مقالات: لابديل للحوار إلا الحوار
أقول ذات ما قال به الأخ المخضرم الأستاذ أحمد البلال الطيب عند ابتداره الحديث مساء أمس الأول الخميس في منتدى (المستقلة) الإعلامي الإجتماعي السياسي الذي ينظمه ناشرها الأخ الصديق علي حمدان مساء كل خميس، فقال أحمد أنه كان أقرب للغياب عن هذا المنتدى من حضوره، ولو أنه غاب لأصابه ندم كبير لعظمة المنتدى، وما دار فيه من حديث. فلقد كانت هناك ظروف تحول دون حضوري، أهمها بدايات نزلة برد كانت تحتاج إلى راحة ونوم مبكر، ثم أني كنت أفكر في الذهاب إلى الأخ الزميل توفيق البدري لتعزيته وأسرته في فقدهم العظيم والدهم الراحل المقيم الزعيم البدري عكاشة، الذي افتقدته منطقة العشرة كلها، ولقد كرمه أهل المنطقة بتسمية الشارع الذي يسكن فيه باسمه، وحسناً أنهم فعلوا ذلك في حياته قبل رحيله إلى الدار الآخرة، فلقد رأي تكريم أهله له في حياته قبل مماته له الرحمة والمغفرة، على عكس ما يقول أهل السودان ويفعلون.
وبحمد الله أني قاومت حمى البرد وآلامها، وأجلت تعزية توفيق وأهله إلى يوم الجمعة التي كانت تحتشد بالمناسبات، زواج بنات أخواني الفريق خلف الله إبراهيم، ومحمد المصطفي قسم الله (سيف الدين قسم الله الكتيابي) وعبد المطلب إدريس (طلب) وانتظرت منتدى المستقلة الذي بدأ بمائدة غداء فاخرة يكرم بها أبو آلاء ضيوف المنتدى كل أسبوع، وشرف اللقاء الأخ الدكتور عبدالرحمن الخضر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، والأخ بشارة جمعة أرور وزير الإعلام والإتصالات وتقانة المعلومات، وعدد مقدر من قيادات الصحافة المشهورين، وكان المنتدى قد خصص لمناقشة الوضع السياسي الراهن، ودور الصحافة والإعلام في تجاوز الأزمة الراهنة، فتحدث الزملاء بشفافية ومسؤولية كبيرة، سواء الذين يناصرون الحكومة، أو الذين يناصبونها العداء، وقدم بعضهم أفكار قابلة للنقاش، وصادف يوم أمس الأول واحداً من أيام تجليات الأخ عبدالرحمن الخضر، فحاز حديثه استحسان الجميع، وصفق له معارضوه قبل مناصريه، ورشحوه لنيل موقع رفيع في المرحلة القادمة، وعبدالرحمن منذ أن عرفته قبل أكثر من أربعة عقود من الزمان يصنف في خانة (أصلب العناصر لأصعب المواقف) وهو من أهل السبق والصدق معاً، وكان الخضر يوم أمس الأول واضحاً وصريحاً وشفيفاً، وكالعهد به دوماً عفيف اللسان، حلو الكلام، وكشف عن حوار يديره الحزب مع كل قوى السودان السياسية الحاضرة والغائبة، عدا الحزب الشيوعي السوداني، وحزب المؤتمر السوداني، وبعض أجنحة أحزاب البعث الذين لديهم موقف مبدئي رافض للحوار مع الحكومة، ومع حزبها الغالب حزب المؤتمر الوطني، وجدد ترحيب حزبهم وحكومته بالحوار مع كل مكونات السودان مهما كان موقفها، ذلك أنهم مقتنعون ألا بديل للحوار إلا الحوار، وهم مستعدون لدفع كل مستحقات هذا الحوار التي يتراضون عليها، مثلما دفعوا من قبل استحقاقات مؤتمر الحوار الوطني، وتنازلوا طواعية عن أغلبيتهم في الحكم على كافة مستويات الحكم الاتحادية والولائية، فتنازلوا حتى صار نصيبهم في الحكم 48% فقط في مقابل 52% للقوى الأخرى المشاركة، وأعلن أنهم مستعدون لتقديم مزيد من التنازلات الموضوعية من أجل جمع أهل السودان كلهم على كلمة سواء، فالحكم عندهم وسيلة وليس غاية.
الأخ الوزير الأستاذ بشارة جمعة أرور نائب الأمين العام لحزب العدالة، معروف عنه الثبات على الحق، والتعاطي مع الحوار بلا سقوف ، مثله مثل مؤسس الحزب أخينا الشهيد الراحل المقيم مكي علي بلايل، والذي أعرفه أيضاً عن قرب منذ أكثر من أربعين عاماً، فتحدث بشارة باسمه، وباسم حزبه، وباسم الحكومة التي ينطق باسمها فيما هو متفق عليه في أروقتها.
ولا بد من كلمة شكر خاصة للأخ علي حمدان على هذا المنبر الذي أوجده للزملاء في مهنة الصحافة والإعلام للتلاقي والتفاكر فيما بينهم، ومع المسؤولين التنفيذيين والسياسيين والتشريعيين الذين يمتلك علي حمدان علاقات واسعة مع كثيرين منهم، وشكر خاص للزملاء الذين يشاركونه في ترتيب المنتدى وإدارته، ويمتد الشكر لجميع العاملين في صحيفة المستقلة الذين يخدمون المنتدى ورواده بتفانٍ وإخلاص لا مثيل له، والشكر للأخوة المسؤولين الذين يستجيبون للدعوات، والشكر لله من قبل ومن بعد.