الأربعاء، 27 مارس 2019

تحقيق: تجدد مسلسل «زيرو مياه»!!


 
مواطن : الخدمات المقدمة لا تناسب قيمة فاتورة المياه التي يتم تحصيلها!!  
 مواطنة : نسدد الفاتورة ونعاني أزمة مياه حادة معظم أيام السنة!!
الهيئة القومية للمياه .... لا حياة لمن تنادي!!

تحقيق : شهلاء عثمان بخاري

ما أن يطل فصل الصيف برأسه حتى تتجدد أزمة المياه في ولاية الخرطوم ، على الرغم من تلك الأنهار التي تحيط بها ، ويظل المواطن في حالة قلق وسهر دائم من أجل الحصول على قطرة مياه، وهناك من يضطر لشراء الماء لتضاف ميزانية جديدة مع العلم أن فاتورة المياه يتم خصم قيمتها رغم تلك المعاناة ... في الأيام الفائتة عدد من المناطق بولاية الخرطوم اشتكى أهلها من انقطاع المياه وشحها، وقد تحدثنا إلى مجموعة منهم في محاولة لعكس تلك المعاناة ولفت نظر الجهات المختصة للسعي لحل هذه المشكلة ، وقد استطعنا الخروج بهذه الحصيلة .... 

* اعتراف بالمشكلة!!
تعاني العديد من المحليات وكثير من المناطق الطرفية بولاية الخرطوم هذه الأيام من شح المياه وعدم توفرها أو انقطاعها تماماً في بعض الأحياء خاصة في أمدرمان والكلاكلة التي اشتكى عدد كبير من سكانها من انعدام المياه مما يضطرهم لشرائها وبأسعار تفوق طاقتهم وتحملهم ، لكن لا يستطيع الانسان الحياة بدون مياه ، وهذا السيناريو يتكرر كل عام دون اي جهود ملحوظة من الجهات المسئولة لتجنيب المواطن هذه المعاناة ، في العام الماضي أقر والي الخرطوم السابق الفريق أول ركن عبدالرحيم محمد حسين بوجود أزمة في المياه وما لا يقل عن (20) منطقة تعاني من العطش إلى جانب جفاف بعض الآبار ، ومنذ تلك اللحظة لم نشهد أي جهود مبذولة بخصوص تطوير خدمات المياه التي يدفع المواطن قيمتها مجبراً من خلال خصمها عند شراء الكهرباء التي لن يستطيع الحصول عليها ما لم يقم بتسديد قيمة فاتورة المياه.
 وقد يتساءل البعض عن الوضع الحالي للإمداد المائي وتلك الخطط التي تم الحديث عنها (زيرو عطش) وغيرها والتي ظل مواطن ولاية الخرطوم بعدها في عطش دائم ، وتكمن المشكلة في أن الهيئة القومية للمياه تظل تطلق الوعود بقدرتها على إيجاد الحلول وتوفير المياه وتؤكد اكتمال الاستعدادات لمجابهة مشاكل المياه في فصل الصيف ، وتؤكد بعض الدراسات أن شبكة المياه بولاية الخرطوم بالية وتكثر فيها الأعطال هذا إلى جانب الضغط العالي نسبة لإرتفاع الكثافة السكانية بولاية الخرطوم مما يؤدي إلى انقطاع المياه بصورة متكررة خلال فصل الصيف ، وتظل مشكلة شح المياه في غالبية الأحياء من أكبر المشاكل التي تواجه المواطن ، وأمام هذا الواقع المحزن يلجأ العديد من المواطنين لشراء المياه من اصحاب عربات (الكارو ) بسعر يتراوح ما بين 4-5  جنيهات للجركانة، لمن ليس لديهم المقدرة المادية لشراء البرميل بأكمله مما يزيد العب على المواطن في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد ، هذا إلى جانب أن مصدر هذه المياه غير معروف لذا قد تؤثر سلباً على حياة المواطن الذي ليس أمامه سوى شراء هذه المياه أو الموت من العطش.
* خدمة أساسية!!
توفير المياه من أبسط الحقوق والخدمات التي يجب أن توفرها الدولة للمواطن ، لكن ومع الكثافة السكانية العالية في ولاية الخرطوم أصبح من الطبيعي انعدام المياه في فصل الصيف مع تأكيد الهيئة القومية للمياه أن محطات المياه بكل من ابوسعد والمقرن تعمل بالطاقة القصوى ، هذا إلى جانب معالجة الأعطال في فترة لا تتجاوز الـ(48) ساعة ، لكن الواقع إن كثيراً من الأسر في الأحياء الطرفية بمحلية أم بدة بأمدرمان وبعض من مناطق الإسكان الشعبي وجنوب الخرطوم منطقة الأمل تعاني أزمة مياه حادة وقد عبر عدد من مواطني أم بدة (الحاره 35 و32 ) عن احباطهم تلك المعاناة ومنهم المواطن آدم عيسى الذي قال إنه برغم الظروف الاقتصادية الضاغطة فانه يضطر لشراء برميل المياه بـ(30)ج مع العلم أن هناك أسر لا تستطيع شراء (جركانة) مياه واحدة ، لذا ليس أمامهم حل سوى جلب المياه من أماكن بعيدة أو شرائها من (عربة الكارو) وأنا أجزم من خلال ما أشاهده أن الدولة تتجاهل المواطن الطرفي ولا تهتم بتوفير أقل متطلباته في حين انها تهتم بوسط العاصمة حتى تكون قبلة للأنظار ، وفي اعتقادي انه بدلا عن رش المياه على الحدائق بشارع المطار من الأجدر  النظر في مشكلة المواطن مع المياه ومحاولة توفيرها لأن الحياة لا تستمر بدون المياه.
 في نفس الجانب تحدثت إلينا إيمان أحمد (ربة منزل) مدينة الأمل جنوب الخرطوم والتي أكدت أن المنطقة تفتقر لأبسط الخدمات وهي المياه، حيث أصبحنا نعاني من أزمة مياه حادة طوال أيام السنة عدا فصل الخريف مما أجبرنا على شراء المياه والتي لا ندري من أين يتم جلبها وهل هي صحية للشرب أم لا؟ 
ففي السابق كانت المياه تنساب على المواسير ليلا ونضطر للسهر للحصول عليها إلا انها انعدمت تماماً هذه الايام وأصبح الوضع صعباً ويحتاج إلى تدخل سريع من الجهات المختصة .  المواطنة (أم أيمن) والتي كانت في رحلة للبحث عن مياه للشرب ذهبت في نفس الإتجاه ، مؤكدة تلك المعاناة التي يعيشها اهالي المنطقة ، وأكدت أن المحلية لم تجد حتى الآن حلآ لمعاناتهم على الرغم من أن التوصيلات موجودة في المنازل ، وبعض الأحياء المجاورة بها وفرة بالماء ، وأوضحت أم أيمن انها تذهب إلى مسافات بعيدة لجلب مياه الشرب من بعض المنازل التي يساعد اهلها الحظ لمليء برميل واحد للشرب لأنها لا تستطبع شراء المياه المعدنية (ماء الصحة) والتي وصل سعر القارورة الصغيرة (15 جنيهاً ) وقالت إنها هي مريضة بحصاوي الكلى ولا تضمن صحة مياه (عربة الكارو)  والتي يكون بها بعض الروائح لذا لا تقوم بشرائها حتى لا تعرض حياتها للخطر.
 اما المواطنة أسماء فقالت إن مشكلة المياه تحتاج إلى الوقوف ومعرفة العلة الحقيقية خاصة اننا نقوم بسداد فاتورة المياه من خلال شراء الكهرباء وعلى الرغم من ذلك نعاني من أزمة مياه حادة طيلة أيام السنة ، الخدمات مفقودة والجبايات موجودة والعطش في كل المنازل ... 
بذلك ابتدر عمار النو (موظف) حديثه لـ (الوطن ) وقال إنه ليس هناك مردود خدمي فباتت الأسر تسهر الليالي في انتظار قطرة من المياه والتي تجري في المواسير بعد منتصف الليل وتكون ضعيفة ويكون السهر هو ضريبة الحصول على الماء ، كما أن انقطاع المياه يختلف من منزل إلى آخر ، فهناك منازل تنعدم فيها المياه تماماً مما يكشف تردي الخدمات كما أن معظم المواطنين اضطروا لشراء المياه وبذلك أضيف عبء جديد على الأعباء الأخرى وبكل تأكيد يكون ذلك خصماً على التزامات أخرى في هذا الزمن الصعب ، في نفس الاطار تحدثنا إلى عبد العزيز ابراهيم صاحب (عربة كارو) والذي قال (مصائب قوم عند قوم فوائد) كناية عن استفادته من أزمة المياه، وقال  متسائلآ :( إذا توفرت المياه للغلابة فكيف نعيش نحن بائعي المياه ؟) فهي مصدر رزقنا لكننا لا نحاول استغلال الأزمة كما إننا نحرص على سلامة المواطن لذا نهتم بنظافة براميل تخزين المياه وجلبها من مواسير صحية ونظيفة فلا داعي للخوف من هذه المياه.
* أين الحقيقة؟
كشفت هيئة مياه ولاية الخرطوم العام الماضي عن إتجاه لزيادة تعرفة المياه في الولاية بسبب إرتفاع تكلفة التشغيل بنسبة (300%) وقال مدير عام الهيئة في تصريح صحفي إن الهيئة مطالبة بزيادة تعرفة المياه وإنها تواجه عجزاً في تحصيل إيراداتها من المؤسسات الحكومية بقيمة مليون جنيه ، مبرراً الزيادة لأجل المحافظة على إستقرار الإمداد المائي للمواطنين والإستمرار في تجديد وإحلال الشبكات وإدخال مصادر جديدة بديلة للآبار ، مبيناً أن زيادة التعرفة قيد الدراسة لتقديمها للجهات المختصة ، وقال إن فاتورة المياه حق على أي شخص يستهلك المياه بالولاية، وإن الهيئة لن تستثنى أحداً من دفع فاتورة المياه ، ولا يوجد قانون يجعل الهيئة تعفي أي شخص أو مؤسسة حكومية أو خاصة من الدفع ، وقد أبدى الكثير من المواطنين تخوفهم من أن هذه الأزمة في المياه مفتعلة والغرض منها تطبيق الزيادة في قيمة فاتورة المياه التي تم الاعلان عنها العام الماضي.
 وقد قامت (الوطن) بمحاولات متكررة لمقابلة المسئولين بالهيئة القومية للمياه وكذلك بعض المحليات لتوضيح أسباب هذه المعاناة التي يعيشها المواطن بالأطراف ومعرفة ما هي العقبات التي تقف في وجه الحلول الجذرية لهذه المشكلة ، وهل ما يتخوف منه المواطن حول هذه الأزمة وكونها مدخلآ لزيادة قيمة فاتورة المياه صحيحاً ؟ لكن مع الأسف حتى هذه اللحظة لم نجد أية اجابة على هذه التساؤلات.