السبت، 2 مارس 2019

اقتصاد:خفض الدولار الجمركي..الإتجاه نحو الإصلاح الإقتصادي


تقرير: الطاف حسن
بدأت الدولة بخطوات عملية في إنفاذ التدابير الاقتصادية الخاصة بمعالجة الأوضاع والتشوهات الاقتصادية بعد قرار رئيس مجلس الوزراء القومي محمد طاهر أيلا والذي قضى بتخفيض قيمة الدولار الجمركي إلي 15 جنيه، ولعل القرار جاء برداً وسلاماً على القطاع الخاص باعتباره العمود الفقري للاقتصاد الوطني الذي تعول عليه الدولة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعلى الرغم من ان المعاملات الجمركية في الفترة السابقة مرت بتعقيدات متعددة وأثرت بشكل مباشر على الحركة التجارية لكن الخطوة من شأنها ان تقفز بعمليات انتعاش سوق السلع واستقرار اسعارها، فضلاً عن مجابهة السوق الموازي للنقد الأجنبي واسترداد عافية الجنيه السوداني خلال فترة وجيزة بحسب رؤية المراقبين.
وكانت موازنة البرامج لهذا العام ارتكزت على حزمة سياسيات واجراءات لمعالجة الأوضاع الاقتصادية ومعاش الناس جلها تصب في زيادة الانتاج والانتاجية ودفع عجلة الصادر وترشيد الوارد، ولعل تلك الموجهات لابد ان تتبعها تدابير اقتصادية خاصة فيما يتعلق بوفرة السلع وخفض سعر الدولار مما دفع رئيس مجلس الوزراء باصدار قرار تخفيض الدولار عند لقائه وفد من القطاع الخاص والذي تم فيه الاتفاق على خفض الدولار الجمركي لامتصاص مسببات تدهور العملة الوطنية في المقام الاول ومن ثم التمهيد لحركة تجارية مناسبة تستطيع الدولة من خلالها مكافحة ظواهر التهريب والاحتكار خاصة مع دولة الجوار.
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في العام 2016م قد نفذت زيادة مفاجئة  في سعر الدولار الجمركي ورسوم الموانئ  ليقفز في نهاية 2017م الى ثلاثة أضعاف ليصل (18) جنيها، حيث نتجت عنه عدة سلبيات أبرزها هروب رؤوس الأموال لدول الجوار واعاقة التجارة البينية في خلال هذه الفترة، ويبدو أن قرار خفض الدولار الجمركي جاء ممهداً لمرحلة انتعاش اقتصادي جديدة ربما تشهدها الساحة الاقتصادية قريباً  
ويقول سعود البرير رئيس الاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني لــ(smc) قرار خفض قيمة الدولار الجمركي جاء بعد تفاهمات واسعة مع الجهاز التنفيذي بالدولة على رأسه د. محمد طاهر أيلا رئيس الوزراء القومي الذي تفهم رؤية القطاع الخاص للمعالجة الاقتصادية بشكل كلي، ويضيف بأن خفض الدولار الجمركي بنسبة 20% يحمل بشريات جيدة لمعالجة التشوهات الاقتصادية التي صاحبت الفترة الماضية، واعرب عن ارتياح القطاع الخاص  لتلك الخطوة المدروسة خاصة وانها صحبتها موجهات  تخفيض تسعيرة  قيمة الأرضيات بالميناء بنسبة 50% مع إعفاء كل مدخلات الانتاج والحاويات الشخصية من قائمة الاستيراد، ويقول ان القطاع الخاص لديه مشروع شراكة قوي مع القطاع العام وسنمضي قدماً نحو برامج الانتاج وتعزيز اومساندة  ايجابية خاصة يالاقتصاد الوطني، وتوقع حدوث إختراقات كبيرة في الملفات الاقتصادية  الداعمة للاقتصاد الوطني مؤكدا إستعداد القطاع الخاص للتعاون التام للمساهمة في نجاح خطط وبرامج مجلس الوزراء في المجال الاقتصادي.
ويقول حسب الرسول محمد أحمد نائب رئيس الغرفة القومية للمستوردين باتحاد الغرف التجارية لــ(smc) أن قرار خفض الدولار الجمركي على الرغم من أنه جاء متأخراً لكنه يعتبر خطوة صحيحة نحو الاصلاح الاقتصادي خاصة وأنه سيؤدي لايقاف عمليات التهريب، ويضيف ان هذه الإجراءات ستعقبها اجراءات صارمة لمحاربة السماسرة والوسطاء الأمر الذي يسهم في خفض سعر الدولار بالسوق الموازي ورفع قيمة الجنيه السوداني، وتوقع خفض انفاض اسعار السلع بصورة كبيرة خاصة المستوردة  الامر الذي بدوره يؤدي إلى خفض عجز الميزان التجاري، ويشير في حديثه إلي ان المنشورات الجديدة الخاصة بالإستيراد التي صدرت مؤخراً منحت المستوردين الأذن دون اشتراط إذن موافقه من بنك السودان مع منح الأولوية من موارده للسلع الاستراتيجية والتي شملت (القمح والدواء والمستلزمات الطبية والوقود ومشتقاته والسكر والآليات والمعدات للإنتاج والتصنيع والمواد الخام ومعدات الحرفيين)، بجانب إستيراد السلع الأخرى التي سمحت به من الموارد الذاتية الاستيراد بدون تحويل قيمة تجفيفاً لسوق النقد الخارج.
ويرى مراقبون أن قرار خفض قيمة الدولار الجمركي على الرغم من أنه جاء متأخراً لكنه يعتبر البداية الحقيقية لتفادي إنهيار الاقتصاد وتدهور قيمة العملة الوطنية، ويبدو أن قطاع المستوردين سيشهد حراكاً واسعاً ربما تسهم بصورة مباشرة في عودة رؤوس الأموال التي غادرت البلاد جراء زيادة قيمة الدولار والتي وصلت (18) جنيه مؤخراً، فلا شك أن المرحلة الجديدة ستكون جاذبة لقبول متطلبات الحكومة الجديدة الخاصة بمعالجة الأوضاع الاقتصادية مما يمهد لمزيد من التدفقات النقدية والمعاملات المالية والتجارية دون قيود.