استقبلتها زميلاتها بالمدينة وكان في مقدمتهم ايضا السلطان بحر الدين الذي تربطه علاقات حميمة مع ناظر عموم شرق دارفور ضوالبيت عبد الدائم وان فاطمة هي من بنات الدخيري التي تربطهم اواصر الاخوة والصداقة الممتدة بين هذه الأسر الثلاثة .
كعادتها نهضت فاطمة وحملت مشعل نشاطها داخل المدينة وبدأت حملات التوعوية وسط البنات فبعد انتهاء يومها الدراسي تقوم بزيارات أسرية تقوم خلالها بتوعية الأمهات عن أهمية الرضاعة الطبيعية ثم تعقد الندوات التثقيفية للنساء وتبشرهن بأهمية التعليم وضرورة رعاية الأطفال ومحاربة الختان الفرعوني وانشأت جمعية ضخمة لربات البيوت وفتحت لهن فصولاً لمحاربة ومحو الأمية ومحاربة غلاء المهور..
وقد ساعدتها في التغلغل داخل المجتمع صديقتها الأميرة ابنة السلطان منيرة بحر الدين وهي أول معلمة من بنات الجنينة تخرجت في العام 1953 ولما رأت السلطات المحلية همة ونشاط فاطمة تم نقلها إلى مدرسة هبيلة لترسيخ تجربتها هناك ثم تقدم مجموعة من أعيان أردمتا وطلبوا من ضابط التعليم أن ينقل إليهم فاطمة لتقود حملة النشاط التوعوي بها وظلت بذات النشاط والهمة وصار اسمها يتردد في ألسنة الجميع وكانت تخرج في القوافل التوعوية الدورية التي تنظمها السلطات الصحية المحلية في مجال مكافحة الجدري والسحائي والحصبة وحملات التطعيم ،وكانت من سياسة الحكومة المركزية تتخير افضل الموظفين من ذوي الكفاءات للعمل بمنطقة الجنينة التي لها حدود مع الشقيقة تشاد ولها احتياجات خاصة في العلاقات الإدارية والاقتصادية وبالضرورة تختار لها المعلمين والمعلمات من أهل الجدارة والامتياز وكانت فاطمة من تلك الشاكلة .
تم نقلها الى مدرسة السريف في العام 1973 وأقام لها أهل الجنينة احتفال وداع محضور شرفه السلطان وأكابر وجهاء المدينة وأغدقوا عليها بالهدايا والأوشحة التذكارية وغادرتهم ولسان حال تلميذاتها لن ننسى أياماً مضت لن ننسى ذكراها لن ننسى أياماً خلت مرحاً قضيناها .
وكان في وداع مهيب من أهل الجنينة غادرت فاطمة متجهة إلى مقر عملها الجديد وكان في استقبالها أعيان ووجهاء مدينة السريف وفي مقدمتهم الناظر آدم حامد ناظر البني حسين فأكرم وفادتها وآقامت بمنزله أياما حتى هيأ لها السكن المناسب بالمدرسة وبدأت فور تسلمها لعملها بصيانة فصول المدرسة واهتمت ببيئة الدراسة وأنشأت سياجاً أخضر من الأشجار والبساتين والزهور وتحولت المدرسة في سرعة قياسية إلى حديقة غناء عامرة بالروض والزهر ولكن الأيام عاجلت فاطمة وتم نقلها إلى مدينة الفاشر وغادرت السريف تاركةً خلفها ذكريات وأشجان عطرت المكان وعبقت الزمان بأوقاتها الجميلة .
ظلت تتنقل في مدارس بنات الفاشر من بنات أولاد الريف إلى الشرقية بنات إلى الشمالية بنات حتى نهاية العام 1975 حيث تم نقلها للعمل بمعهد تدريب المعلمات بنيالا وأمضت عامين تدرس فيها مادة طرق التدريس الصفية بالمعهد .
اتجهت بها المقادير هذه المرة إلى مدينة زالنجي في العام 1979 ولم تبخل لتلميذاتها وزميلاتها بعصارة تجربتها وطورت تجربة التدبير والاقتصاد المنزلي فأنشأت مصنعاً تقليدياً لصناعة الفاكهة وزالنجي معروفة ببساتينها وفواكهها الكثيرة فعلمت التلميذات كيفية صناعة المربى من فاكهة المانجو والبرتقال والقريب فروت.. واستفادت أسر كثيرة من هذه التجربة وتحولت المرأة في زالنجي إلى امرأة منتجة تعتمد على نفسها.