تحقيق:الصيد الجائر.. القضاء على الحياة البرية..!!
الدندر أول محمية برية سودانية تم تأسيسها في العام (1935)م
السلطات تضبط رخص صيد مزورة بيعت لأمراء خليجيين..!!
ناشط بيئي : هناك ساعات صيد قانونية ويمنع الصيد في موسم التزاوج..!!
تحقيق: ندى بدر
تسهم الحياة البرية بصورة كبيرة في ترقية قطاع السياحة ، مما يقود إلى ارتفاع معدل التنمية في البلاد ، وتعمل قوات الحياة البرية على منع الصيد العشوائي والذي بسببه أصبحت كثيراً من الحيوانات البرية التي ازدانت بها الغابات في وقت مضى مجرد ملصقات وأسماء يتم تدريسها للطلاب وكانت ضحية السلوك غير الحضاري للانسان في تعامله مع تلك الحيوانات مما أدى لإنقراض الكثير منها عن طريق الصيد غير القانوني ، وهو عملية صيد الحيوانات بشكل غير مشروع بما يتناقض مع القوانين المحلية والدولية لحفظ الحياة البرية ، السودان واحد من تلك الدول التي كانت تزخر بالتنوع الطبيعي للحياة البرية ، وكان هدفاً لهواة الصيد من داخل وخارج السودان ، وفي الأيام الماضية تم ضبط رخص صيد مزورة لأمراء خليجيين وكان ذلك محفزاً لفتح ملف الصيد الجائر في السودان، وكيف يمكن الحد من ذلك والحفاظ على ما تبقى من حياة برية؟ في المساحة التالية بعض وجهات النظر.. والمعلومات في هذا الجانب...
محمية الدندر..
يمتلك السودان (8) محميات طبيعية و(4) حرم صيد وطيور ، وفي العام (1935) أسست أول محمية برية سودانية تعتبر من المحميات الكبيرة في القارة الإفريقية في مدينة »الدندر« على الحدود السودانية _ الإثيوبية من أجل حفظ السلالات وحمايتها ، تأوى محمية الدندر ثروة هائلة من الموارد الحيوانية في مساحة تبلغ (103311) كلم ، لكن اختفاء الغابات والتحطيب وضعف الغطاء النباتي والتوسع الحضري والزراعي ضغط على أماكن التوالد البرية.
ومع انحسار أعداد كبيرة من الحيوانات تظل الطيور هي الأوفر عدداً لما يوفره حوض نهر النيل من حماية طبيعة، حيث تمثل ضفافه الممتدة موطناً تاريخياً لأسراب هائلة ونادرة من الطيور المهاجرة والمقيمة، نسبة لثراء محمية الدندر بأنواع مختلفة من قطعان الأسود والنمور والظباء ، فقد كانت هداً دائماً للصيادين الذين يأتي أكثرهم بحجة السياحة خاصة الأجانب دون مراعاة للخطر الناجم عن الصيد الجائر من قضاء على تلك الحيوانات التي تعتبر ثروة قومية للسودان.
خطر الإنقراض!!
قطعان الأفيال والأسود والنمور والفهود والجواميس والظباء والغزلان والتيتل لم تعد تشاهد إلا في المحميات البرية، بينما تعرضت نوعيات أخرى مثل وحيد القرن والوعول البرية وغزلان المها للإنقراص ، والآن تواجه فصائل أخرى من الحيوانات والطيور خطر الإنقراض ، كما أن الأرانب ، طيور الكنار ، الحبار وطائر الكرك المهاجر والأوزر والنعام تمثل صيداًَ ثميناً للقناصين بهدف بيع الجلود والريش مما قد يكون سبباً في الثراء للقناصين الذين يقوم بعضهم بعملية (التجميع) وهو اصطياد كميات كبيرة من تلك الحيوانات وبيعها أو تهريبها خارج السودان ، الادارة العامة للحياة البرية أوضحت في تصريحات صحفية أن الغزلان والطيور الجارحة والأرانب البرية من أكثر الحيوانات عرضة للصيد بعد قلة أعداد الأفيال والنمور، وهذه الأصناف مهددة بالإنقراض ، وبناءً على ذلك فقد قررت السلطات ايقاف صيد الغزلان لمدة أربع سنوات حتى يتم القضاء على الصيد الجائر .
في الايام الفائتة أعلن ناشطون سودانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تدشين حملة لتسليط الضوء على الصيد الجائر في السودان خاصة بعد الصور التي تم تداولها في مواقع التواصل الإجتماعي لأشخاص من جنسيات عربية ، يستعرضون أعداداً كبيرة من الغزلان والطيور والأرانب تم قنصها في رحلات صيد ، ويعتبر ذلك تعدي على الحياة البرية في السودان لذا لابد من التشدد في منح تصاريح الصيد لحماية تلك الثروات.
فقدان الثروة!!
في ثمانينيات القرن الماضي كان السودان زاخراً بالتنوع الطبيعي للحياة البرية ، لكن موجة الجفاف التي ضربت المنطقة في منتصف تلك الفترة أدى إلى إنقراض العديد من الأنواع النادرة من الطيور والحيوانات التي أصبح بعضها لا يمكن رؤيته إلا في المحميات البرية ، كما تواجه أنواع أخرى خطر الإنقراض لأسباب عديدة أهمها الصيد الجائر ..
محمود عثمان ( أحد أعضاء اتحاد القناصين السودانيين) تحدث إلينا حول الصيد الجائر في السودان، وقال إن ممارسة الصيد بهذه الطريقة سيؤدي إلى فقدان الثروة البرية بأكملها ونحن نحاول نشر الوعي في هذا الجانب والتنبيه إلى ضرورة ممارسة الصيد كهواية وليس من أجل الربح ولابد من الإلتزام بالمحافظة على الحياة البرية وذلك من خلال عدم الصيد في موسم التزاوج وتكمن المشكلة في تلك التراخيص التي يتم منحها لبعض الأجانب والذين لا يلتزم أكثرهم بقوانين الصيد ويجب حماية بعض أنواع الطيور النادرة المعرضة للإنقراض .
اما صلاح السيد (من هواة الصيد) فقد أوضح انه يعشق صيد الحيوانات البرية خاصة الأرانب التي يقوم بتربيتها في منزله إلى جانب بعض الطيور لكنه يدرك تماماً ضرورة الإلتزام بقوانين الصيد حتى يحافظ على وجود هذه الحيوانات ، وقال إنه يشاهد بعض الصور لحيوانات تم اصطيادها بصورة قاسية بواسطة أجانب مما يشعره بالحزن، وناشد الجهات المختصة بضرورة تكثيف الرقابة على محمية الدندر ومحلات تواجد تلك الحيوانات النادرة وحمايتها من الصيد الجائر الذي يقوم به بعض الأجانب.
انتهاك القوانين!!
منتصر عبدالوهاب (ناشط بيئي) تحدث عن الصيد الجائر في السودان موضحاً أن القانون عادة ما يعاقب على انتهاك لوائح وقوانين الصيد ، كما انه يعتبر قتل الحيوانات البرية صيد غير قانوني ، خاصة أن السودان يذخر بأنواع مختلفة من الحيوانات البرية والتي لم تسلم من يد البشر، اما للحصول على جلود تلك الحيوانات أو لحومها ، وأشار منتصر إلى أن الأفيال تعتبر من أكثر الحيوانات التي تعاني من الصيد الجائر ، وذلك للحصول على العاج أو سن الفيل لذلك تم حظر صيد الأفيال من أجل الحصول على العاج ، ولكن ذلك لم يحد من الخطر المحدق بهذه الأفيال في كثير من أنحاء افريقيا ، ولابد من الإشارة إلى أن أنواع كثيرة من الحيوانات قد اختفت وأنواع أخرى مهددة بالإختفاء من كوكب الأرض نتيجة للصيد الجائر ، وقد حاولت بعض جمعيات البيئة الحفاظ على الأنواع النادرة في محمية الدندر، لكن ما زالت مشكلة الصيد الجائر قائمة، وعموماً يمنع الصيد في موسم تزاوج أو تكاثر الحيوانات ، كما يمنع الصيد في حال عدم حيازة رخصة ، وهناك ساعات صيد قانونية محددة يمنع الصيد خارجها في بعض البلدان ، كما يمنع استخدام أسلحة غير شرعية للصيد ويحظر صيد الحيوانات المعرضة للانقراض ، وقد اتخذت بعض الدول العديد من الخطوات والإجراءات لوقف الصيد الجائر والتعدي على الحياة البرية ، وذلك بوضع حراسة مشددة على الغابات والبحيرات، إضافة إلى وضع أجهزة مراقبة ، كما قامت بعض الدول بإنشاء محميات لحماية الأنواع المهددة بالإنقراض.
رخص مزورة!!
حمل رخصة الصيد هو الخطوة المهمة للسماح للشخص بممارسة هواية الصيد في وقتها المحدد ، وهناك بعض الأجانب الذين يقودهم ثراء السودان بالحيوانات البرية إلى السعي للحصول على رخص الصيد مهما كلفهم الأمر ، وفي الايام الماضية ضبطت السلطات رخص صيد مزورة بيعت لـ(3) أمراء خليجيين عبر أجنبي يحمل الجنسية السودانية.
ودونت نيابة أمن الدولة بلاغاً ضد المتهم الذي قام بتزوير رخص الصيد بدقة عالية جداً ، وقام المتهم بتزوير مستندات عبارة عن فورمات بيانات بجانب مستندات عليها أسماء ضباط شرطة حماية الحياة البرية وتزوير توقيعاتهم بدقة منقطعة النظير ، كما قام المتهم بتزوير الأختام الخاصة بتلك الإدارة الشرطية وكل إجراءات منح رخصة الصيد، ومن ثم قام بالإستيلاء على أموال طائلة بالعملات الحرة نظير بيع تلك الرخص المزورة لـ(3) من أمراء دولة خليجية قدموا إلى البلاد في رحلة صيد وسياحة ، وقد كشفت الشرطة المختصة الرخص المزورة وقامت بملاحقة المتهم الأجنبي وألقت القبض عليه ليدون اعترافاً بتزوير الرخص، وأظهرت التحقيقات لاحقاً أن المتهم مكث بالبلاد نحو ثلاثة أعوام وبتفتيش متعلقاته عثرت الشرطة على عدد من الهويات والأوراق الثبوتية المتعددة التي حصل عليها المتهم من بينها هوية إماراتية وهويات أخرى، وسجل المتهم اعترافاً قضائياً بارتكابه للجريمة وتم تدوين بلاغ في مواجهته بنيابة أمن الدولة .