
ظل الحديث عن علاقة المؤتمر الوطني كحزب حاكم بالحركة الإسلامية السودانية يقف عنده الكثيرين المنتمين للكيان والمراقبين لتأثير المؤسستين في الساحة وتأثرهم كذلك بما يجري من حولهم، أصوات عديدة طالبت بدمج الكيان وتوحيده بينما برزت أصوات مطالبة بحل الحركة الإسلامية تماما لأن ذات الوجوه تتواجد في الحزب وهي جزء مهم من صناعة القرار وكونت لجنة في وقت سابق للنظر في مستقبل الحركة الإسلامية مابين الحل أو الدمج وبحث الخيارات المتاحة في كل الحالات وتم بناءً على ذلك تأجيل المؤتمر العام للحركة الاسلامية لمدة عام كامل لإتاحة الفرصة للجنة المختصة في النظر لمستقبل الحركة الإسلامية وجاء القرار بالإبقاء عليها وإقامة المؤتمر العام الذي أعاد انتخاب الأمين العام الشيخ الزبير أحمد الحسن وتجديد هياكل الأمانات، الآن والإسلاميون الذي يشكلون الأغلبية في الحكومة وفي مواجهة الظروف والمستجدات السياسية برزت من جديد الدعوة لإعادة ترتيب بيت الإسلاميين وبحث العلاقة بين الحزب والحركة وإمكانية دمجهم في جسم واحد ويأتي ذلك بالتزامن مع تغيير اسم الحزب وبرامجه وفقا للمستجدات وبعد أن أعلن الرئيس البشير وقوفه على مسافة واحدة من الجميع وتكليف مولانا أحمد هارون برئاسة شؤون الحزب وينتظر أن يحسم الأمر في غضون الأيام المقبلة حيث انكب المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني في الوقت الراهن على قراءة وتفكيك الورقة المفاهيمية التي تبلور برنامج المرحلة المقبلة وتجديد افكار الحزب .
مقترح الدمج
بعد إرجاء المؤتمر العام للحركة الإسلامية العام الماضي للتقرير بشأن مُستقبل العلاقة بين الحركة وحزب المؤتمر الوطني، أكد مصدرٌ عليمٌ بالمؤتمر الوطني ، أنّ الحوار حول مُقترح دَمج الحركة والمؤتمر الوطني مَضى بعيداً، لكنه أشار إلى أنّ الحركة والمؤتمر الوطني سينظران في المُقترح من خلال الأجهزة والمؤسسات القائمة، وأوضح أنّ قيادات بالحركة والوطني عَكفت على بحث نقاط التلاقي والافتراق ومُستقبل الكيانيْن، مُشيراً إلى أنّ بعضاً من عُضوية الحركة الإسلامية لديها مخاوف من دمج الحركة في الحزب،.
طه ونافع على الخط
وقال القيادي إنّه وعقب قرارات الرئيس الأخيرة، والورقة التي قدّمها رئيس الحزب المُكلّف مولانا أحمد هارون للمكتب القيادي في الاجتماعات الأخيرة، انفتحت أُفق الحوار لتدابير سياسية وحوارات ابتدرها قادة المؤتمر الوطني خلال اليوميْن الماضيين من بينهم علي عثمان مُحمّد طه ود. نافع علي نافع، وذلك بعد تنامي الشُّعور بضرورة الحفاظ على وُحدة الحزب وفتح نوافذ الحوار لتشكيل جبهة تحالف عريضة تضم المُوقّعين على وثيقة الحوار من جهة، والقوى المُتوافقة مع الوطني من اتحاديين وأحزاب الأُمة من جهة اخرى، عطفاً على الحوار العميق مع الإسلاميين المُعتزلين ما بعد قرارات الرابع من رمضان والتكوينات الحزبية المنشقة من الوطني والأخذ برؤيتها بما في ذلك الشعبي والإصلاح الان ومنبر السلام العادل والإسلاميين الذين هم على الرصيف .
خلفية
من المعلوم أن الحركة والحزب كانا كيانا واحدا قبل تسلم الإنقاذ للسلطة في العام 1989م تحت مسمى الجبهة الإسلامية القومية والتي حازت على المركز الثالث في انتخابات العام 1986 م خلف حزب الأُمة والاتحادي الديمقراطي مكتسحة دوائر الخريجين وظفرت ب188 مقعدا في البرلمان المنتخب ليأتي تسلم الجبهة للسلطة منفردة عبر الانقلاب ومن ثم تم تأسيس المؤتمر الوطني الحزب من بنات أفكار مؤسس الجبهة الإسلامية الشيخ الراحل حسن الترابي وليكون المؤتمر الوطني الكيان الجامع الذي يضم كل الطيف من أبناء، السودان والمستوعبين من القوى السياسية الأخرى وحتى لغير المسلمين حيث تم إنشاء قطاع خاص بجنوب السودان وقتها قبل الانفصال وقبل نيفاشا نفسها التي اقرت تقرير المصير وتم تغيير اسم الجبهة الإسلامية إلى الحركة الإسلامية والابقاء عليها.
توزيع المصاحف
وفي وقت لاحق دعا الشيخ الترابي شيوخ وقيادات الحركة الإسلامية للقاء شهير أعلن من خلاله حل الحركة الإسلامية وقام بتوزيع المصاحف على القيادات مشيرا إلى انتهاء الحركة الإسلامية وان الوقت للحزب ليقوم بعمله في الدولة ومَّر الأمر رغم تحفظات بعض القيادات وقتها على الخطوة إذن حل الحركة الإسلامية ليس جديدا ولا يحدث للمرة الأولى.
إعادة الحركة
لتمر بعدها الكثير من المياه تحت جسر العلاقة بين الإسلاميين وشيخهم حيث جاءت مفاصلة الرابع من رمضان العام 1999م وقرار حل البرلمان والإطاحة بعراب الإسلاميين حيث أسس الشيخ الترابي حزب المؤتمر الشعبي ولم ينشغل بأمر الحركة الإسلامية التي تجاوزها في قرار الحل الذي اتخذه قبلا، ليعود قيادات في المؤتمر الوطني معسكر القصر الذي ساند الرئيس البشير بقيادة الشيخ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية وقتها ويعيدوا الحياة لكيان الحركة الإسلامية للمحافظة على تماسك الإسلاميين وقطع الطريق على الشيخ الترابي لكي لايختطف الحركة الإسلامية حيث تم انتخاب علي عثمان أمينا عاما لدورتين ومن ثم انتخاب الشيخ الزبير من بعده أمينا أيضا لدورتين متتاليتين فيما احتفظ علي عثمان بموقعه في كابينة القيادة بالحزب والحركة إلى جانب نافع وحسبو والحاج آدم وآخرين في وقت خرجت فيه قيادات من الحزب والحركة مثل الدكتور غازي صلاح الدين والشيخ حسن عثمان رزق والدكتور أسامة توفيق مؤسسين لحزب حركة الإصلاح الآن وسبقهم المهندس الطيب مصطفى وآخرين أسسوا حزب منبر السلام العادل.
تقاطعات
ويرى القيادي بالمؤتمر الوطني الشيخ أحمد عبد الرحمن انه لاداعي لوجود الكيانين في ذات الوقت مشيرا إلى أن ذلك يقود الى تقاطعات وقال إن الحزب والحركة هم نفس القيادات والعضوية وربما يقود وجود الحزب والحركة معا إلى تقاطع في الرؤى والقرارات وأكد أن الشارع الآن ينظر إلى الإسلاميين بأنهم السبب في تدهور الأوضاع في البلاد وأنه لابد من دمج الحزب والحركة في جسم واحد وإنتاج برامج جديدة وإقناع الناس بها والعمل على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بأفق مفتوح.
الحاءات الثلاث
الحاءات الثلاث مصطلح يتداوله الاسلاميون داخل أُطرهم التنظيمية ويعنون به الحزب والحركة والحكومة والعلاقة بين الحاءات الثلاث، بعض قيادات الحركة ترى أن الحزب ليس إلا جزءاً من الحركة وواجهتها في الحكومة ضمن الشراكة مع الآخرين بعد خوض التجارب التعددية وإشراك القوى السياسية الآخرى في الحكومة نتاج اتفاقيات السلام والحوار الوطني والمبادرات السياسية المختلفة، الرافضين لحل الحركة الإسلامية يرون أنها الكيان الخاص بالإسلاميين وان الحزب يضم آخرين من خارج الكيان الخاص، بينما الحكومة تجمعهم مع كل السودان، على أن العلاقة بين الحاءات الثلاث لاتتسم بالتنسيق الكامل والتناغم المطلوب لجهة أن هنالك أطرافا أخرى في المعادلة والشراكات ومحاولة البعض هنا وهناك العمل على أنه صاحب الحق الأصيل والسلطة.
ذراع سياسي
الشيخ الزبير أحمد الحسن الأمين العام للحركة الاسلامية وعضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني في ذات الوقت قال ان حزب المؤتمر الوطني هو الذراع السياسي للحركة الإسلامية والحركة تدعم برامجه وتسندها وقال ان كل عضوية الحركة الإسلامية هي بالضرورة عضوية الحزب ولكن ليس كل عضو بالمؤتمر الوطني هو عضو في الحركة الإسلامية، وأكد الزبير عدم وجود خلافات بين الحزب والحركة.
مشتركات
وفي السياق قال البروفسير حسن عباس المحلل السياسي والأكاديمي أن هنالك الكثير من المشتركات بين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وابان في حديثه للوطن أنه حتى الأمانات التنظيمية والهياكل مشتركة في الحزب والحركة مثل أمانة الطلاب وامانة الشباب فيما عدا قطاعات الإعلام لافتا إلى عدم وجود قطاع سياسي بالحركة على اعتبار أن الحزب هو ذراعها السياسي وقال إن دمج الحزب والحركة يعتبر قرار أفضل في هذا التوقيت وهو ممكن ولن تحدث مترتبات سلبية جراء هذا القرار خصوصا وأن القيادات هي ذاتها في الحزب والحركة ولكنه عاد وأضاف أن القرار يحتاج إلى أن تتخذه المؤسسات مثل شورى الحركة ومؤتمرها العام ومؤسساتها التي تكونت مؤخرا وكذلك المكتب والمجلس القيادي للحزب وشورى الحزب والمؤتمر العام للحزب وأكد أن تغيير الاسم ودمج الحزب والحركة في جسم واحد كلها قرارات تخص هذه المؤسسات العليا في نهاية الأمر.
خيار
ويبقى خيار الحل و الدمج قائما في ظل شروع اللجان المشتركة من الحزب والحركة في التباحث حول كيفية الاخراج والنظر في الحسابات المطلوبة لوضع الإطار النهائي الخطوة التي تعيد ترتيب البيت الداخلي للإسلاميين في ظل ظروف داخلية وخارجية بالغة التعقيد.