السبت، 27 أبريل 2019

قضايا: المواطنون يناشدون والي الخرطوم لحل ازمة المواصلات


بعد استمرارها لاكثر من عام ....

أزمة المواصلات أصبحت واحدة من أهم الأمراض المزمنة التي تعاني منها ولاية الخرطوم ، فما بين انعدام للمركبات في كل المواقف،  وارتفاع جنوني في تعرفة المواصلات على مدى اليوم ، يظل المواطن في عناء مستمر من أجل الحصول على مقعد في إحدى المركبات ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن هذه المشكلة أعيت من يداويها ؛  وهذا الكلام لا نطلقه جزافاً لأن الولاة الذين تعاقبوا على هذه الولاية اعلنوا عجزهم عن ايجاد حلول لأزمة المواصلات والتي لا زالت ترسم لوحة بائسة في طرقات الخرطوم ، واعتاد المواطن على الوقوف لساعة أو أكثر في سبيل الحصول على مركبة توصله إلى وجهته ... عدد من المواطنين جدد الشكوى من هذه المشكلة مطالباً بتسليط الضوء ولفت نظر الحكومة الجديدة بالولاية إلى هذه الأزمة لايجاد حلول جذرية لها ..

قضيه:ندى بدر

٭ تلاعب في التعرفة!!
الأزمة في الوقود هي التي قادت إلى تفاقم هذه المشكلة ، وقبل ذلك كانت تعرفة المركبات العامة خاصة (الهايس)  تتفاوت ما بين الإرتفاع والانخفاض حسب الظروف العامة للطريق فإن كانت المحطات خالية من الركاب يضطر صاحب المركبة للشحن بالتعرفة المحددة ، أما اذا اكتظت المحطة بالركاب فتلك فرصة للمزيد من الكسب وسرعان ما تتضاعف التعرفة ورغم ذلك يتدافع المواطنون للحصول على مقعد في تلك المركبة وقد تحدث إلينا أحدهم  عن ذلك وقال إن المواطن هو الذي يضيع حقوقه بنفسه ولو قاطعنا هذه المركبات مرة واحدة لما وصلنا إلى ذلك ولما قام أصحاب المركبات بتحديد السعر على مزاجهم . (م. س) صاحب مركبة هايس تحدثنا إليه حول هذا الموضوع فقال إن عربته خاصة لذا فهو لا يلتزم بالتعرفة المحددة للمركبات العامة؛ كما إنه يوضح القيمة المحددة للراكب ولا يجبر أحد على الركوب  فهو مثل التاكسي من لديه امكانية يركب وإلا  فلينتظر المركبة العامة . وبسبب هذه الفوضى فجر أحد الركاب مشكلة كبيرة ورفض إعطاء أكثر من التعرفة وطالب صاحب المركبة بالذهاب إلى اقرب نقطة للشرطة ، وعندها قال صاحب المركبة إنه نادى بالقيمة المحددة قبل أن يتم شحن المركبة ، ولكن ذلك الشخص ظل على موقفه مما اضطر المساعد لأخذ تلك القيمة حتى لا يدخل في جدال لا فائدة منه . في نفس الإطار اشتكى عمار مصطفى (موظف) من تفاقم أزمة المواصلات والتي ظلت على هذه الحال قرابة العام وأشار إلى أن نصف راتبه يذهب في المواصلات خاصة مع الزيادات غير القانونية لتعرفة المواصلات؛  وقال إن المواطن يمكن أن يترك الأكل والشرب وكل شيء فوق طاقته المادية لكنه لا يستطيع ترك المواصلات ، فهل عجزت الدولة عن ايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة وعن التحكم في أصحاب المركبات واصدار قوانين تمنع تلك التجاوزات ؟
٭ اين الرقابة !!
 في السابق كانت حجة بعض أصحاب المركبات بخصوص الزيادة غير القانونية في تعرفة المواصلات هي ارتفاع أسعار الدولار والذي يقود إلى إرتفاع قيمة محركات السيارات وقطع الغيار ، وعموماً  ما يحدث من زيادة قانونية أو غير قانونية تكون على حساب المواطن . هذا إلى جانب تقسيم الخط الواحد إلى عدة خطوط بغرض تحصيل أكبر مبلغ ممكن في المشوار الواحد . وبالرجوع إلى زيادة تعرفة المواصلات تحدثنا كذلك مع مجموعة من المواطنين الذين أكدوا أن زيادة تعرفة المواصلات مع عدم وجود زيادة في المرتبات هو قتل أو موت بطئ للمواطنين ، خاصة مع عدم توفر المركبات في كل الأوقات مما يضطر المواطنون للازدحام والتدافع والذي بسببه انتشرت السرقة بين الركاب الذين يكون كل اهتمامهم الحصول على مقعد في المركبة . نسرين (طالبة) قالت إنها تحاول جاهدة تفادي أوقات الازدحام وتضطر لعدم حضور بعض المحاضرات ومع ذلك تقف بالساعات في سبيل الحصول على مركبة عامة ،واشارت إلى استغلال أصحاب المركبات لحوجة المواطن ووضع التعرفة التي تحلو له ولا يجدي الكلام معهم شيئاً  وينادي بتعرفة معينة ومن لا يستطيع يضطر للانتظار  طول اليوم . 
أما زميلتها خديجة فقالت إنها حاولت ذات مرة الحصول على مقعد والتزاحم مع الركاب وكانت النتيجة أن فقدت الموبايل لذا أصبحت تقف جانباً حتى ينتهي الزحام واضافت إن هناك فوضى في تعرفة المواصلات  خاصة أوقات الذروة والتي يحددها سائق المركبة و(الكمسنجي) وأن يصبح السعر مضاعفاً  فلن يكون أمامنا سوى ممارسة رياضة المشي ذهاباً واياباً . نسبة لعدم وجود رقابة على المركبات العامة في ولاية الخرطوم فقد أصبح المواطن ضحية لتلك الفوضى السائدة في قطاع المواصلات ، وقد وجد أصحاب المركبات منافذ عديدة لاستغلال حوجة المواطن ومنها تقطيع الخطوط وخلق خطوط جديدة ، فمثلاً القادم من الخرطوم إلى بري أو كوبر بدلاً  من أن يتم النقل مباشرة فإن أصحاب المركبات يقوموا بشحن المركبة حتى وزارة التربية ، بنفس التعرفة مع العلم إنه لا خط بهذا المسمى ، ونفس صاحب المركبة يقف ليشحن من ذلك المكان إلى كوبر إو بري أو غيرها وبذلك يأخذ أجرة ضعف التعرفة المحددة له ، وهذا التلاعب يحدث ايضاً  في مواصلات بحري وشرق النيل والكدرو والتي يقوم صاحب المركبة المتجهة إليها بالشحن حتى محطة (الكوبري) بنفس التعرفة ويشحن مرة اخرى مواصلاً طريقه إلى نهاية المشوار مع ركاب يكون أغلبهم الذين وصلوا على متن مركبته إلى هذه المحطة ، وإذا حاول المواطن الحديث في هذا الموضوع يقول صاحب المركبة إنه لم يجبر أحد على الركوب ، وهناك طريقة انتهجها بعض أصحاب المركبات في موقف بحري لمضاعفة التعرفة وهي الشحن حتى النفق بالقيمة التي يشحن بها من بحري حتى استاد الخرطوم ، وبذلك يكون الراكب قد عدى الكوبري فقط ومن ذلك المكان يشحن حتى الاستاد بنفس التعرفة ، وقد حدث أن احدى المركبات أوصلت الركاب حتى النفق ومباشرة قامت بالشحن حتى الاستاد  وكان نفس الركاب الذين أوصلتهم للنفق هم الذين ركبوا للوصول إلى الاستاد ورفض عدد منهم إعطاء المساعد  ما يزعم أنه حق له مما أضطر صاحب المركبة لإيقافها بحجة إن الماكينة بها مشكلة !!
٭ توقع الانفجار!!
وحول أسباب أزمة المواصلات في ولاية الخرطوم تحدث إلينا الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد ابراهيم موضحاً أن أزمة المواصلات تكمن في إن كل مشكلة تلقي بظلالها على الجانب الآخر وتسهم في تفجر أزمة ، لذلك يمكن القول أن مشكلة المواصلات ناتجة  عن أزمة الوقود لكن في الحقيقة هذه  المشكلة إذا لم يتم حلها جذرياً  فسوف تتفجر مع حدوث أزمة في كل شيء ، ومن الضروري جداً  وجود قطاع نقل عام تقود دفته الدولة لأن اصحاب الحافلات والمركبات العامة الذين يعلمون الآن هم عبارة عن مستثمرين يبحثون عن الربح ولو كان على حساب المواطن لذا فإنهم يستغلون كل فرصة لزيادة مكاسبهم خاصة عند حدوث أزمات وبما أن الدولة لا تسيطر على هذا القطاع فمن السهل جداً  توقفهم عن العمل وخلق أزمة يستغلونها لرفع قيمة التعرفة مما يضطر المواطن للركوب بأي قيمة كانت خاصة مع أجواء السودان التي لا تحتمل والكل يسعى للوصول إلى عمله 
٭ ماهي المعالجة؟
واضاف الخبير الاقتصادي إن هناك عدد من الخطوات يمكن اتباعها لحل هذه المشكلة، ومنها الرقابة على مواقف المواصلات والتأكد من سريان التعرفة المحددة وعدم التلاعب بها ، هذا إلى جانب إلغاء الخطوط الفرعية ، وفي السابق كانت المركبات العامة يكتب عليها الخط الذي تعمل به المركبة وكذلك توجد خطوط ذات ألوان مختلفة على هيكل العربة كل منها تخص خط معين لذا يجب العودة إلى هذه الطريقة التي يمكن أن تسهم في فرض الرقابة على أصحاب المركبات . في نفس الاطار ناشد المواطنون بولاية الخرطوم السيد الوالي بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي ظلوا يعانون منها قرابة العام ، وطالبوا أن تكون الأولوية لهذه المشكلة لما تسببه للمواطن من معاناة يومية خاصة إن المواصلات هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه .
٭ المتشردون ما بين المسئولية المجتمعية والقانونية !!.
شريحة لا يستهان بها من الأطفال اأبرياء الذين لفظهم المجتمع بدعوى أنهم متشردون وذلك دون مراعاة للأسباب التي وضعتهم في هذه الظروف القاسية والتي لا يجدون معها قطعة خبز تسد رمق جوعهم أو مأوى يوفر لهم الحماية من حر الصيف وزمهرير الشتاء أو الأمان من المخاطر التي تحيط بأطفال في مثل عمرهم .التشرد واحدة من الظواهر الاجتماعية السالبة والتي انتشرت في ولاية الخرطوم بصورة لافتة للنظر ، وهو من أبشع انتهاكات حقوق الطفل كما إنه أحد المهددات الأمنية التي تقض مضجع الدولة والمجتمع على حد السواء ، اذ يعتبر  بوابة لانتشار الجريمة والمخدرات ، وهو مهدد صحي لاصابة هؤلاء الاطفال بكثير من الامراض نتيجة للبيئة غير الصحية الي يقطنون فيها . وهناك أسباب كثيرة لانتشار هذه الظاهرة وأهمها الحروب والظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية ، لذا فإن هناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع تجاه المتشرد وقد أوضح لنا عدد من المختصين بعض جوانب هذه المسئولية ومنهم الخبير الاجتماعي د. بدرالدين ميرغني والذي أشار إلى أن هناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع والشركات المنظمات في توفير السكن والمأوى والتعليم للمتشردين مع العلم ان التشرد من تبعاته الجوع وهو من اسباب الكراهية والحقد والظروف الاقتصادية تقود إلى التشرد ، وهناك بعض الحلول التي يمكن بها مساعدة هذه الشريحة ومنها أن تتبنى الشركات مشاريع للأسر الفقيرة ، ويمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تقوم ببناء مدن للمتشردين وتسليحهم بالعلم والمعرفة وتوفير العناية الطبية والعلاج . أما د. عثمان محمد (مستشار قانوني) فقد أوضح أن هناك تشرد قسري وهو الناتج عن الحروب والتشرد الطوعي وهذا يكون نتاج الطلاق والاعتدء الجنسي على الأطفال الذين يولدون خارج الاطار الشرعي وثمن دور الأمم المتحدة في ايجاد قانون لهم يبحث عن حقهم في المأوى والمعيشة وتقديم المساعدات القانونية لهم .