الأربعاء، 31 يوليو 2019

تقارير:البشير .. الرئيس المعزول يواجه «المصير المجهول»


في أجواء مشحونة بالأحزان، يُنتظر أن تبدأ اليوم (الأربعاء)، حسبما هو مُعلن سابقاً، أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير، بتهم تتعلق بحيازة النقد الأجنبي والثراء الحرام، ومخالفة أمر الطوارئ، وحيازة نقد سوداني يتجاوز المبلغ المسموح.
وتأتي محاكمة البشير في أعقاب الإطاحة به في الحادي عشر من أبريل الماضي، بعدما انحازت القوات المسلحة لمطالب الشعب؛ الذي خرج في تظاهرات احتجاجية منذ منتصف ديسمبر من العام الماضي، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، وتنامي موجة الغلاء.
وبعدما فقد البشير السُلطة، وظل قابعاً في سجن كوبر منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر، وهو السجن الذي يبعد عن منزل أسرته بحوالي أمتار معدودة؛ فُجع الرجل مساء «الإثنين» برحيل والدته «هدية محمد زين»؛ التي لم تتوقف زياراته لها خلال فترة اعتقاله، باعتبارها تعاني من المرض منذ أشهر.
وسمح المجلس العسكري للبشير وشقيقه عبد الله بالمشاركة في تشييع والدتهما، مع تشديد الرقابة الأمنية عليهما في مقر سكن الأسرة، ومقابر حلة حمد بالخرطوم بحري؛ التي قُبرت فيها الحاجة هدية.
وكانت السلطات القضائية، قد اختارت محكمة الأراضي الواقعة بحي الديم جنوب الخرطوم، مكاناً لمحاكمة البشير في التهم المُوجهة له، إلا أنها عدّلت عن قرارها باختيار مجمع محاكم الخرطوم بحري لجلسات المحاكمة.
وبحسبما أُعلن في وقت سابق، فإن محاكمة البشير ستُنقل على الهواء مباشرة عبر القنوات الفضائية والإذاعات، ويتوقع أن تُحظى محاكمته باهتمام محلي وعالمي، لجهة أن الرجل حكم البلاد لقرابة الثلاثة عقود بقبضة حديدية، مع اتهامه من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم في دارفور؛ راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين، إلى جانب العسكريين، وإصدار مذكرتي توقيف من «محكمة لاهاي» عامي 2009 و2010 بتهمة الإبادة وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ارتكبت في دارفور بين عامي 2003 و 2008م. 
ويرى مراقبون، أن التهم المُوجهة ضد الرئيس المخلوع لا ترقى لمستوى الجرائم التي ارتكبها طيلة فترة حكمه، رغم تأكيدات المجلس العسكري الانتقالي أن البشير سيُحاكم على كل جرائمه، بعد رفض المجلس محاكمته خارجياً، وإعلانه عدم السماح بمحاكمة أي سوداني خارج البلاد، وهو ما جزم به رئيس اللجنة الفئوية والاجتماعية بالمجلس العسكري الفريق صلاح عبد الخالق، وتأكيده أن «القضاء قادر على ذلك، ويتمتع بالنزاهة والاستقلالية الكاملة، وأن القضاة الأوروبيين ليسوا أفضل من السودانيين لا علماً ولا أخلاقاً، وليسوا أكثر حرصاً منّا على حقوق السودانيين».
وبحسب آخر قانون أجازه البرلمان في نهاية حكم البشير للبلاد، فإن عقوبة حيازة النقد الأجنبي تصل إلى السجن (15) سنة أو الغرامة، أو العقوبتين معاً.
ويجزم قانونيون، أن القرار المتوقع من المحكمة في حال إدانة الرئيس المعزول لا يخرج من العقوبتين «السجن والغرامة»، لجهة أن الأموال التي عُثر عليها بحوزته في منزله «طائلة»، وهي تبلغ ستة ملايين يورو، وأكثر من ثلاثمائة ألف دولار، وخمسة مليارات جنيه سوداني.
وبحسب مصادر قانونية طلبت حجب اسمها، فإن هيئة الدفاع عن البشير قدمت مرافعة لاقت قبولاً من النيابة العامة، إلا أنها رُفضت حتى لا تتهم بالمحاباة للرئيس المعزول، ورأت المصادر أن المرافعة اتسمت بالموضوعية، بعد أن اعتبرت السلطات القضائية أن البشير هو موظف عام، ولا يحق له تلقي أموال من أي جهة، في أعقاب إقراره بأن الأموال جاءت «هدية» للسودان من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وأنه بدأ في صرفها لتحسين الأوضاع بالبلاد، وأن ما عُثر لديه هو ما تبقى منها.
وذكر المصدر القانوني القريب من ملف قضية الرئيس المعزول، أن هيئة الدفاع قدمت مرافعتها، وتمسكت بأن البشير لم يكن موظفاً عاماً، لجهة أنه رئيس مُنتخب، وجاء إلى سدة الحكم من قبل ذلك عن طريق انقلاب عسكري.
وتوقع المصدر تأجيل جلسة محاكمة البشير «الإجرائية»، المُقررة اليوم (الأربعاء) بعد تقديم طلب من هيئة الدفاع بذات الشأن.
ورغم توقعات البعض بأن المحكمة ستبرئ الرئيس المخلوع، إلا أن المُحلل السياسي د. حسن الساعوري، استبعد تبرئة البشير من التهم المُوجهة له، لجهة أن الأموال عُثر عليها في منزله، ورأى في حديثه لـ(الوطن)، أن محاكمة الرئيس السابق هي محاكمة لنظام بأكمله؛ باعتباره يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد، إلا أن عضو المؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي يرفض مثل هذه الأحاديث.
وبحسب زعم ربيع، فإن البشير كان يدير البلاد قبل سقوطه، ويصدر القرارات بمفرده، ويرى أنه لاغضاضة في محاكمته، وقال لـ(الوطن) :»لا أؤمن بعدم الإفلات من العقاب».