الخرطوم: بيت الشعر
هي ذي الأمور تعود إلى طبيعتها في الحراك الثقافي والأدبي وبيت الشعر يدشن أمسية شعرية كان حب الوطن طاغيًا فيها بعد التغيير الذي شهدته البلاد مؤخرًا.
شهدت الأمسية حضورًا ضاقت به جنبات قاعة البيت، وتفاعلًا هزّ الأنحاء من الحضور الشاعر في حضرة نجوم الأمسية الشاعر ضياء الماحي والشاعر انس عبد الصمد والشاعر عمار حسن سعد الدين.
خمسة عشر نصًا كانت حاضرة بخمس قصائد لكل شاعرٍ، غلب عليها جميعها حضور الوطن في أبهى حلله، حيث أدهش الشاعر الثائر ضياء الماحي.
والماحي ظل يشكل حضورا على مدى ثمانية عشر عامًا في مهرجان الجنادرية حين كان مقيما في المملكة العربية السعودية، وكان على مقربة من فحول شعراء الخليج على رأسهم محمد الثبيتي.
قرأ ضياء الماحي قصائده بطريقة شقت طريقها إلى أعماق الحاضرين لتهزهم من الدواخل هزًا عنيفًا، ومما قرأ:
حمل التاريخُ عصارةَ شهدٍ ورجاءْ
ما صفّقَ يومًا لمُغَرِّد
كلّ التاريخِ على شفتيهِ بدا
حتى الأوراق الذابلة الصفراءْ
تبكي يوم الموعد تتشوق
والأرض العطشى من يسقيها اليوم
قد جفّ على الأوراقِ ندى
هذا السودانُ جزيرة صمتٍ
الموتُ هنا عُرسٌ رقصُ
أما الشاعر أنس عبد الصمد الذي أنجبته مدينة بُرام الحالمة في إقليم دارفور الحبيب، درس الإعلام في جامعة أمدرمان الإسلامية، وشارك في مهرجان الشعر العربي بالقاهرة ٢٠١٦م ومهرجان أفريقيا في عيون الفنان في القاهرة أيضا ٢٠١٧م، له مجموعة شعرية اسمها (الليل يوشك أنْ) لم تطبع بعد. ومما قرأ:
أنا ما توسلتُ للشمسِ يومًا أضيئي
فلي في عيونِ الحبيبةِ بعض الفوانيس
لي طرفة تفسد البرق ليلا
إذا غيّمتْ مزنة في المساءْ
وقرأ أيضا :
إنني منذ أن قطعت جدتي كفها
في اندهاشٍ بيوسفَ
ما أنبتتني المشاعر
أو قطّرت في دمي الابتزاز
الشاعر الشاب عمار حسن سعد الدين من مواليد ١٩٩٥م، درس إدارة الأعلام بجامعة النيلين، حصل على المركز الثالث بمهرجان أفنان للإبداع الطلابي ٢٠١٨م، شارك في لوحة مهرجان الخرطوم للشعر العربي ٢٠١٨م، ومما قرأ:
أسرجت نحوَ رِكاب الشعر أخيلتي
حطّ البراق على أطلال من طرقوا
آثار أطرافهم في الباب ملصقةٌ
إلا بناني تخلّى ليس يلتصقُ
قرأ أيضا:
قد عدتُ طفلا لا أطيق رياءَهم
جرح الطفولة ذا يحب المسحا
حاولتُ دسّ مشاعري في أضلعي
لكن دمعاتي تحب الفضحا
صوتي المكبل قال في أنّاتهِ
هيهات تخفي خلف نزفِكَ جرحا
أدار الأمسية الشاعر والإعلامي زكريا مصطفى بتقديمٍ رشيق خفيف على النفس رغم عرامتها وتدفقها القوي على النفس. وكان حضور مدير بيت الشعر الدكتور الصديق عمر الصديق قد أضفى على الأمسية بُعدًا قويًا خاصة بعد غياب طال أمده وتعطشٍ للشعر كان ظاهرًا في عيون الحاضرين.