً بقدوة تمارس الحكم الراشد ليس فيهم حرامي اذا قبلو الشباب به سيكون هناك إرتباط وجداني بين القائد والشباب فإذا جئنا بهذا سنعبر بالسودان الي الامام لابد من رؤية وطنيه لوجدانهم .
كيف توصي الشباب حتى ليكونو علي قدر المسئولية ؟
يجب تجهيز انفسهم للمبادرة وتشكيل واقع ومستقبل السياسي لان القادم تغييرات سياسية مختلفة الي ذلك الحين لا يجاملو إلا تاتي حكومة هم راضيين علنها تتحدث عن المستقبل السوداني ولكن مهمتهم لم تنتهي يعني الإحتشاد في القيادة العامة بعد ينتهي يتواصل في إحتشاد رقمي علي السوشيال ميديا لتتم مراقبة الحكومة علي الأداء واي إنحراف علي الفساد او المحسوبية يكونو جاهزين الي ذلك الحين يكونو حريصين لتكوين الرؤية الوطينة .
السودان أمام تحدي كبير ونحن في حوجة لتأمينه ولتحقيق حلم وطني سوداني وقيادة جديدة بها أخلاق وعلم وكفاءة لا نجامل ونحتاج لديمقراطية جديدة وهي العلم والابداع والأخلاق