مقالات: واستعجل الأصوليون

قالوا إن الثورات يخطط لها الفلاسفة وينفذها الشجعان وينهض إلى مقدمتها الأصوليون.
وهذا الحديث لما بعد نجاحها ... ولكن الأصوليون هذه الأيام قد باعوا الفرو قبل صيد الدب!..
لقد تحولت شعارات غضبة الجماهير الأُولى إلى أخرى نعرفها ونحترفها .. منذ أيام الثانوي مروراً بالجامعات ،كانت في أركان النقاش وفي صحف الحائط وفي كتابات على الجدران
شخصياً أتلذذ بها، فيها شاعرية حقيقية ، وكم كنت أنشد لمحجوب شريف ما كتبه وجثة الشفيع أحمد الشيخ معلقة في مشنقتها
شوفوا بطلنا حلًّق
خلا الموت معلًّق
ولا أزال أتتبع هذه الشعارات تهز عاطفتي لأن جرسها ناعم .. لكني لم أتمنى أبداً أن يصعد الحزب الشيوعي، ولا قوى اليسار الى ُسدة الحكم ، كما لم أحب الطائفية والأحزاب .. في يقيني أن هذا البلد المختلف يجب أن يحكم حكما مختلفاً .. يعرف حكامه أشواق هذا الشعب والأشواك التي تواجهه .. شعب يحب السلامة وطيب يجب أن تبقى أسرة نومه في الحيشان كما كان؛ أبداً يتعرض لنسمات الصيف ويلتحف من شتاء الأيام ويجري بالمرتبة من الأمطار إلى داخل الحجرات ..
لكن بعض من يريدون حكمه سيحاكمونه بما يهوونه هم ، فيهوى الوطن إلى فوضى..لا أخاف الفوضى المسلحة بأ كثر من فوضى مجتمعية رأينا بعض غرسها وساقها وطلعها الهضيم..
انتشرت المخدرات والمواخير الراقية وأضحى الواتساب والنت المتحكم الأول، فإذا بجرائم وامراض مجتمعية تصيبنا رغم هذه القبضة الاسلامية حقيقة أو مدعاة
ولكن إن تبعنا أهل الشعارات المدغدغة هذه دقيقنا سيضحى رقيقاً دقيقاً ولن نجد الوطن لدقيقة..
أتمنى صادقاً أن تغادرنا هذه الوجوه المحفوظة والمتحفزة بالجوكر على الدو فأخرجت اللعبة من معناها ولكن ليس بهذه الطريقة..
لما وجد ابي عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس أن الفرقة والشتات جعلت الصليبيين يستفردون بالممالك الاسلامية في الأندلس أرسل إلى بعض حكام تلك الممالك عارضاً عليهم حلفاً بأن يكونوا هم الحكام؛ وقال قولته المشهورة
خير لي أن أرعى إبل بنو الأحمر من أن إرعى خنازير الفونس.
لو كان من سيخلف هذه الفئة الحاكمة من بني الوطن بدون أن يخربوا البلاد فسنهتف معهم ولكن .. ملايين السودانيين ممن لم يخرجوا كانوا يقولون ما قاله رجل من أهلي وبلادي قتل الجنوبيون ولده لما كان ولده يقود سيارة فاصطدم بامرأة ؛ فقتله أهلها... قال ذلك الرجل لأهله وقد جاءوه من كل فج يرجونه أن يسمح لهم بالثأر : «موت ولد ولا خراب بلد»
ولا يزال السيد الصادق المهدي يرسل الأمثال فقال وقد حفظ له الناس مقالة الدخان وتركوا مقالة الأمان «من فش غبينته خرب مدينته»
ولا نزال نريد كل مدننا بسلام...
بلاد نجوع.. نشبع فيها..
نسجن أو نطلق الصدر فيها..
فيها الذي ينزع الروح منها..
وغيها الذي يسكب الروح فيها..
لكن يرف كريماً عليها العلم..