الأربعاء، 24 أبريل 2019

مقالات:تأملات:السودان.. ليس وحده


كتبت من قبل عن كثير من مواقف بعض الأشقاء مع السودان في كل ازماته، وامتحاناته، وفي مقدمة هؤلاء الأشقاء في جمهورية مصر العربية والمملكة العربية المتحدة، وهي مواقف متواصلة، ومتجددة، وتصدق فيها الرمية التي تقول (النزول الصديق بي اسمو ما هو صديقك، لكن الصديق الشاركك في ضيقك. . في كل الصعاب تلقاهو ديمة رفيقك والناس تتوهم تقول ده أخوك صديقك). 
وقبل أيام شهدت الخرطوم الزيارة المشتركة للوفد السعودي الإماراتي رفيع المستوي، الذي التقي رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وأعلن عن وقوفه وتضامنه مع السودان في هذه المرحلة المفصلية في تاريخه، ووعدوا بتقديم دعم كبير للسودان يعينه علي عبور وتجاوز هذه المرحلة، وبمجرد عودة الوفد، تم الإعلان عن ثلاثة مليارات من الدولارات دعما من السعودية والإمارات لحكومة السودان، وكان لهذا الدعم أثره الإيجابي علي سعر صرف الدولار وغيره من العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، وأتوقع أن يتواصل هذا الدعم العربي السخي، لا سيما من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهذا ما يبشر به علي الدوام سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان معالي السفير علي بن حسن جعفر، هذا الرجل الذي احتل مكانا عزيزا في قلوب السودانيين جميعا، بتواضعه الجم، وتواصله الحميم مع أهل السودان جميعا، لدرجة أن كل إنسان يقول أنه صديق للسفير السعودي، واستغرب كيف استطاع هذا الرجل من بناء جسر ممتد من العلاقات مع هذا الكم الهائل من السودانيين في هذا الزمن الوجيز، وهو يحفظ لكثيرين بعض الخصوصيات، والقفشات.
وقبل أن تنمحي آثار الوفد السعودي الإماراتي من أرض الخرطوم، هبط بلاد النهرين وفد بحريني رفيع يقوده السيد وزير الخارجية، والتقي الوفد رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وأكد مباركته وتأييده للثورة السودانية التي هي خيار أهل السودان، ثم أدلي السيد وزير الخارجية البحريني بتصريح، قوي وصريح، وواضح، فمع إعلانه دعم بلاده للسودان، أوضح أن هذا الدعم مستحق للسودان، فالسودان فضلا عن كونه جزء أصيل من الأمة العربية، فلقد قام بدور عظيم في تحالف دعم الشرعية في اليمن، وساهم بأغلي ما عنده، بدماء شبابه، فواجب علي الأمة العربية أن تقف معه، كما وقف بشموخ مع أمته في محنة اليمن الشقيق.
أما الموقف الأخير، والذي لن يكون آخر المواقف، لا من أشقاء العروبة وأفريقيا، ولا من أشقاء الرحم والنيل والماضي والحاضر والمستقبل، أشقاء الوادي في مصر الكنانة، الذين قاد رئيسهم الهمام عبد الفتاح السيسي مبادرة دعا فيها الاتحاد الأفريقي ممثلا في قادة ورؤساء الدول الإفريقية ورئيس المفوضية السيد موسي فكي لقاهرة المعز ام الدنيا، وكنانة العرب وإفريقيا من أجل تصحيح الرؤية لما يجري في السودان، ولقيادة موقف موحد لدعم ثورة السودان، ومعلوم أن الاتحاد الأفريقي كان قد امهل المجلس العسكري الانتقالي خمسة عشر يوما لتسليم السلطة للمدنيين، وهذا الموقف كان ناتجا عن فهم غير دقيق لما يجري في السودان، فيبدو أنهم فهموا أول مرة أن الجيش قد انقلب علي الحكومة في السودان واستولى علي السلطة، فاوضح لهم الرئيس السيسي أن الذي جري في السودان ثورة، وليس انقلابا، وأن الجيش استجاب لمطالب الشعب، وانحاز إلي الثورة، وخلع الرئيس السابق، ويجري الآن مشاورات لتشكيل حكومة مدنية تدير الدولة أثناء الفترة الانتقالية التي أتفق علي أن تكون عامين كحد قصي، يتم بعدها تكوين أجهزة الحكم المنتخبة، وأن الجيش خلال هذه الفترة الانتقالية سيكون حاميا للثورة، وضامنا لها، وممثلا لسيادة الدولة، ولن يمارس أي شأن تنفيذي من شؤون الحكم، وبناء علي ذلك، زاد الاتحاد الأفريقي المهلة من خمسة عشر يوما إلي ثلاثة شهور، وطلب خلالها تشكيل حكومية مدنية، وليس إعادة السلطة لحكومة مدنية كما ورد في بيانه الأول. وموقف مصر الداعم للسودان، لا يمثله هذا الموقف العظيم وحده، ولكنها مواقف متواصلة، قبل الثورة، وخلالها، وبعدها، والمرتجي من مصر في المرحلة القادمة كبير وعظيم، ومصر لا تحتاج إلي من يذكرها بدورها، تجاه أشقاء الجنوب، فهي تعي دورها تماما، وتعلم ما يجمع بينها وبين السودان شعبا، وارضا، فما يصيب الخرطوم، يصيب القاهرة، وما يصيب القاهرة يصيب الخرطوم، خيرا أو شرا، فسعي البلدين كله أن يتحقق الخير هنا وهناك، وبالله التوفيق والسداد.