أوجز معالجة بشأن هذا الشق من شعر وثقافة السودان إبّان القرن العشرين وبالطبع لا يحوي المقال آراء قطعية إنما آراء أولية ؛ تحتمل الصواب والخطأ ، وتخضع لأي مراجعات قد يطرحها القراء أو المتخصصون، ويجري التركيز في الأساس على ما يعرف بأُغنيات حقيبة الفن ؛ ويطلق هذا اللفظ أو التعريف على الشعر الغنائي الذي نُظم خلال الفترة من ألف وتسعمائة وثمانية عشر إلى منتصف الأربعينيات من القرن العشرين ؛ وشكلت هذه الأشعار والأغنيات جزءاً مهماً وكبيراً من فن الإمتاع في السودان ولا يزال هذا شأنها.
٭ دلالات مفهوم أُغنية الحقيبة
يرتبط هذا المفهوم بأُسرة مؤسس الكلاسيكية الشعرية السودانية المعاصرة ، الشاعر أحمد محمد صالح المتوفي ألف وتسعمائة ثلاثة وسبعون، وابنه الدبلوماسي والإذاعي صلاح أحمد محمد صالح ، الذي شرع في إذاعة الاسطوانات التي كان يجمعها خاله، بشير كرم اللـه ، والذي بحفظه للأقراص الموسيقية أسدى خدمة للأدب والثقافة السودانية، «المصدر روائع حقيقة أم درمان دار عزة للتأليف» العام 5002م صفحة «93» إذ سهّلت الوقوف على حقيقة أن الكثير من هذه الأغنيات كان يسجل في أقراص صوتية وسهل هذا الاستخدام إذاعياً الأمر الذي عرف بها وضعف من انتشارها ومن ثمّ تطورت سبل حفظها، وساعدت هذه السبل الإعلامية على حدوث كافة التطورات المهمة لهذا النوع من فن الحقيبة، و وسّعت وعمّقت آثار ذاك الفن الشعري والموسيقى في حياة وثقافة أهل السودان المعاصر. إن مصادفة الشاعر صلاح أحمد محمد صالح التاريخية لشعراء الحقيبة؛ إنما هي بعث لذلك الفن الإبداعي. يمتد أمرها إلى إنطلاقة تاريخية تعود إلى إضراب الطنابرة في العام ألف وتسعمائة وثمانية عشر، وهذا ما شهد به الشاعران المرحومان عبيد عبدالرحمن المولود في العام الف تسعمائة وستة عشر وابراهيم العبادي المولود في العام ألف وثمانمائة أربعة وتسعين المصدر ايضاً (دار عزة).
٭ بدايات الغناء السوداني المعاصر
يعتقد أن أول أغنية تدخل ضمنه هي تلك التي أداها الفنان بشير الرباطابي بالعزف على آلة الطنبور وهي تلحين قصيدة ابي صلاح المولود في سنة ألف وتسعمائة واثنين
تقول كلماتها...
لو تجازي أو تمحي مني ريدتك ما بتمحي
وفيما يتصف بتسجيل الأغنيات فإن أغنيات كثيرة بدءاً منذ عام 8291م
٭ التطور اللاحق للشعر الغنائي المعاصر تلاحظ تمايزه المضطرد على الشعر الغنائي، الطنبور، الدوباي، والإنشاد الديني، المدائح، كذلك ارتباطه الوثيق بين تطوره والتطور الموسيقي من الصفقة والكورس إلى التضمين المتدرج للآلات الموسيقية الجديدة ، ثم النظم الشعري الغنائي والإيقاعات الحديثة والآلات الموسيقية الحديثة أو تلك المتطورة.
٭ في البدايات الشعر والغناء المعاصرين كانا محصورين في الدوائر الخاصة وانتشرا نتيجة أن أصواتهما وأنغامهما وسبل أدائهما كانت رائعة.
٭ كذلك ساعد تسجيلهما في اسطوانات لأغراض ترفيهية، أو تجارية، إلى جانب البث الإذاعي في انتشارهما واضحيا ترويجاً وامتاعاً لقطاعاتٍ سودانية واسعة.
٭ تطور الشعر عن الألحان والأشعار التاريخية
٭ المعنى بما هو تاريخي أو فلكوري كل ما نُظم ولحن وتغنى بالعامية المشابهة باللغة الفصحى أو باللغة العالية أو الدنيا المتحدث بها في عهود انعدم فيها أثر التقدم وكذلك إنعدمت قيم الانسانية المعاصرة.
٭ طبيعة الشعر والغناء إبان القرن العشرين
أضحى الشعر الغنائي أو العاطفي نظماً شعرياً يعبر عن مشاعر شخصية أو عاطفية للشاعر، وهو يتميز بنظم ويقصد أن يلحن أو أن يتغنى أو يؤدي إستعراضياً من أعمال موسيقية أو عروض أو أداء لحني.
٭ ومنذ العام 8191م البداية التقريبية لأغنيات حقيبة الفن أضحى الشعر يشكل أسلوباً أدبياً منفصلاً يحيد عن الرباعيات الشعرية، واتسمت الأشعار بالقصر والايجاز والإهتمام بالايقاعات والتعابير وتشتمل الايقاعات على كوبليهات أو تجمع بينها قافية موحدة، ويبقى الموضوع الرئيسي لمعظم هذه الأشعار هو الحب واستكشاف المشاعر الروحانية والعواطف الجياشة وأكثر ما يميزها هو طبيعتها اللحنية والموسيقية.