الثلاثاء، 26 مارس 2019

تقارير:حل شركات حكومية وإقالات.. محاولات إصلاح ما أفسده الاقتصاد


يبدو أن رئيس  مجلس الوزراء  د. محمد طاهر أيلا يمضي قدماً في حل   المزيد من المؤسسات الحكومية في إطار الاصلاح الاقتصادي وإزالة التشوهات التي وعد بمعالجتها عقب  تعيينه حيث لم تمضِ أيام على القرار الذي اصدره بحل المؤسسة السودانية للنفط، على أن تؤول جميع ممتلكاتها ووثائقها والعاملين بها، إلى وزارة النفط والغاز، واستبق أيلا قراره بقرار آخر قضى بإعفاء، أزهري إبراهيم باسبار، من منصبه كأمين عام للمؤسسة، وأوعز إلى رئاسة مجلس الوزراء والمالية والتخطيط الاقتصادي والنفط والغاز والعمل والإصلاح الإداري وتنمية الموارد البشرية والجهات المعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ هذا القرار المؤسسة السودانية للنفط التي انشئت  بموجب قانون الثروة النفطية لعام 1998 كمؤسسة عامة لها شخصية اعتبارية مستقلة، وهي تخضع لإشراف وزير النفط  فبعد أن تم حلها خلال الأيام الماضية، أصدر أيلا قراراً آخر بحل  مجلس إدارة شركة السكر السودانية كما أصدر قراراً بإعفاء أحمد المصباح علي مدير عام شركة السكر السودانية، ووجه القرار وزارة الصناعة والتجارة والجهات المعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ القرار.

تقليل الإنفاق 
ووصف خبراء ومتابعون للشأن الاقتصادي بأن الخطوة جيدة إذا كانت في إطار الاصلاح الاقتصادي وتقليل الإنفاق مؤكدين على أن الكثير  من المنشآت الاقتصادية الحكومية أصبحت في الآونة الأخيرة ليست ذات فائدة اقتصادية ولم تساهم بشكل أو بآخر بحل الأزمة الاقتصاية وأشاروا إلى أن هذا القرار سوف يُقلِّص الإنفاق لهذه الشركات حيث تمثل عبئاً على الاقتصاد السوداني وتستنزف الموارد، مُشددين على  أنها في كثيرٍ من الأحيان لا تقبل وجود مراجعة قانونية لوارداتها ومنصرفاتها، مُبيِّنين أنّ عدد هذه الشركات كبير جداً، وبأنها تتلقّى موارد من الحكومة لا تتم مُحاسبتها بصورةٍ كاملةٍ على صرفه.
وبعد تلك القرارات، تواترت الأخبار  عن طلب رئيس مجلس الوزراء ملفات عدد من المؤسسات والشركات الحكومية، تمهيداً لإصدار قرارات بحلها أو الإبقاء عليها، في الوقت الذي تشهد فيه عدد من المؤسسات حالة من الخوف والرعب من قرارات الحل، ولجأ بعض المدراء لجهات عليا لحمايتهم من الحل والإعفاء.
لن يجدي 
فى ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي د. محمد الفاتح  ل(الوطن ) أن الاعفاءات وحل المؤسسات الحكومية وحده لن يجدي في الإصلاح الاقتصادي ومعالجة التشوهات التي حدثت به  وقال يجب أن يعلن عن الأسباب التي تم بموجبها حل تلك المؤسسات وإقالة مديريها حتى تتم المحاسبة القانونية إذا ماثبت وجود مخالفات أو غيره لكن أن تتم الإقالة دون أسباب معلنة من أجل المزايدة فقط فهذا غير جيد، وقال الفاتح من نواحٍ اقتصادية التغيير  مهم في المنشآت الاقتصادية لكن عدم الاستقرار يضر بها ويؤثر على المردود الاقتصادي لتلك المؤسسات أما الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي  فقال إن حل شركة السكر بالتأكيد اقتضتها دواعي إلى جانب  أن رئيس مجلس الوزراء د. محمد طاهر أيلا وعد بتقويم العديد  من التشوهات والاعوجاجات لمعالجة الاقتصاد.
تشوهات كثيرة 
 الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبد العزيزقال إنه مع هذه القرارات حيث يرى أن الكثير من هذه المؤسسات والهيئات تم إحداثها بقوانين تهدف إلى ترقية الأداء وإحكامه في مجالات معينة.. حيث تكفل هذه القوانين الخاصة بحسب عبد العزيز  استيعاب كوادر بمؤهلات وقدرات عالية لأنها تمنحهم امتيازات  خاصة. وفي نفس الوقت تكفل هذه القوانين محاسبة هذه الكوادر محاسبة صارمة  في حالة وجود أي خلل أو تسيب,  لكن يبدو أنه قد تم التوسع في هذه الفلسفة المقبولة نظرياً بصورة غير ملائمة، حيث تكاثرت هذه الهيئات والمؤسسات وجعلت هناك تشويهاً  محسوساً في أنظمة الخدمة العامة , وانتفى مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي. واضاف في تصريحات صحفية أن ذلك شهد الكثير من التشوهات مثل استمرار مؤسسات وهيئات انتهت الحاجة لها لأسباب عملية،  ورأى عبد العزيز أن يتم تشخيص دقيق جداً لهذه المؤسسات والهيئات ويستبقى بامتيازاتها ماهو ضروري منها وتلغى البقية والتي قدرها بأكثر من 80%. وعن مدى  نجاح  هذه السياسات، ربط بين نجاحها  واستنادها  إلى تشخيص دقيق يقوم به مختصون .
سياسة اصلاحية 
ويرى أستاذ العلوم السياسية البروفيسور الطيب زين العابدين أن هذه القرارات  تأتي في إطار سياسة أيلا الإصلاحية وهي تحسب له، وقال  في تصريحات صحفية يبدو أن الحكومة اكتشفت أن هذه المؤسسات تسير في اتجاهات متعرجة لذلك لجأ أيلا لحلها وأضاف بالقول مثلاً المؤسسة السودانية للنفط مكفول لها شراء البترول من الخارج ومن خلالها توجد الكثير من إرهاصات الفساد باعتبار أنها تقف في الوسط ما بين الحكومة والجهات البائعة للبترول الذي يفترض أن تشتريه الحكومة من خلال الوزارة  بدون وسيط. وأشار إلى كمية الأرباح التي يتلقاها البعض على الباخرة الواحدة والتي تصل بحسب زين العابدين الى خمسة أو سبعة ملايين دولار،  مضيفاً أن الأرباح المعروفة في كل القارة لا تتعدى (200 الى300 ألف دولار) فقط على الباخرة الواحدة،  لكنها  ترتفع  في السودان الى هذه الارقام الفلكية مشيراً لما أدلى به مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق صلاح عبدالله قوش سابقاً بحسب ماقال إن من يأتي بالبترول من الخارج يربح أرباحاً طائلة مستفيداً من البنوك المحلية . وقال زين العابدين إنه مشفق على حال الاقتصاد السوداني، وإنه لن ينصلح ما لم  تتم محاربة الفساد.